كلفة الحبة الواحدة نصف دولار.. المكدوس السوري إلى العالمية

لم يتسم موسم المكدوس هذا العام عند أم نعيم بسهولته، إذ أن تحصيل مستلزماته أصبح عسيرا، نظرا لارتفاع كلفتها، فصحن المكدوس الملازم لوجبات الفطور السوري، بات صعب المنال خاصة مع ضعف القدرة الشرائية في ظل الاقتصاد السوري المتدهور والرواتب المتدنية.

وأم نعيم امرأة السبعينية ولخبرتها الواسعة خبيرة في تحضير المكدوس، ولهذه الخبرة، اتخذت حياتها منحى جديد، حيث استعانت بها شركة تقوم بتحضير المكدوس في عبوات لتصدر المنتج خارج سوريا.

فكيف باتت المرأة السورية تصدر خبرتها عالميا؟ وما هي قصة المكدوس؟

خبرة "عالمية" في المكدوس

خيرة أم نعيم في المكدوس، منحتها فرضة المشاركة في عمل شركة، إلا أنها لا تشارك فقط في توفير ذلك الطبق للراغبين في الاستمتاع به في الخارج، لكن أجر العمل في الشركة ساعدها أيضا في توفير مستلزمات المكدوس، لتعده لهذا الشتاء لها ولأولادها.

وتقول أم نعيم لبلينكس: "اشتريت هذا العام 100 كيلوغرام من الباذنجان لأقوم بحشوه بالفليفلة المطحونة والجوز والثوم، علما بأنني كنت أشتري سابقا 200 كيلوغرام ولكن الظروف تغيرت".

ورغم تقدمها في السن، تستطيع أم نعيم أن تحشو يوميا 50 كيلوغرام من المكدوس للشركة التي تعمل بها، بعد سلقه وتجفيفه من الماء، حيث تقول أنها "تستمتع بطقوس إعداد المكدوس"، إلا أن نصيب أسرتها من المكدوس المنزلي يتضائل كما تصف، رجوعا لضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، مما جعل تحضير مخزون أكبر أمر مكلف، ومن ثم انخفضت الكمية المعدة من أجل العائلة والأحفاد إلى النصف.

ويبلغ متوسط تكلفة المكدوسة الواحدة الجاهزة للأكل نحو 7500 ليرة سورية أي ما يعادل نصف دولار أميركي.

لكن كيف يُحضر المكدوس؟

تحضير المكدوس يمر بمراحل عدة أولها اختيار الباذنجان ذو القياس الصغير والمتوسط، ولكل بقعة جغرافية في سوريا ذوقها الخاص في اختيار مصدر الباذنجان فالبعض يفضل الباذنجان الحمصي الذي يتسم بالصلابة مقارنة بالحموي والشامي.

ويتم سلق الباذنجان أولا وثم تجفيفه لـ3 أيام وتمليحه بالملح الصخري الخشن حصرا، ومن ثم حشو قلبه بالفلفل الأحمر الحار أو الحلو أو المخلوط حسب الرغبة.

ويطحن الفلفل ويجفف من الماء ويخلط مع الثوم والجوز البلدي والذي استبدله السوريون بالجوز الصيني كونه أرخص من البلدي، ومن ثم يتم صف حبات الباذنجان المحشوة بعبوات زجاجية ويتم غمرها بزيت الزيتون البلدي، وتركه لبضع أيام ريثما تتم عملية التخمر وتظهر نكهة التخليل، وحينها يصبح المكدوس جاهزا للأكل.

قرون من المكدوس

تحتوي قطعة من مكدوس الباذنجان المغمورة بزيت الزيتون على 70 سعرة حرارية في حين تحتوي على 4 غرامات من الكربوهيدرات، أما الدهون فتكون كميتها 5 غرامات، والبروتين غرام واحد.

وتؤكد أغلب المصادر التاريخية أن أصل المكدوس يعود إلى مئات السنوات، وعُرف بين الفلاحين والمُزارعين، خاصة بعد جني المحاصيل في فصل الخريف في بلاد الشام، وتعتبر مدينة حلب المدينة الأولى التي تم اكتشاف طريقة تحضير المكدوس فيها، ومن حلب تم نشره بين المحافظات السورية، ومنها إلى بلاد الشام، وصولا للعالمية.