أسواق
.
تكاد لا تخلو مناسبة جماعية، أو حتى فردية، من وجود الشوكولاتة، حتى أصبحت جزءا أساسيا من حياة الجميع، وبمناسبة يوم الشوكولاته العالمي، يمكن الكشف عن الحقيقة المرّة في صناعتها، حيث يتم استغلال الأطفال لإنتاج الكاكاو الذي يستخدم من قبل شركات الشوكولاتة الكبرى.
بينما توفر دول غرب إفريقيا، تحديدا غانا وكوت ديفوار، حوالي 70٪ من إنتاج الكاكاو في العالم، يعيش أكثر من مليوني طفل يعملون في صناعة الكاكاو في المزارع حيث يجري استغلالهم بشكل ممنهج لدرجة عمل بعضهم دون أجر ومقابل الطعام فقط في ممارسات شبيهة بالعبودية، بجانب قيامهم بالكثير من الأعمال الخطرة، مثل استخدام المناجل الحادة، التي تتسبب في إصابة بعضهم بعاهات مستديمة، أو حمل الأوزان الثقيلة، ورش المبيدات، التي تعتبرها السلطات الدولية أسوأ شكل من أشكال عمالة الأطفال، وفقًا لوزارة العمل الأمريكية.
مزرعة الكاكاو النموذجية في كوت ديفوار عادة ما تكون صغيرة، تبلغ مساحتها أقل من 10 أفدنة، وتوفر دخلا سنويا زهيدا لصاحبها لا يتجاوز 1900 دولار في العام، وفقًا لبحث أجرته منظمة التجارة العادلة، وهي إحدى المجموعات التي تصدر ملصقا من المفترض أن يضمن للمستهلكين أساليب العمل الأخلاقية لإنتاج السلعة.
هذا المبلغ أقل بكثير من المستويات التي يعرّفها البنك الدولي بالحد الأدنى للفقر، ويعود السبب خلف عمالة الأطفال إلى الفقر وقلة التعليم، حيث أن أكثر من 50٪ من سكان كوت ديفوار يعيشون دون كهرباء، ووفقا لليونسكو، تصل نسبة الأمية إلى نحو ٥٦٪ من السكان.
فيلم وثائقي دنماركي انطلق من رف سوبر ماركت، عندما لاحظ الصحفي ميكي ميستراتي تأكيد كبريات الشركات أن العمل في مزارع الكاكاو يستخدم أساليب "التجارة العادلة" فقرر اختبار هذا الادعاء، وقرر السفر إلى كوت ديفوار وغانا، ووجد أن الأطفال التي ينتجون الكاكاو يباعون للمزارعين من قبل ميليشيات محلية مسلحة، وينتهي بهم المطاف للعمل من 14 إلى 16 ساعة يوميًا.
التحقيق الدنماركي "الجانب المظلم للشوكولاتة" أشار إلى معرفة شركات عالمية كبرى بهذه الممارسات التي تقترب من العبودية، لكن في العام 2019، وجدت شركات نستله ومارس وهيرشي أنفسهم في قلب دعوى قضائية كشفت عن تواطؤهم في إدامة ممارسات عمالة الأطفال في إنتاج الكاكاو.
اتُهمت الشركات بتوريد حبوب الكاكاو من دول غرب إفريقيا، حيث تنتشر عمالة الأطفال. هؤلاء الأطفال، وبعضهم لا تتجاوز أعمارهم ٦ سنوات، تعرضوا لظروف عمل خطرة وساعات عمل طويلة وحرموا من التعليم. أحدثت الدعوى القانونية موجات صادمة، ما أدى إلى زيادة الوعي بين المستهلكين حول الواقع المظلم وراء "تحليتهم" المفضلة.
المحكمة العليا الأميركية رفضت الدعوى، ليس بسبب ضعف أدلتها وإنما لعدم اختصاصها بالنظر في القضايا التي تتضمن حالات عنف وقعت خارج الدولة.
في حين أن قضية عمالة الأطفال في صناعة الكاكاو مقلقة للغاية، هناك تهديد مقلق بنفس القدر يلوح في الأفق حول مستقبل إنتاج الشوكولاتة. تواجه حبوب الكاكاو، المزروعة بشكل أساسي في دول غرب إفريقيا مثل غانا وساحل العاج، تحديات متعددة، بما في ذلك تغير المناخ، وأمراض النباتات، وإزالة الغابات.
أدت هذه العوامل إلى انخفاض إنتاج الكاكاو، ما أثار مخاوف بشأن استدامة هذا المحصول الحيوي على المدى الطويل. في ساحل العاح، توظف زراعة الكاكاو ما يقرب من ٦٠٠ ألف مزارع، ويمثل إنتاج الكاكاو 15٪ من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، أما في نوفمبر الماضي، دقت جمعية Anouanze التعاونية التي تساعد المزارعين على جلب محاصيلهم إلى الأسواق ناقوس الخطر، بالقول إن منتجي الكاكاو تضرروا بسبب تغير أنماط هطول الأمطار التي ألقي باللوم فيها على أزمة المناخ.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة