سياسة

الانتخابات التركية تقود الأجداد إلى "تيك توك"

نشر

.

Ismail Kaya

برُوح السبعيني الشاب، طل زعيم المعارضة التركية ومرشحها للانتخابات الرئاسية كمال كليتشدار أوغلو عبر تيك توك لمخاطبة الشباب حاملاً بيمينه "جهاز إضاءة بخمسة ألوان" كما وصفه في الفيديو الأول الذي نشره على المنصة التي يستخدمها معظم الشباب الأتراك الذين يتوقع أن يلعبوا دوراً حاسماً في تحديد رئيس تركيا المقبل والذين يمثلون أيضاً أكثر هاجس للرئيس الحالي رجب طيب أردوغان الذي تراجعت شعبيته في صفوف الشباب.

وظهر كليتشدار أوغلو بطريقة غير تقليدية واضعاً خلفه شعاراً كبيراً لتيك توك المنصة، وقال مخاطباً الشباب: "أيها الشباب، لقد أتيت إلى هنا (تيك توك)، اشتريت جهاز إضاءة للتصوير بخمس ألوان، من أجل أن أتحدث لكم عن وعودي الانتخابية المتعلقة بكم.. لقد بدأت، تابعوني وشاركوني أفكاركم ومطالبكم عبر التعليقات وسأجيب عليكم جميعاً"، وروج لحابه على تيك توك عبر تويتر بعبارة "قالوا لن يأتي.. ماذا حصل؟"، في إشارة إلى أنه تحدى الصورة النمطية والأساليب التقليدية وبدأ ببث مقاطع فيديو على تيك توك.

كليتشدار أوغلو ذو الـ75 عاماً انضم إلى المنصة عقب أشهر من انضمام منافسه الأول الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان 69 عاماً الذي اضطر إلى تغيير رأيه بشكل جوهري بعدما كشف مقربون منه عن انه كان يرفض بشكل مطلق الانضمام للمنصة التي كان يعتبرها "لا تليق به"، إلا أن التحديات الكبيرة التي واجهها في مخاطبة فئة الشباب دفعته للتواجد على المنصة ضمن استراتيجية أوسع لإنقاذ تراجع شعبيته في صفوف "جيل زد".

@kemalkilicdaroglu Merhaba gençler, "Kemal dede nerdesin?" dediniz, geldim. 14 Mayıs sonrası için merak ettiğiniz ne varsa sorun, yorumlarda buluşalım! #gençler #başlıyoruz #KKcevaplıyor #sanasöz #seçim2023 ♬ orijinal ses - Kemal Kılıçdaroğlu

العم الكبير للشباب

في حسابه على تيك توك يُعرف كليتشدار أوغلو نفسه أنه مرشح رئاسة الجمهورية و"العم الكبير للشباب الديمقراطي" حيث يتابعه حتى الآن قرابة 160 ألف شخص، وعلى الرغم من أن حساب أردوغان تابعه 420 ألف شخص إلا أنه لا ينشر عليه فيديوهات مباشرة ولا يحمل اسمه بشكل مباشر وإنما اسم "حساب الإعلام الرقمي التابع لأردوغان" وهو ما يكشف أن الرئيس المحافظ والمعارض لمحتوى تيك توك ما زال "متحرجاً" من الظهور بشكل مباشر على المنصة.

في المقابل، فإن كليتشدار أوغلو ذو التوجهات اليسارية العلمانية بدا أكثر انطلاقاً على المنصة بحضوره بشكل مباشر ووضع شعار المنصة خلفه والحديث للشباب عبر الفيديو والتعليقات، حيث حصد الفيديو الأول له قرابة 2.4 مليون مشاهدة خلال أقل من 24 ساعة.

وإلى جانب تيك توك، اعتاد كليتشدار أوغلو مؤخراً على الظهور في مقاطع فيديو مصورة عبر الهاتف من مطبخه المتواضع في الشقة التي يسكنها في العاصمة أنقرة مخاطباً الشباب على كافة منصات التواصل الاجتماعي، وإلى جانب الخطاب الموجهة بدرجة أساسية للشباب عمد إلى إظهار بساطة منزله وإمكانياته التقنية وهو ما فتح الباب واسعاً امام المقارنة مع إمكانيات أردوغان الكبيرة وخطاباته المقدمة بأعلى التقنيات التكنولوجية.

@rtedijital Togg'un ilk akıllı cihazını teslim alıyoruz, millî gururumuzu yollara uğurluyoruz. 🇹🇷 #cumhurbaşkanı #erdoğan ♬ orijinal ses - Recep Tayyip Erdoğan | Dijital

جيل زد الحاسم

تشهد تركيا في الرابع عشر من مايو/أيار المقبل انتخابات برلمانية ورئاسية حاسمة توصف أنها الأصعب في تاريخ أردوغان السياسي والأهم منذ عقود طويلة لمستقبل البلاد، حيث يتنافس بدرجة أساسية أردوغان وكليتشدار أوغلو على مقعد الرئاسة وسط تقارب كبير في الفرص بحسب ما تكشفه استطلاعات الرأي حتى الآن.

وبحسب الأرقام الرسمية، فإن 6 مليون شاب ممن يطلق عليهم "جيل زد" سيشاركون في الانتخاب لأول مرة بعدما اكتسبوا الحق في التصويت لوصولهم للسن القانوني -يحق التصويت لكل من تجاوز 18 عاماً- وذلك من أصل إجمالي قرابة 60 مليون ناخب في عموم البلاد، حيث يمثل هؤلاء فقط قرابة 10 بالمئة من الناخبين بينما يمثل الشباب حتى 30 عاماً قرابة 40 بالمئة من الناخبين وهو ما يعني أن الشباب أو "جيل زد" بشكل خاص دوراً حاسماً في تحديد نتيجة الانتخابات المقبلة.

لماذا تيك توك ؟

انطلاقاً من هذه الإحصائيات، فإن كافة الأحزاب التركية باتت تحسب ألف حساب لدور الشباب الحاسم في الانتخابات المقبلة وتحاول الوصول إليهم عبر كافة منصات التواصل الاجتماعي التي يستخدمها الشباب على نطاق واسع حيث تشير أحدث إحصائية إلى انه يوجد في تركيا 71 مليون مستخدم لمنصات التواصل الاجتماعي المختلفة.

لكن الأهم هي الإحصائيات الأخيرة عن مستخدمي تيك توك بشكل خاص، حيث تشير آخر إحصائية رسمية إلى أن تركيا بها 27 مليون مستخدم تيك توك، بينما تشير إحصائية غير رسمية، ولكنها أحدث إلى أن هذا العدد تجاوز الـ30 مليون، وهو ما يعني أن قرابة ثلث الشعب التركي يستخدم تيك توك، وبطريقة أخرى فإن معظم الشباب التركي يستخدم المنصة التي وصل مستخدميها حول العالم إلى أكثر من مليار.

سباق نحو الشباب

توجه زعيم المعارضة الذي يأمل في إنهاء 20 عاماً من حكم أردوغان نحو تيك توك جاء في إطار استراتيجية باتت واضحة وهي محاولة جذب أصوات أوسع شريحة ممكنة من الشباب الذين يواجه أردوغان مصاعب كبيرة في مخاطبتهم، لتعزيز فرصه بالفوز في ظل التقارب الكبير في حظوظ المرشحين للانتخابات المصيرية.

في المقابل أيضاً، يسعى أردوغان للوصول إلى أوسع شريحة ممكنة من الشباب وصغار السن الذين لا يتابعون وسائل الإعلام التقليدية ويعتبرون أكبر عقبة تواجه مساعي أردوغان للفوز بجولة رئاسية جديدة ويوصفون بأنهم الجيل الذي ولد واكتسب حق التصويت في عهد أردوغان وبالتالي فإنهم يتجهون نحو التغيير. وبات يطلق على ملايين الشباب الذين سينتخبون لأول مرة في الجولة المقبلة بأنهم "جيل Z الحاسم".

ورغم نجاح أردوغان وحزبه الاستثنائي طوال 20 عاماً في كسب الانتخابات المحلية والبرلمانية والرئاسية، إلا أنه عانى طوال هذه الفترة من استمالة أصوات الشباب وكان على الدوام ينجح في اكتساح أصوات كبار السن والمتقاعدين، لكن اليوم وعقب اتساع رقعة المعارضة وظهور أجيال جديدة من الشباب الذين يحق لهم التصويت في الانتخابات المقبلة، يبدو الخطر أكبر بكثير من السابق.

ويجمع مراقبون على أن 20 عاماً من حكم العدالة والتنمية كانت كفيلة بظهور جيل جديد وشريحة واسعة من الناخبين الشباب الذين لم يعيشوا أي حقبة أخرى في تاريخ تركيا وأنه كلما تقدم الوقت ستتسع هذه الشريحة من الشباب الذي يبدون في حالة اندفاع كبيرة نحو التغيير وتجربة حزب جديد في السلطة ويودون رؤية تجربة الأحزاب الأخرى في الحكم، وذلك على العكس تماماً من كبار السن الذين عايشوا الحقب الماضية وفترات حكم الأحزاب الأخرى ويرون في حزب العدالة والتنمية رغم الكثير من ملاحظاتهم عليه أفضل بكثير من العودة لتجربة الأحزاب المجربة سابقاً.

ما بين المتقاعدين والشباب

يقول كبار السن من مؤيدي العدالة والتنمية إن الحزب قدم خدمات كبيرة وأحدث ثورة في تقديم الخدمات البلدية وخدمات إيصال المياه والكهرباء إلى المنازل وتطوير البنية التحتية وبناء الطرق والجسور والمطارات والقطارات، بالإضافة إلى الثورة الكبيرة في قطاع التعليم والصحة والتكنولوجيا والصناعات الدفاعية وغيرها، ويرغبون في استمراره بالحكم رغم وجود ملاحظات مختلفة عليه من قبل الكثير منهم.

لكن في المقابل، ترى شريحة واسعة من الشباب الذين يشكلون الكتلة الانتخابية الأكبر في البلاد أن ما سبق من خدمات في قطاع البلديات والصحة والتعليم وغيرها هي حقوق أساسية لا منة من أحد، ويعبرون عن رغبتهم في مزيد من الخدمات وفرص العمل والانفتاح والحريات والرفاهية والديمقراطية، وبالتالي يرغبون في إيصال حزب جديد إلى السلطة لـ"تعزيز العملية الديمقراطية والحصول على مزيد من الخدمات المأمولة".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة