سياسة

لاجئ ذو بشرة بيضاء في المجر؟ أهلا بك

نشر

.

Muhammad Shehada

منفذان حدوديان، واحد يدخل منه طالبوا اللجوء الأوكرانيون بكل ترحاب، والآخر تطلق الشرطة فيه الكلاب الضارية لنهش طالبي اللجوء من ذوي البشرة غير البيضاء وتضربهم قبل أن تلقي بهم خارج حدودها.

هذه ببساطة قصة المجر، الدولة الأولى أوروبياً في طرد طالبي اللجوء من ذوي البشرة غير البيضاء وأحد أسوء الدول الأوروبية على الإطلاق في معاملة اللاجئين.

سمير.. لبناني لا أوكراني

سمير شاب لبناني انتقل لأوكرانيا وتزوج من فتاة أوكرانية وأنجبا طفلاً. سارع الزوجان للفرار نحو الحدود عند اندلاع الحرب، عندما استوقفتهم الشرطة المجرية وأخرجته من السيارة واعتقلته بينما سمحت لعائلته البيضاء بمواصلة السفر.

يروي سمير قصته قائلاً "على الرغم من أن لديّ جميع الوثائق التي تثبت أنني أعيش في أوكرانيا بشكل قانوني، إلا أن جواز سفري اللبناني جعلني شخصًا غير مرحب به. قامت الشرطة بتقييد يدي وصادرت جميع الوثائق الخاصة بي وبعد ثلاثة أيام من الاعتقال رحّلوني إلى صربيا".

طرد سمير لصربيا، دون وثائق سفره، يعني استحالة دخوله الاتحاد الأوروبي بالطرق القانونية أو من خلال عبور الحدود الهنغارية. "حاولت سبع مرات، لكن كان دائمًا يتم رفضي في صربيا. لا أعرف ماذا أفعل، أريد فقط الوصول لعائلتي". هذه التفرقة في المعاملة دفعت بعض المؤسسات الحقوقية لاتهام هنجاريا بممارسة الفصل العنصري في الهجرة ".

صربيا، الدولة الثانية في رحلة طالبي اللجوء لأوروبا عند عبورهم من تركيا لليونان أو بلغاريا، وغالبية المهاجرين يحاولون مجرد العبور من هنجاريا نحو دول أوروبية أخرى. الحدود الصربية المجرية شديدة الحراسة والتشديد والإغلاق، حيث تقوم السلطات الهنغارية بشكل مستمر ببناء خطوط متعددة من السياج الشائك والعوازل منذ العام 2015. كما تقوم الشرطة الحدودية باستخدام العنف والتعذيب والكلاب البوليسية والاختطاف لردع طالبي اللجوء.

"عبرنا السياج الأول والثاني. ثم أرسلت الشرطة الهنغارية الكلاب للهجوم علينا، وضربونا، وفي النهاية اعتقلونا"، يروي الشاب السوري حسن الذي حاول العبور لهنغاريا مراراً عبر الحدود الصربية، ولكن بنفس النتيجة في كل مرة.

ماذا لو نجحت في عبور السياج؟

نظرياً، إذا عبرت لداخل الحدود الهنغارية، يحق لك التماس طلب اللجوء والحماية الدولية في البلد وفق القانون الدولي وميثاق الحقوق الأساسية الأوروبي، ويجب على السلطات أخذك في رعايتها لحين إصدار قرار على طلبك. أما في الواقع، فإذا عثرت عليك السلطات المجرية بداخل أراضيها، فإنها ستقوم على الأرجح باختطافك واحتجازك لساعات طويلة بداخل حاويات غير آدمية بدون مأكل أو مشرب، وضربك بالهراوات والاستيلاء على أغراضك الشخصية ووثائقك ومن ثم طردك لصربيا.

وتفتخر السلطات الهنغارية بإحباطها حوالي ربع مليون محاولة عبور لحدودها في العام 2022، بينما تتهمها منظمات حقوقية بطرد وصد نحو 157,879 طالب لجوء ومهاجر في العام نفسه.

النجاح لا يعني الوصول

أما إذا تمكنت من تجنب أعين الشرطة ودخلت في عمق الأراضي المجرية، فهناك سلسلة من القوانين والممارسات التي ستمنعك من التقدم بطلب اللجوء أو ستجعل إقامتك كابوساً إذا ما استطعت بأعجوبة تقديم الطلب.

منذ العام 2015، وطالبو اللجوء الذين نجحوا في تقديم طلب للحماية الدولية في هنغاريا يتم حبسهم في مرافق استقبال غير آدمية لفترات طويلة للغاية، مليئة بالحشرات، قد يواجهون خطر الإدانة بجريمة "عبور الحدود بشكل غير قانوني" ومن ثم حبسهم لفترات طويلة في مراكز اعتقال ترانزيت. في العام 2018، منعت السلطات الهنغارية الطعام عن النزلاء في مراكز الاحتجاز تلك، ما أثار موجة من الانتقادات من المؤسسات الحقوقية.

لاجئ؟ لا حقوق

في نفس العام، سنت هنغاريا قانوناً يجرم تقديم أي نوع من المساعدة لطالبي اللجوء، كالطعام أو الخدمات أو الاستشارات أو حتى النصيحة والتوعية، حيث يعاقب القانون بالحبس لمدة تصل لسنة على هذه الأفعال. يمنع القانون أيضاً مجرد استقبال أي طلب لجوء من الأشخاص الذين وصلوا هنجاريا عبر حدود دولة أخرى لا يتم اضطهادهم فيها كتركيا أو صربيا في مخالفة واضحة لقوانين الاتحاد الأوروبي.

منذ العام 2020، يمكن للأشخاص طلب اللجوء في هنجاريا فقط من خلال السفارة المجرية في بلغراد – صربيا أو كييف – أوكرانيا وانتظار القبول الشبه مستحيل، وإذا تمت الموافقة، يمكن للشخص السفر للمجر وتقديم طلب اللجوء.

أوروبا تعترض.. فقط

في العام 2023، أدانت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان الحكومة الهنغارية وألزمتها بدفع تعويض مالي بقدر 40 ألف يورو في قضية موت طالب لجوء سوري على حدودها عام 2016 إثر الاختناق من الغاز المسيل للدموع.

في العام السابق، أدانت محكمة العدل الأوروبية السلطات المجرية بانتهاك قوانين الاتحاد الأوروبي بعد سحبها إقامة لاجئ سوري في العام 2019، كان قد حصل على موافقة طلبه في العام 2012، ورفضت دائرة الهجرة إطلاع المحامي أو اللاجئ على تفاصيل ملف القضية. كما حكمت المحكمة ذاتها في عام 2021، وهي أعلى سلطة قضائية في الاتحاد الأوروبي، ببطلان قانون تجريم مساعدة طالبي اللجوء ومنع استقبال طلبات لجوء من يصلون من الحدود البرية لبلد آمن لمخالفته الصريحة لقوانين الاتحاد الأوروبي. وذلك بعد أن خاضت المفوضية الأوروبية معركة قضائية طويلة ضد هذا القانون.

لكن على الرغم تعبير الاتحاد الأوروبي عن قلقه تجاه المعاملة غير القانونية لطالبي اللجوء على الحدود، إلا أن ذلك لم يوقف المفوضية الأوروبية من تقديم نحو 144 مليون يورو في السنوات الأخيرة للسلطات الحدودية الهنغارية التي تقوم بطرد وتعذيب وضرب من يحاول عبور حدودها من ذوي البشرة غير البيضاء.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة