كوارث طبيعية

حل بايدن للتغير المناخي.. شفّاطات عملاقة بـ3.5 مليار دولار

نشر

.

Muhammad Shehada

مصطلحات مثل "الاحتباس الحراري" و"الوصول لنقطة اللاعودة"، هي الأكثر ترددا في الساحة الآن، بجانب معاينة ظواهر الطقس المتطرفة كالعواصف والأعاصير، وانخفاض الإنتاج الزراعي، مع تتابع قمم الأمم المتحدة للمناخ ومناقشة حلول جذرية لتلك الظاهرة وإيجاد طرق للتكيف معها.

الرئيس الأميركي جو بايدن وجد حلاً للمشكلة لكنه يبدو غريبا بعض الشيء: شفّاطات هواء عملاقة، تسحب ثاني أكسيد الكربون وغازات الدفيئة من الجو كما لو كانت أشجاراً اصطناعية. فما قصة تلك المراوح التي يراهن عليها البيت الأبيض بنحو 3.5 مليار دولار؟ وهل تنجح حقاً في معالجة الاحتباس الحراري؟ وما علاقة ذلك بمشروب كوكاكولا؟

ما الذي يحدث؟

في ولايتي تكساس ولويزيانا الأميركيتين، تقول وزارة الطاقة في حكومة الرئيس جو بايدن إنها تموّل مشاريع بقيمة 1.2 مليار دولار لتطوير واختبار شفاطات هواء عملاقة تعمل على تنقية الهواء من ثاني أكسيد الكربون وتخزين الغازات المسببة للاحتباس الحراري تحت الأرض، بحسب صحيفة واشنطن بوست.

هذا الاستثمار الضخم يأتي كجزء من خطة للبيت الأبيض لتمويل قدره 3.5 مليار دولار لمشروعات في هذا المجال، وسط منافسة من 11 شركة على تلك العطاءات الحكومية في مختلف الولايات الأميركية وفقاً لوكالة رويترز.

كيف تعمل المراوح؟

فكرة شفاطات ثاني أكسيد الكربون ليست جديدة. فقد استخدمتها الولايات المتحدة في الغواصات البحرية ومحطات الفضاء لتنقيتها من الكربون الناتج عن تنفس الطاقم، بحسب تقرير لموقع دويتشه فيله الألماني.

في تشابه مع طريقة عمل الأشجار والنباتات في الطبيعة، فكرة الشفاطات العملاقة قائمة على إدخال الهواء الملوث بغاز ثاني أكسيد الكربون للمحطة من قِبل مراوح داخلية تشبه مراوح أجهزة المكيفات الكهربائية.

تجري تنقية الهواء من الشوائب في المرحلة الأولى أثناء نقله لمحطة الامتصاص التي تقوم بتبريد ذلك الهواء، ومن ثم نقله لمنطقة بها سوائل كيميائية تعمل على امتصاص الكربون، وفي النهاية يُنقل ثاني أكسيد الكربون لمعالجات إضافية تقوم بتخزينه، بينما يخرج الأوكسجين إلى الجو مرة أخرى.

في بعض الحالات، تُبنى محطات الشفط تلك مباشرة أعلى المصانع التي تستعمل الوقود الأحفوري كالفحم، لتمنع غاز ثاني أكسيد الكربون من التسرب إلى طبقات الجو.

توجد مئات المحطات التجريبية بهذا الشكل وحوالي 50 محطة كبيرة الحجم حول العالم بحسب DW. وفي حالات أخرى، تبنى الشفاطات العملاقة في مناطق فارغة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون من الجو بشكل مباشر، حيث توجد فقط حالياً 15 محطة بهذا الشكل حول العالم.

علاقة كوكاكولا بالشفاطات العملاقة

عندما تشرب مشروب الكوكاكولا الشهير، تخرج فقاعات على سطح المشروب تعطيه هذا الطعم الفوار. في المستقبل القريب قد يكون مصدر الفقاعات تلك هو جزء من محاولات إنقاذ الكوكب من التغير المناخي.

ففي العام الماضي، أعلن مندوب عن شركة كوكاكولا بأنهم يستخدمون ثاني أكسيد الكربون الذي تستخرجه شركة Climeworks من شفاطات الهواء العملاقة بنسبة 30% من منتجات المياه الفوارة للشركة وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال.

يمكن أيضاً استخدام الكربون الذي تستخلصه الشفاطات العملاقة في صناعة رماد الصودا، أو كربونات الصوديوم، التي تدخل في صناعة الزجاج والصابون والمنظفات المنزلية، وفي المخبوزات، ومعالجة المياه الملوثة، وصناعة معجون الأسنان.

كما يمكن استخدام هذا الكربون في الدفيئات الزراعية لرفع حرارتها الداخلية بحسب DW، أو تحويله إلى مادة صلبة داكنة اللون كحجارة البناء. وهناك أيضاً خيار آخر معروف باسم المصادرة أو التخزين العميق sequestration، حيث يتم تخزين الكربون على أعماق تتراوح بين 3 و4 كيلومترات تحت سطح الأرض، حيث يبقى آمناً لملايين السنين.

هل شفاطات الكربون عملية؟

فعالية ونجاعة الشفاطات العملاقة مرتبطة بتكلفة تلك العملية من حيث كلفة بناء المحطات وكلفة الطاقة المستخدمة في حبس الكربون من الهواء علاوة على السعة الاستيعابية لتلك الشفاطات، أي كم طن من الكربون تستطيع إلتقاطه؟

حالياً تكلفة بناء شفاط واحد في محطة التقاط الكربون تبلغ 220 ألف دولار بحسب وول ستريت جورنال، بينما تستهلك تلك المحطات كميات كبيرة من الطاقة لتكرير وتنقية الهواء، ما يعني ارتفاع كلفة العملية، ما يعني أيضاً الحاجة لاستخدام المزيد من الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة المستخدمة في التقاط انبعاثات الوقود الأحفوري في المقام الأول.

لذلك، تقول الصحيفة بأن تكلفة التقاط الكربون الناتج عن فرد واحد في الولايات المتحدة في شهر واحد (من مختلف الأنشطة كمشاهدة التلفاز أو ركوب السيارة للعمل) تتراوح بين 600 إلى 900 دولار. وهو المبلغ اللازم لتكرير طن واحد من الكربون. لكن بعض الخبراء يبدون تفاؤلاً بأن تصبح تلك التكنولوجيا أقل كلفة وأكثر كفاءة في المستقبل، حيث تعتبر اليوم في أولى مراحل تطويرها.

ماذا سنفعل بـ٣.٨ مليار طن من الكربون؟

بحسب تقديرات العلماء، علينا إزالة ما يعادل 3.8 مليار طن من ثاني أكسيد الكربون من الهواء بشكل دائم سنوياً بحلول عام 2050 لإبقاء نسبة التغير المناخي عند 1.5 درجة مئوية (وهي الدرجة التي لا يجب تخطيها للمحافظة على قابلية واستمرارية الحياة على الكوكب). بينما أقصى نسبة من إزالة الكربون من الجو حدثت حتى هذا العام كانت 2 مليون طن سنوياً، أي ما يعادل 0.05% من الكمية المطلوبة.

علاوة على ذلك، تركيز ثاني أكسيد الكربون في الهواء يقل عن 0.04%، بحسب الدكتورة ساندرا كينتش من جامعة ميلبورن، بينما يبلغ تركيزه في مصانع الأسمنت نحو 30%، وهو ما يعني الحاجة لبناء محطات إزالة الكربون مباشرة عند مصادر تلوث الهواء بدلاً من بنائها في مناطق فارغة لالتقاط الكربون من الجو.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة