سياسة

لافتة في مطار إسرائيلي تثير مخاوف أفراد الجيش

نشر

.

Muhammad Shehada

"عزيزي المسافر الإسرائيلي، تأكد قبل الخروج من إسرائيل أنه لا توجد قضية مرفوعة ضدك في المحكمة الجنائية الدولية". لافتة على مدخل مطار بن غوريون في تل أبيب تعبّر عن خوف عميق انتشر في أوساط الجيش الإسرائيلي مؤخراً.

بموجب التعديلات القضائية الإسرائيلية التي تحاول حكومة بنيامين نتنياهو تمريرها، فإن الجنود الإسرائيليين صاروا معرضين للملاحقة أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي.

التعديلات القضائية

"في اللحظة التي تمر فيها الإصلاحات القضائية، فإن ضباط الجيش الإسرائيلي الذين يقومون بتفعيل القوة النارية، كعناصر سلاح الجو، وقادة المناطق، وجنود المدفعية والمدرعات، كلهم سيكونون معرضين للمحاكمة في الخارج"، هذه مخاوف العميد، احتياط، في الطيران الحربي الإسرائيلي يارون روزين الذي شارك في حروب غزة الثلاثة ما بين 2008-2014.، مضيفا "نحن لن نتمكن من السفر لخارج البلاد. فلن يكون هناك أي فرق بيننا وبين ضباط المجلس العسكري في ميانمار".

التعديلات التي تحاول حكومة نتنياهو تمريرها ستقوض استقلالية القضاء الإسرائيلي في نظر المجتمع الدولي، ما يعني بطلان مبدأ التكامل القضائي والمحاسبة، وبالتالي قدرة المحاكم الدولية على التحقيق وملاحقة عناصر الجيش الإسرائيلي، وبالتالي خطر بالغ على الأمن الشخصي للجنود والضباط الإسرائيليين عند السفر للخارج.

مَن أكثر المتضررين؟

جنود وضباط الاحتياط في سلاح الطيران الذين يعملون في شركات طيران مدني كبرى، وبالتالي هم الفئة الأكثر عرضة للمحاكمة في لاهاي.

تسبب هذا الخوف في حالة كبيرة من التسرب من الخدمة بين عناصر الاحتياط، أو الامتناع عن المشاركة في عمليات الجيش من عناصر الخدمة الأساسية.

تفاقم المشكلة

توجد مجموعات على تطبيق واتساب لجنود الاحتياط في كل سرب من سلاح الجو الإسرائيلي لمناقشة الأمور اللوجستية. هؤلاء يشكلون الجزء الأكبر من طاقم العمليات الجوية.

الرسائل المتبادلة بين الجنود على هذه المجموعات "تغلي" بالغضب، ويشجع الجنود بعضهم على التهرب من الخدمة كالنار في الهشيم. الحجة المتكررة في هذه المحادثات هي أن القوانين الجديدة قد تجعل الجنود أكثر عرضة للإجراءات القانونية في الخارج.

بشكل متزايد، يطلب طيارو الاحتياط ورفاقهم في الخدمة، على حد سواء، تأجيل تواجدهم في تدريبات أسرابهم، حسب تقرير لصحيفة هآرتس العبرية.

أفراد المخابرات يهربون أيضا

حالة العصيان هذه انتشرت في أوساط أخرى من الجيش، فبحلول نهاية شهر مارس كان قد أعلن الآلاف من جنود الاحتياط رفض الخدمة العسكرية بالإضافة لـ ١٥٠ من نخبة المخابرات السيبرانية 8200، بالإضافة إلى ١٠٠ من ضباط وحدات العمليات الخاصة والعشرات من ضباط المخابرات.

تفاقمت مشكلة رفض الخدمة بشكل كبير بعد إقالة رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لوزير دفاعه يوآف غالانت بعد تعبيره عن مخاوفه وتحفظاته على خطة الإصلاح القضائي.

المنظومة الأمنية

سلاحا الجو والاستخبارات هما مكمن القوة العسكرية لإسرائيل مقارنة بأي فرع آخر للجيش، ويعتمد سلاح الجو على نسبة كبيرة من جنود الاحتياط في الأطقم الجوية.

بالتالي فإن الانخفاض في استعداد الطيارين الاحتياطيين والأساسيين للخدمة يؤثر على قوة الجيش الإسرائيلي بشكل عام وقدرته على الرد على أي ضربات وجهوزيته لشن حملات عسكرية، خاصة بعد تهديد بعض طياري الاحتياط بأنه "لن تكون هناك ضربة لإيران مالم تتوقف تشريعات تعديل القضاء الإسرائيلي".

منذ تأسيس الدولة، يحظى الجيش الإسرائيلي بمكانة شبه مقدسة كأحد أبرز الرموز الوطنية. لكن في العقدين الماضيين انخفضت مكانة الجيش وتنامت ظاهرة التسرب من الجيش في أوساط الشباب حتى بلغت النسبة 40% في 2021.

بحجة الدراسة الدينية التي تعفي الشباب من الالتحاق بالخدمة، أو إدعاء أمراض جسدية أو نفسية أو التحجج بأسباب عائلية، أو التواجد خارج البلاد.

اعرف أكثر

لماذا لا يخضع جنود إسرائيل للملاحقة الآن؟

تعمل محكمة الجنايات الدولية وفق "مبدأ التكامل"، الذي يعني أنه إذا تكفلت منظومة قضائية مستقلة في دولة ما بالتحقيق بـ"شكل نزيه" في مزاعم ارتكاب انتهاكات حقوقية فإن المحكمة الدولية لا تتدخل في هذه الحالة وتمتنع عن التحقيق أو الملاحقة القانونية في تلك الدولة، بغض النظر عن مخرجات العملية في القضائية.

وهذا ما يجنّب جنود الجيش الإسرائيلي الآن من أي ملاحقة جنائية دولية.

نعم. امتنعت محكمة الجنايات الدولية عن اتخاذ أي إجراء ضد عناصر الجيش البريطاني الذين خدموا في العراق، على الرغم من توثيق نفس المحكمة جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة ارتكبها هؤلاء الجنود.

السبب في ذلك تعهد القضاء البريطاني بإجراء "تحقيق نزيه" في الأمر، ما يفُعِّل "مبدأ التكامل"، حتى وإن انتهى التحقيق البريطاني لعدم اتخاذ أي إجراء ضد الجنود.

التسرب عبر الخدمة داخل الجيش.. كيف؟

اعترفت قيادات بالجيش أن المجندين الجدد يفضلون الانضمام للوحدات السيبرانية بدلاً من الخدمة في قوات المشاة الميدانية، نظراً لفرص العمل الأفضل التي يخلقها العمل هذه الوحدة بعد انتهاء الخدمة العسكرية الإلزامية.

وصلت حالة الاستقطاب السياسي إلى صفوف الجيش بين مؤيد ومعارض لأكثر حكومة يمينية في تاريخ البلاد.

الآن يسيطر الخوف والغضب على قيادات الجيش وجزء من ضباطه، بينما تحظى بعض سياسات الحكومة بشعبية واسعة بين الجنود بسبب تعهد الحكومة تمرير قانون الحصانة المطلقة للجنود الذي يوفر لهم حماية من أي تحقيق أو محاكمة في حال قتل الفلسطينيين بشكل مخالف للتعليمات أثناء العمليات الميدانية. هذه الحصانة تسري فقط داخل إسرائيل، بينما يقلق الضباط والجنود، الذين يتطلب عملهم سفرا خارجيا، من الملاحقة.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة