كوارث طبيعية
.
حصيلة ضحايا السيول والفيضانات التي اجتاحت مدينة درنة الليبية في ارتفاع مطّرد ولا يبدو أن لها سقفا نهائيا حتى الآن، خصوصا بعدما تضافرت عوامل مناخية متعلقة بالعاصفة، ولوجستية متعلقة باهتراء البنية التحتية لسديّها، وجغرافية متعلقة بطبيعة المدينة ووجودها على ضفتي النهر الذي يحمل اسمها.
آخر الإحصائيات الرسمية أشارت صباح الخميس إلى سقوط أكثر من 7 آلاف قتيل، قبل أن يعلن الهلال الأحمر الليبي إلى ارتفاع الأعداد إلى أكثر من ١١ ألف شخص، بجانب فقدان نحو ٢٠ ألف آخرين.
وطالب المسؤول الإعلامي بوزارة الداخلية محمد أبو لموشة، بتدخُّل دولي للمساعدة في جهود الإنقاذ وحماية المتضررين من الفيضانات غير المسبوقة، مؤكدا تواصل "عمليات البحث عن المفقودين وإنقاذ العالقين والمتضررين من قبل فرق إنقاذ محلية".
بدورها، أعلنت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة، في بيان على منصة "إكس"، أن "ما لا يقل عن 30 ألف شخص نزحوا في درنة بسبب العاصفة دانيال، و3 آلاف شخص في البيضاء، وألف شخص في المخيلي، و2085 شخصاً لا يزالون نازحين في بنغازي".
درنة مدينة جبلية تقع على ساحل البحر المتوسط في شرق ليبيا، يحدها من الشمال البحر الأبيض المتوسط، ومن الجنوب سلسلة من تلال الجبل الأخضر، ويشطرها لنصفين مجرى الوادي الذي يعد من أهم معالمها.
امتلأ الوادي بمياه الأمطار التي سببها إعصار دانيال، وارتفع مستواها بشكل غير مسبوق، لتشكل طوفاناً وضغطاً هائلاً على أهم سدين يحجزان المياه في الوادي، فانهارا، ما أدى إلى ارتفاع أعداد الضحايا والخسائر المادية.
أظهرت دراسة، قام بها الباحث عبد الونيس عبد العزيز عاشور من كلية الهندسة في جامعة عمر المختار بالبيضاء، نشرت في نوفمبر من العام المنصرم، أن أكثرية المساكن مبنيّة داخل حوض وادي درنة، ما يجعل سكانها مهددين في حال وقوع فيضان.
وهوما حدث بالفعل حين جرفت مياه سيول وفيضانات العاصفة "دانيال"، المناطق القريبة من مجرى الوادي، وخلَّفت آلاف القتلى والمفقودين.
الدراسة خلصت أيضاً، إلى أن الوضع في حوض وادي درنة، يحتّم على المسؤولين اتخاذ إجراءات فورية بإجراء عملية الصيانة الدورية للسدود القائمة، لأنه في حالة حدوث فيضان ضخم، فإن النتيجة ستكون كارثية على سكان الوادي والمدينة، داعية إلى ضرورة إيجاد وسيلة لزيادة الغطاء النباتي لتقوية التربة ومنعها من الانجراف.
عبد الونيس عاشور، بوصفه خبيراً في شؤون المياه، قال في ورقته البحثية أيضاً، إن درنة معرضة لخطر السيول المتكررة عبر الوديان الجافة، واستشهد بوقوع خمسة سيول منذ عام 1942.
ودعا حينها إلى اتخاذ خطوات فورية لضمان الصيانة المنتظمة للسدود في المنطقة، محذراً من مغبة وقوع سيول عارمة.
وقال "إنها ستكون كارثية على السكان في الوادي والمدينة، وهو ما حصل يوم الإثنين عند مرور العاصفة المتوسطية دانيال بالمنطقة".
يشار إلى أن تقرير ديوان المحاسبة الأخير، رصد تخصيص مبالغ لمشروع صيانة وإعادة تأهيل سديّ درنة وأبو منصور (السدين المنهارين) بمبلغ 2.28 مليون يورو للإشراف على الصيانة، بالإضافة إلى مشروع تجميع مياه وادي درنة المرحلة الثانية، بقيمة 1.32 مليون يورو.
حذر الباحث بن عاشور من خطورة حدوث بعض الأضرار في المنشآت الهيدروليكية القائمة والمتمثلة في سدي وادي درنة وذلك بعد فيضان عام 1986، ومن تآكل التربة في حوض الوادي بسبب مياه السيول التي كانت تمثل مصدر قلق كبير.
This combination of satellite images from Maxar Technologies shows port facilities in Derna, Libya, on July 1, 2023, top, and the same flood damaged area on Wednesday, Sept. 13, 2023. The destruction came to Derna and other parts of eastern Libya on Sunday night, Sept. 10, 2023. As the storm pounded the coast, Derna residents said they heard loud explosions and realized that dams outside the city had collapsed. Flash floods were unleashed down Wadi Derna, a river running from the mountains through the city and into the sea. (Satellite image ©2023 Maxar Technologies via AP)
ويقع السدّان المنهاران، وهما سدّ أبو منصور وسدّ البلاد، جنوبي مدينة درنة، مع قرب الثاني من مداخل المدينة، ويبلغ ارتفاعهما حوالي 40 متراً فقط، قبل أن يتحولا إلى ركام.
أما تاريخيا، فقد كانت مدينة درنة قد تعرضت لفيضانات عديدة، وتحديداً في عام 1941، و1959، و1968.
واستنادا لدراسات، توجب بناء السدود لحماية درنة من تلك الظواهر الطبيعية، قبل أن تبني شركة يوغسلافية السدين في سبعينات القرن الماضي، بقلب من الطين المضغوط، مع درع مُحيط من الحجر والصخور، وسُمي السد العلوي بـ"سد البلاد"، بسعة تخزين تبلغ 1.5 مليون متر مكعب من المياه.
أما السد السفلي، وهو أبو منصور، فلديه سعة تخزينية تصل لـ22.5 مليون متر مكعب.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة