سياسة
.
في العام 2011، شهد العالم ميلاد دولة جديدة عندما صوت أهالي جنوب السودان بالانفصال عن الشمال وإنشاء الدولة رقم 195 في العالم سُميت بجنوب السودان. كان من بين أسباب الانفصال احتكار أغلبية عرقية ودينية في السودان لعالم السياسة والمال وفشل الدولة في تدبر شؤون الأقليات.
بعد 12 سنة من الانفصال، يظهر شبح الانقسام في السودان، مع اندلاع قتال مسلح بين أكبر قوتين عسكريتين في البلاد: الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع. فما هي المجموعات العرقية التي ترفع مطالب انفصالية؟
يعتبر السودان واحداً من أكثر دول العالم تنوعاً، إذ يبلغ عدد سكانها نحو 50 مليوناً يشكلون أكثر من 500 مجموعة عرقية، ويُعد السودانيون العرب والفور والبجا والنوبيون من أكبر المجموعات العرقية من حيث التعداد، بحسب "كتاب حقائق العالم" الذي تنشره سنويا وكالة المخابرات المركزية الأمريكية.
يعد السودانيون العرب أكبر المجموعات العرقية في السودان، حيث يشكلون 48٪ من السكان، أي ما يعادل 22 مليون نسمة، وينتشرون في جميع مناطق البلاد كما أن معظمهم مسلمون ويتحدثون العربية.
الفور هي من أكبر المجموعات العرقية، يسكنون منطقة دارفور، يبلغ عددهم حوالي 9 ملايين، أي نحو 20٪ من سكان السودان. تتخذ الفور من الجهة الغربية للسودان على الحدود مع تشاد غربا ومع ليبيا شمالا موطنا لها.
يشكل النوبيون ثالث أكبر مجموعة عرقية بالسودان ويمثلون 8٪ من مجموع السكان، أي ما يقارب 4 مليون نسمة. وتسمى المنطقة التي يقطنها المجتمع النوبي ببلاد النوبة وتمتد من شمال السودان إلى حدود مصر.
ينقسم النوبيون بدورهم إلى ثلاثة قبائل: "العرب" الناطقين بالعربية و"الفادجيكا" الذين يتكلمون النوبية ولهجة الفادجيكا ثم "الكنوز" الذين يتحدثون باللهجة الكنزية أو الماتوكية.
قبيلة أو جماعة عرقية أفريقية، تعيش في المنطقة ما بين شرق تشاد وغرب السودان، بما فيها منطقة دارفور السودانية. يبلغ عددهم نحو 400 ألفاً.
مجموعة عرقية تنتمي إلى قبائل وسط أفريقيا جنوب الصحراء تسكن في دارفور ويبلغ عدد سكانها نحو 250 ألفاً. كان تتمتع بحكم شبه ذاتي خلال الفترة بين 1884 و1921 وعُرفت آنذاك بدولة دار المساليت.
في يونيو الماضي، نقلت بي بي سي عن سعد بحر الدين الذي يحمل لقب سلطان دار مساليت، قوله "ليتنا انضممنا إلى تشاد بدلا من السودان".
يسكن مجتمع البجا شمال شرق السودان وجنوب شرق مصر ويصل عددهم هذه المجموعة إلى أكثر من مليون نسمة.
خلصت دراسة نشرها مركز دراسات الشرق الأوسط إلى أن التعدد العرقي الذي تتميز به السودان يجعل الحكومات والمؤسسات المحلية غير قادرة على الاستجابة لمطالب الجماعات الإثنية المختلفة ما يؤدي إلى استياء الكثيرين من الأقليات.
وعادة ما تستخدم المجموعات العرقية التي تشعر بالتهميش ورقة الانفصال ضد المجموعات التي تحتكر السياسة والثقافة والاقتصاد، ما يؤدي إلى نشوب صراعات عرقية أو قبلية.
يمكن أن تنشأ أيضاً صراعات بين الأقليات المهمشة نفسها، وتكون هذه غالباً حول المياه والأراضي الزراعية أو الرعوية. ففي عام 2022، أثار احتجاج عناصر من قبيلة الهوسا حول الاعتراف بهم أوصياء على بعض الأراضي في ولاية النيل الأزرق سخط قبيلة أخرى تعتبر تلك الأراضي إرثا لها. نتيجة لذلك، قُتل أكثر من 100 شخص، معظمهم من أبناء قبيلة الهوسا.
اتخذت النزاعات القبلية في السودان في الآونة الأخيرة منحى عنيفا وأسفرت عن مئات القتلى في ظل انتشار السلاح وتدهور سلطة الدولة.
في أكتوبر الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن تقارير تفيد بمقتل 250 شخصا ونزوح الآلاف، جراء اقتتال قبلي بولاية النيل الأزرق جنوب شرقي السودان. وفي ولاية غرب كردفان، جنوب، أدى الاقتتال القبلي منتصف أكتوبر 2022، إلى سقوط 12 قتيلا وإصابة 20 آخرين، بحسب آخر الإحصائيات الأممية.
فهل يؤدي صراع "حميدتي" مع الجيش السوداني إلى إضعاف وحدة السودان وتشجيع الحركات الانفصالية في جنوب البلاد وشرقها وغربها على المطالبة بالانفصال؟
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة