سياسة

كمال "المنحوس" وأردوغان البارع في "ورقة الدين"

نشر

.

Ismail Kaya

بينما كانت تشير معظم استطلاعات الرأي إلى أن مرشح المعارضة للانتخابات الرئاسية في تركيا يتقدم على منافسه الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان، وقع زعيم المعارضة في "سقطة كبيرة" بعدما انتشرت صورة له وهو يدوس بحذائه على سجادة صلاة، الأمر الذي أعاد إلى الواجهة بقوة الحديث عن أهمية "ورقة الدين" في السياسة التركية و"براعة" أردوغان في استخدامها بالسياسة.

زعيم المعارضة ومرشح تحالف "الطاولة السداسية" للانتخابات الرئاسية كمال كليتشدار أوغلو سارع إلى التوضيح بأن ما جرى لم يكن مقصوداً على الإطلاق وأنه "لم ينتبه إلى وجود السجادة" مقدماً اعتذاراً عاماً للجميع، إلا أن أردوغان وحزب العدالة والتنمية تلقفا الحادثة للانقضاض على كليتشدار أوغلو الذي يعمل منذ سنوات ليل نهار من اجل طمأنت شريحة المحافظين وكسب أصواتهم في الانتخابات المقررة في الرابع عشر من مايو/أيار المقبل.

ماذا جرى؟

انتشرت على نطاق واسع صورة لكليتشدار أوغلو مع عدد من مسؤولي حزبه وهم يلتقطون صورة ظهروا فيها جميعاً وهم يرتدون أحذية ويدوسون على سجادات صلاة، مشاهد انتشرت كالنار في الهشيم على مواقع التواصل مثيرة ردود فعل على نطاق واسع بين من اعتبرها "خطأ غير مقصود" وبين من رأى فيها "إهانة لقدسية الصلاة" و"استهتار بقيم المسلمين".

حزب الشعب الجمهوري الذي يتزعمه كليتشدار أوغلو قال إن الصورة التقطت عقب مشاركة الأخير في إفطار رمضاني حيث حصل ازدحام شديد من قبل المشاركين أثناء التقاط الصور وكنتيجة للازدحام والفوضى داس كليتشدار أوغلو على سجادة الصلاة بدون أن يعلم بذلك، وعبر البيان عن "الحزن العميق" نتيجة ما جرى مع قيادات الحزب "الذي يعرف الجميع حساسيتهم اتجاه هذه المسائل".

وفي السياق ذاته، نشر كليتشدار أوغلو تغريدة عبر فيها عن اعتذاره وحزنه لما جرى، وكتب عبر تويتر: "أنا حزين، حزين جداً، لأنني لم أستطيع رؤية سجادة الصلاة، لم أرغب على الإطلاق إيذاء (مشاعر) أي شخص في العالم، وخاصة شعبي، وهنا أترك الذين يحاولون استغلال الحادثة عبر أدواتهم التحريضية لضمير ووجدان أمتنا".

هجمة مرتدة

حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه أردوغان تلقف الحادثة بسرعة وأطلق حملة هائلة على مواقع التواصل الاجتماعي ضد المرشح الرئاسي الذي يهدد بفرص استمرار أردوغان بالحكم لأول مرة منذ 20 عاماً، حيث تشير العديد من استطلاعات الرأي إلى أن فرص كليتشدار أوغلو بالفوز بالانتخابات الرئاسية المقبلة أعلى من فرص أردوغان.

قيادات بارزة في الحزب نشرت الصورة على نطاق واسع مع تعليقات تهاجم كليتشدار أوغلو وتتهمه بـ"ازدراء قيم المسلمين الدينية والمعنوية"، واعتبره آخرون أنه "بعيد عن قيم المجتمع الدينية"، ونشرت عشرات آلاف التغريدات من حسابات محسوبة على أنصار أردوغان فيما يشبه الحملة المنظمة الضخمة التي جرى فيها استغلال الحادثة لإضعاف فرص كليتشدار أوغلو أمام أردوغان بالانتخابات المقبلة.

ولم يتأخر أردوغان بالتعقيب على الحادثة كثيراً، فخلال مشاركته في مهرجان جماهيري لأنصاره في أحد أحياء إسطنبول الفقيرة والمحافظة، أهدى رئيس بلدية المنطقة أردوغان "سجادة صلاة" بشكل مقصود ليقول الأخير إن هذه السجادة ليس للدوس عليها بالأحذية وإنه سوف يستخدمها لـ"إقامة صلاة الشكر" في حال فوزه بالانتخابات الرئاسية المقبلة أمام كليتشدار أوغلو.

كمال "المنحوس"

واقعة سجادة الصلاة التي يؤكد كليتشدار أوغلو انها غير مقصودة مثلت ضربة لحملة كليتشدار أوغلو الانتخابية لا سيما وأن الأخير يعمل منذ سنوات ضمن برنامج مدروس لتغيير الصورة النمطية التاريخية عن الحزب العلماني الذي أسسه كمال مصطفى أتاتورك وارتبط اسمه بالتضييق على شريحة المحافظين الأتراك.

ففي السنوات الأخيرة تمكن كليتشدار أوغلو الذي عين مساعدات محجبات في طاقمه من تحقيق نقلة نوعية في حضوره السياسي وذلك من خلال القيام بإصلاحات واسعة في فلسفة الحزب وابعاد الشخصيات "الصدامية" مع المجتمع وتقديم خطاباً معتدلاً وصولاً إلى الاعتذار والاعتراف بأن سياسيات التضييق على الحجاب كان "تصرف خاطئ" يجب ألا يتكرر على الرغم من أنه وصفه سابقاً بانه "قطعة قماش من مترين".

وفي خطوة جريئة، قدم كليتشدار أوغلو مشروع قانون للبرلمان التركي يتعلق بحماية حقوق المحجبات والحريات الشخصية المتعلقة بارتداء الملابس، وهي مبادرة أجمع مراقبون على أنها تهدف إلى "خلط الأوراق" ومحاولة لـ"سحب لورقة المحجبات من حزب العدالة والتنمية الحاكم" في إطار مسعى لكسب أصوات المحافظين بالانتخابات.

"ورقة الدين" الرابحة

من خلال خطواته السابقة، قال كليتشدار أوغلو إنه يهدف إلى سحب "ورقة الدين" التي يتهم أردوغان باستخدامها في السياسة الداخلية على نطاق واسع وذلك من أجل تحقيق أهداف سياسية وانتخابية عبر استعطاف شريحة المحافظين الأتراك والفقراء بعبارات دينية لكسب أصواتهم في الانتخابات.

ورداً على حملة الحزب الحاكم ضد كليتشدار أوغلو، نشر مغردون معارضون صوراً تظهر ما قالوا إنها مواقف متناقضة لأردوغان تتعلق بالسياسة والدين وخطابات أردوغان عن أن ما جرى في الزلزال "قضاء وقدر" دون الحديث عن التقصير والإهمال الحكومي، ونسب قرارات خفض الفائدة التي أدت لانهيار الليرة التركية إلى موضوع "الربا" في الدين، كمال استعرضوا خطابات أردوغان السياسية لا سيما فيما يتعلق بإعادة العلاقات مع مصر وسوريا وإسرائيل وغيرها من الدول.

وفي رده على الحملة التي نظمت ضد كليتشدار أوغلو بعد واقعة سجادة الصلاة، قال سياسيون معارضون إن الشعب التركي "لم تعد تنطلي عليه هذه الأساليب" وأن أمامه الكثير من التحديات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يفكر بها عند توجهه إلى صندوق الانتخابات لاختيار الرئيس المقبل.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة