سياسة

بن غفير يحاكي "الثوري الإيراني"

نشر

.

Muhammad Shehada

أول لقاء رومانسي جمع بين الشاب إيتمار بن غفير، وزوجته أيالا نمرودي كان عند قبر وضريح أحد أخطر إرهابيي إسرائيل وأكثرهم دموية، حتى من وجهة نظر الحكومة الإسرائيلية نفسها، باروخ جولدشتين مرتكب مذبحة الحرم الإبراهيمي عام 1994.

بعد زواجه من إيالا، كانت أولى خطوات إيتمار هي وضع صورة لبطله جولدشتين في مدخل المنزل، أزالها منذ عامين فقط ليتمكن من الترشح للكنيست الإسرائيلي. قبل أن يصل المحامي بن غفير المعروف بالعنصرية والتشدد، لمنصب وزير الأمن القومي في حكومة بنيامين نتنياهو.

صفقة أبرمها بن غفير ورئيس وزرائه قبل أسبوع لتأجيل التعديلات القضائية المثيرة للجدل لاحتواء الاحتجاجات المستمرة.

يحصل بموجب هذه الصفقة على الضوء الأخضر لتشكيل جهاز "الحرس الوطني" الجديد الذي يخشى خبراء الأمن أن يكون مليشيا أو جيش خاص للوزير المتطرف يستعمله ضد فلسطينيي الداخل وحتى خصومه السياسيين من الإسرائيليين.

العملية بـ٦٠٠ دولار

"كان بمثابة أخي الكبير، أرسلني مرة لاقتحام مقر الأمم المتحدة في القدس الشرقية وتدمير سياراتها. كان عمري حينها 14 سنة" يستذكر المستوطن جلعاد بولاك صديقه ومعلمه ايتمار بن غفير.

قائلا إنه اعتاد على تلقي نحو ستين دولاراً ليقوموا بكاتبة شعارات عنصرية لليلة كاملة وتخريب إطارات ونوافذ السيارات في الحارات الفلسطينية في القدس والخليل.

نفس هذا الشخص يقف الآن على مشارف تشكيل جهاز أمني قتالي عالي التسليح والتدريب من حوالي 1800 شخص بميزانية مليار شيكل خاضع لسلطته المطلقة يحركه كيفما يشاء لتنفيذ طموحاته.

"وزير الفوضى" هو المصطلح الذي أطلقته عليه الصحافة الأمريكية، فهو يتغذى على الاضطرابات والعنف والحروب لرفع شعبيته.

مفوض الشرطة الإسرائيلي كوبي شبيتاي أكد أن بن غفير هو المتسبب الرئيسي في إشعال أحداث عام 2021 في القدس التي أدت لحرب غزة الرابعة "حارس الأسوار".

إرهابي.. باعتراف إسرائيل

أدين بن غفير في إسرائيل نفسها بدعم منظمة كاخ الإرهابية، والتحريض العنصري. وما يزال بن غفير وفياً لمعلمه الحاخام المتطرف مائير كاهانا الذي وصف العرب بالكلاب ودعا لطردهم جميعاً من الأراضي المحتلة، وأدانته الولايات المتحدة العام الماضي لحضوره حفل تأبين سنوي للحاخام كاهانا.

"هؤلاء الشباب هم ملح الأرض، والذين للأسف أصبحوا هدفاً لأجهزة الأمن الإسرائيلية. فبدلاً من ملاحقة الإرهابيين، يضايقون هؤلاء الشباب الصالحين الأنقياء"، هكذا وصف بن غفير مستوطني مجموعات "شباب التلال" و"تدفيع الثمن" يوم حضوره لعرس تخلله قيامهم بالرقص بالسكاكين والتظاهر بطعن الفلسطينيين.

اتجه إيتمار لمهنة المحاماة للدفاع عن أعتى المتهمين بالإرهاب ضد الفلسطينيين، كالمستوطن عميرام بن أوليئيل الذي أحرق عائلة الدوابشة والمستوطن يوسف حايم بن دافيد قاتل الطفل محمد أبو خضير.

كما حضر حفلاً أقامه المستوطنون عام 2015 تخلله الرقص بأسلحة ثقيلة وقنابل مولوتوف، على وقع أغاني تدعو لقتل الفلسطينيين. في ذلك الحفل، رفع بعض المستوطنين صورة الطفل علي الدوابشة الذي أحرقه بن أوليئيل وقاموا بطعن الصورة بالسكاكين.

مع خوضه الانتخابات عبر حزب القوة اليهودية المنادي بطرد الفلسطينيين "غير الموالين لدولة إسرائيل" وبناء المستوطنات على كل شبر من الأراضي المحتلة، وعد بن غفير ناخبيه بالحصانة الكاملة للجنود من المحاكمة في حال قتلهم الفلسطينيين بالمخالفة لتعليمات الجيش. كما وعد بتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى وتعهد بسن عقوبة الإعدام ضد الفلسطينيين ونفي الفلسطينيين المتهمين "بالإرهاب" من القدس أو إسرائيل إلى غزة.

ضد الإسرائيليين أيضا

منع خبز البيتا عن الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية وتقليص مدة استحمامهم لأربعة دقائق للفرد، كانت أولى قرارات بن غفير في منصبه الحالي كوزير الأمن، إذ استعمل سلطته المباشرة على مصلحة السجون لتنفيذ ذلك دون الرجوع للمنظومة الأمنية.

عندما حاول بن غفير إعطاء قرارات متشددة مشابهة للشرطة لقمع المتظاهرين، اصطدم الوزير بعائق أن أفراد الشرطة لا يتبعون له مباشرةً وإنما للمفوض العام وأن سلطته هي إعطاء التوجيهات العامة للجهاز دون التدخل في تفاصيل عمليات ميدانية بعينها أو التأثير في مجريات تحقيقات معينة.

فاقم ذلك إصدار المحكمة الإسرائيلية العليا قرار منعه من إعطاء الأوامر لجهاز الشرطة ضد المظاهرات نظراً لتضارب المصالح السياسية.

يسعى وزير الأمن لتجاوز ذلك من خلال تشكيل جهاز أمني جديد خاضع لسلطته المباشرة دون أي وسيط كمفوض الشرطة. ولا يخفي بن غفير عزمه استعمال جهاز الحرس القومي ضد فلسطينيي الداخل على وجه التحديد، وخاصةً فيما يسمى بالمدن المختلطة كحيفا ويافا والرملة.

أحد أهم أهداف الجهاز ستكون قمع احتجاجات فلسطينيي الداخل إذا ما نشبت حرب جديدة على غزة.

"ننشئ هذا الجهاز كيلا نرى صوراً مثل التي رأيناها خلال عملية حارس الأسوار" كتب بن غفير مشيراً لعام 2021 عندما نشبت مواجهات عارمة في مدن إسرائيل بين الإسرائيليين اليهود وفلسطينيي الداخل على وقع المواجهات في غزة، مضيفا "هذا مشروع صهيوني من الطراز الأول وخطوة أخرى لتقوية الأمن والحكومة في البلاد".

ما هيكلية الحرس القومي؟

يتكون الجهاز من متطوعين من ضباط الاحتياط والأساس وسيتم تدريبهم من قبل شرطة الحدود العسكرية "ميجاف" التي تنتشر في القدس الشرقية والمدن الفلسطينية الخاضعة للسيطرة الإسرائيلية في الضفة المحتلة كحوارة والخليل.

سيكون الحرس القومي جاهزاً للانتشار في الميدان في أوقات الطوارئ والمساندة وتعزيز القوات في الجبهات المختلفة. وسيعنى الجهاز، بحسب وزير الأمن، بمكافحة انتشار السلاح بين الأوساط العربية في إسرائيل وملاحقة العائلات الإجرامية في المدن المختلطة والجرائم الزراعية.

يعارض مفوض الشرطة وكبار القيادات الأمنية تشكيل مثل هذا الجهاز بشكل قوي ويرون أن مثل هذا الجهاز يجب أن يكون خاضعاً بشكل كامل إما للشرطة المدنية أو شرطة الحدود حتى لا يكون هناك تداخل في الصلاحيات ونظراً لعدم ثقتهم في وزير الأمن الذي اعتادوا على رؤيته على مدار عقود كخطر أمني حتى توليه الوزارة.

يسعى الآن رؤساء الأجهزة الأمنية للقيام بمفاوضات طويلة مع بن غفير حول هيكلية وتبعية وصلاحيات الجهاز.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة