الـFood Bloggers.. فرص جديدة أم ابتزاز للمطاعم؟
حرية تعبير "الفود بلوغرز" باتت تؤرق العديد من عملائهم وأصحاب المطاعم حديثا، إذ أصبحت السوشال ميديا أداة لهؤلاء البلوغرز لكسب المال مقابل إبداء رأيهم بطعام أحد المحلات على سبيل المثال، لكن ما يثير الجدل هو مدى مصداقيتهم وتأثيرهم الكبير في رأي الزبائن وبطبيعة الحال برزق أصحاب المطاعم.
أقرت "الفود بلوغر" المصرية، منار هشام في حديث خاص لبلينكس، بأن "البلوغرز" قد يتقاضون ما يزيد عن الألف دولار مقابل الترويج لأي منتج دعائي واحد أو التسويق لأصحاب المطاعم، سواء من خلال الابتزاز أو الاتفاق بين الأطراف للدعاية.
استهجان ورفض.. "فزلكة" غير موضوعية
مؤخرا، أبدى صاحب متاجر "بلبن" للحلويات واسعة الانتشار في مصر، إسلام سلامة، استيائه من أداء "الفود بلوغرز"، وعبر عن غضبه صراحة عبر منشور على فيسبوك، بسبب حدود حرية تعبير "الفود بلوغرز" ومدى تأثيرهم على رأي الزبائن.
ينتقد سلامة ردود أفعال بعض الفود بلوغرز السلبية على تجاربهم داخل مطاعمه، ويقول "عزيزي الفود بلوغر، لما بعمل صنف جديد بعمله عشان يتاكل على بعضه، مش عشان تدوق الصوص لوحده مثلا وتقولي حادق، ما أنا عامل حسابي أن في حاجات تانية بتوازن الحدوقية دي، أرجوك بلاش فزلكة عشان اتخنقنا، واطفح الأكل على بعضه".
غضب سلامة فتح شهية بعض الأشخاص على مواقع التواصل الاجتماعي للتفاعل مع منشوره، وانتقاد تلك الظاهرة التي باتت عالمية منذ سنوات.
بدوره، يجد محمد صلاح، مدير مطعم "أبو طارق" في وسط القاهرة، أن السبيل الأمثل لتجنب هذه الظاهرة وتأثيرها على محله التجاري يكون عبر فريق "سوشال ميديا" خاص به.
ويقول في حديثه لبلينكس، أن الحل الأمثل هو الدعاية الذاتية منعا للتعرض للابتزاز من أي نوع.
يشرح صلاح "في الواقع، نحن نحرص على تجنب الابتزاز أو التأثير السلبي الذي قد ينتج عن تقييمات الفود بلوغرز"، مضيفا "بدلا من ذلك، نفضل استخدام استراتيجيات دعائية خاصة بنا تضمن تقديم خدماتنا بطريقة تعكس الجودة والاحترافية، بعيدا عن تأثيرات غير مضمونة قد تطرأ من بعض التقييمات".
ونتج عن الظاهرة التي باتت منتشرة عربيا ودوليا انتقادات بالجملة، من أصحاب المطاعم.
وفي حادثة في الهند، رفض صاحب مطعم خدمة لمدون فيديو خوفا من تعرضه لانتقادات قد تضر بعمله، وأعاد له المال وطالبه بالمغادرة، مما أثار جدلا واسعا على منصات التواصل.
كما تعرض الفود بلوغر داريوس كوكس لاعتداء من صاحب مطعم ذا ليكينج في ميامي بعد نشره تقييما سلبيا للمطعم.
وانتقد داريوس الطعام والخدمة في المطعم على إنستغرام، مما دفع صاحب المطعم لمواجهته وانتزاع هاتفه المحمول وتهديد مصوره.
وأثارت الحادثة جدلا على وسائل التواصل الاجتماعي، وفي الوقت نفسه، أثارت هذه الواقعة تساؤلات حول مصداقية داريوس بسبب قضايا قانونية واتهامات بالاحتيال.
ترى "الفود بلوغر" المصرية منار هشام، في حديثها لبلينكس، أن الانتقادات التي تواجهها مهنة الفود بلوغر ليست كلها صحيحة، وأن الكثير من الناس يخلطون بين المحتوى الترويجي والمراجعات الصادقة للمنتجات والمطاعم".
وتتابع أنه "غالبا ما يظن الناس أن أي محتوى نتحدث فيه عن منتج هو مجرد إعلان، حتى وإن كان ذلك برعاية مدفوعة، رغم أن بعض المنتجات قد تكون فعلا جيدة وتستحق الحديث عنها".
وتشرح "شخصيا، لا أروج لأي منتج إلا إذا كنت مقتنعة به تماما وأستخدمه بالفعل، لا أتحدث عن أي منتج لمجرد أنه يقدم لي مقابل مادي، وإنما أختار المنتجات التي أؤمن بها وأحبها، وهذا ينطبق على كثير من العاملين في المجال أيضا".
لا تنكر هشام أن هناك العديد من الأشخاص الذين لا يلتزمون بالمصداقية ويقبلون الترويج لأي شيء مقابل المال، ويحصلون على أموال قد لا تقل عن 50 ألف جنيه للترويج "ما يعادل ألف دولار أميركي"، ولكل "بلوغر" تسعيرته الخاصة بحسب عدد متابعيه.
فضلا عن ذلك، يصطحب البعض العشرات معهم ويتناولون الأطعمة في بعض المحال مقابل الترويج من خلال الضغط على صاحب المطعم وهي آفة متواجدة بكل تأكيد وقد تصل سعر الوجبات إلى نحو 20 ألف جنيه (400 دولار تقريبا).
الفود بلوغر أحمد كمال مانجو يرى في حديثه لبلينكس، أن العديد من الانتقادات التي توجه لفود بلوغرز، من ناحية ابتزازهم لأصحاب المطاعم أو عدم المصداقية في تقييم الوجبات لأهواء شخصية صحيحة.
ويشير إلى أن لكل وظيفة جانبين، جانب مشرق وصادق وإيجابي، وآخر لا يتسم بالصدق، وهذا أمر عام ينسحب على المهن والوظائف كافة، مضيفا "هناك من قد يستغل الفود بلوغر لتحقيق مصالح خاصة أو قد يقوم بابتزاز المطاعم من أجل تحقيق مصلحته الشخصية، ولكن لا يمكن تعميم هذا الأمر على الجميع".
و يقول مانجو "بالنسبة لي، أنا دائما أحرص على الحفاظ على المصداقية في جميع تجاربي مع الطعام، فأنا لا أذهب إلى المطاعم فقط لتقييم الأكل، بل أشتري الطعام وأجربه في منزلي وأدفع قيمته بالكامل".
في بعض الحالات، يواجه مانجو بعض المطاعم التي قد تطلب منه تقييم الطعام بشكل إيجابي مقابل منفعة معينة، وهو ما يراه أمرا مشروعا طالما كان هناك اتفاق مسبق فإذا كان هناك اتفاق مع المطعم لتقييم الطعام بشكل صريح، فهذا شيء مشروع طالما كانت النية واضحة من الطرفين، لكنه يؤكد "في النهاية، أنا ملتزم بأن أصف تجربتي كما هي، من دون أي تلاعب أو تأثير خارجي".
اقتصاديا ترى الخبيرة الاقتصادية، سهر الدماطي، نائب رئيس بنك مصر السابق في حديثها لبلينكس، أن طرفي الإعلان أو المنتج ربما يكون رابحين من خلال الدعاية، بيد أن الدولة ربما تواجه مشكلات بالجملة لتحصيل ضرائبها عن هذه النشاطات المستحدثة.
ويشرح أن الدولة وإن تمكنت من إحكام رقابتها على المتربحين من وسائل التواصل الاجتماعي المتزايدين بالضرورة بشكل كبير، فإنها من المستحيل أن تصل إلى الاتفاقات التي تتم بين الأطراف المعنية كون تلك الاتفاقات تكون ربما غير مكتوبة وتتم من خلال الدفع المباشر أو الحوالات التي لا يمكن تحديد مصدرها. ويتابع "بالتالي تعاني الدول من تحصيل ضرائبها ومستحقاتها من تلك النشاطات حتى ولو كان لهؤلاء سجلات تجارية مودعة لدى الجهات المعنية".