سياسة

ما كشفه إفطار جماعي عن حال سيناء

نشر

.

Muhammad Shehada

اجتمع الآلاف يوم السابع والعشرين من رمضان على مائدة إفطار جماعيٍ في قلب شمال سيناء، وصل طولها نحو ٦ كيلومترات على امتداد شاطئ البحر المتوسط.

هذا المشهد أثار اهتمام الجمهور والإعلام المصريَين، لكنه أثار سؤلاً عن سر الاحتفاء بشيء دائم الحدوث في شوارع مصر. فما المختلف هذه المرة، وكيف يجعل تغيير مكان المائدة الرمضانية من الحدث العادي؛ أمراً غير مسبوق؟

"الناس مشتاقة للفرح ومشتاقة لتغيير نمط حياتهم بعد 15 سنة قضوها مع الإرهاب". كانت هذه كلمات محافظ شمال سيناء محمد شوشة وسط المائدة الجماعية.

الـ ٥ هنا تساوي ١٢

في العام 2017، عندما سافرت عبر المنطقة، كانت مشاهد الحرب هي الموجودة وحدها على أرض شمال سيناء، التي خيم الحزن والخوف على أهلها.

الشوارع شبهُ خاليةٍ من البشر سوى أفراد الجيش المصري من الشباب في مقتبل أعمارهم موزعين على عشرات الحواجز الأمنية والسواتر الترابية، أحدهم كان يرتدي قميص نادي الأهلي لكرة القدم فوق الزي العسكري.

فوارغ الرصاص منتشرة على الأرض، وجدران المباني مليئة بالثقوب. الطريق من رفح إلى الإسماعيلية، والذي يستغرق عادة نحو خمس ساعات، امتد لأكثر من ١٢ ساعة يوم لاضطرار المركبات المسير في طرق متعرجة لتفادي مناطق خطرة أمنيا.

الحرب انتهت بإعلان شعبي

حشد من ٢١ ألف مصري يقيم في العريش، عاصمة المحافظة الحدودية، كان دليلاً على تغير حدث في منطقة عاشت حربا مدتها ١٠ سنوات بين الجيش المصري والأجهزة الأمنية ومليشيا اتحاد قبائل سيناء من جهة، وتنظيم ولاية سيناء التابع لداعش، وتنظيمات نشطت في المحافظة مثل القاعدة وحسم، التابعة لجماعة الإخوان المسلمين، وجند الإسلام والتكفير والهجرة من جهة أخرى.

.. لكن لماذا العريش؟

العريش كانت واحدة من الساحات الأهم للمواجهات بين أجهزة الأمن والتنظيمات الإرهابية بداية من ٢٠١٣، قبل أن تنجح القوات المسلحة المصرية في حسر تواجد عناصر التنظيمات المسلحة في الشيخ زويد ورفح أواخر عام 2016.

لجأ تنظيم ولاية سيناء إلى جنوب العريش كملاذ آمن لعناصرهم بسبب قلة الكثافة السكانية والأمنية، وكثرة المزارع ووفرة خطوط الكهرباء وآبار المياه، واقترابه من تجمعات بدوية صغيرة تسمح لعناصر التنظيمات المسلحة بالاختباء.

العريش.. بلد المليون كمين

تصاعدت الهجمات الإرهابية مستهدفة المساجد، ودور العبادة، والأسواق الشعبية، ومطار العريش الذي شهد محاولة لاغتيال وزير الدفاع الأسبق صدقي صبحي بصاروخ كورنيت مضاد للدبابات، وتفجير المقرات الأمنية وشركات النقل والصناعة.

في المقابل، استخدم الجيش المصري وأجهزة الأمن شتى الوسائل والاستراتيجيات لاستعادة السيطرة على المدينة، لكن أبرزها كانت الكمائن الأمنية، حتى صارت المدينة تُعرف ببلد "المليون كمين" بسبب كثافة التواجد الأمني.

الآن؛ مشاهدة آلاف السكان يجتمعون، بسلام، في مائدة جماعية، يعتبر حدثا كبيرا في تاريخ المحافظة، وكذلك مصر، بعد انتهاء المعارك التي اعتبرها محللون غربيون بأنها حرب بلا أمل في الانتصار.

اعرف أكثر

كم خسر أهالي العريش حتى الانتصار؟

قتل في معارك سيناء أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل من الجيش والشرطة المصرية ما بين الأعوام 2013-2022 ونحو 1800 مدني بينما قتل نحو 4000-5200 فرد من التنظيمات المسلحة.

مثلت استعادة العريش نقطة التحول المفصلية في عمليات الجيش المصري في سيناء. أعلن بعدها الرئيس السيسي إنهاء حالة الطوارئ في عموم البلاد في عام 2021 قائلاً بأن مصر أمست "واحة للأمن والاستقرار في المنطقة". ولكن استمر فرض بعض التدابير الأمنية المشابهة لحالة الطوارئ في بعض المناطق سيناء وفقاً للوضع الأمني.

ما التالي؟

تسعى الآن الحكومة المصرية لإعادة إعمار سيناء وجلب الاستثمارات للصناعات الحيوية فيها، كاستخراج ونقل الغاز وتصنيع الأسمنت واستخراج الأملاح المعدنية، بجانب تشجيع السياحة الداخلية إلى شواطئ العريش.

تخطط الحكومة لتجهيز نحو 600 ألف فدان في شمالي سيناء للاستثمار الزراعي بحلول نهاية العام الجاري.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة