سياسة

"الناس لبعضها" ضد الحرب

نشر

.

Mohamed Salah Eldin

في صبيحة الخامس عشر من أبريل، كان إدريس عبد الله في مقر عمله بالعاصمة السودانية الخرطوم، لتفزعه، مثل الآلاف من السودانيين، أصوات الرصاص والقذائف. عند هذه النقطة تحول التوتر بين الجيش السوداني بقيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان من جهة، ومحمد حمدان دقلو من جانب آخر، إلى حرب مشتعلة في المدينة.

بصعوبة شديدة تحرك إدريس من مقر عمله في المساء إلى حي الصحافة شرق الواقع جنوب القصر الجمهوري ليتحرك في سيارة مع آخرين إلى ولاية سنار حيث تسكن عائلته.

طوال عقود ماضية وحتى الآن لم تكن سنار منطقة من مناطق الصراع في السودان الذي شهد 4 حروب إضافة إلى الحرب الحالية، ولذلك كانت تاريخياً أحد مراكز استقبال النازحين. بداية من حرب جنوب السودان، 8825 نازح بحسب المفوضية العليا للاجئين التابعة للأمم المتحدة، وحتى حرب دارفور الأهلية، يضاف إليهم ما يربو على 28 ألف شخص نزحوا في يوليو من العام ٢٠٢٢، عقب أحداث العنف القبلي التي شهدتها ولاية النيل الأزرق، بحسب الأمم المتحدة.

٥ ساعات تساوي ١٢

عادة ما تستغرق الرحلة من الخرطوم إلى سنار حوالي 5 ساعات لكن الطريق في هذا اليوم قد كان أطول من المعتاد فالأمن لم يعد موجودًا. تفادي الرصاص والمرور من نقاط تفتيش قوات الدعم السريع هي الخطر الأكبر للآلاف الذين يفرون من الخرطوم. يضاف إلى ذلك عبء الحصول على وقود للسيارة الذي نفد عند وصولهم إحدى قرى ولاية الجزيرة حيث مكثوا ساعتين للحصول على جالون واحد من الجازولين والانتقال من القرية إلى مدني، ود مدني، عاصمة الولاية للمكوث ثلاث ساعات أخرى تصل بإدريس ومن معه إلى المنزل.

الاشتباكات المسلحة والمواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع دخلت يومها التاسع وخلفت أكثر من 420 قتيلًا و3000 مصاب، دفعت العديد من الدول إلى العمل على إجلاء رعاياها من السودان عبر بورتسودان.

في مقابلهم، المواطنون الذي علقوا في هذه الاشتباكات لم يجدوا ملجأ سوى الاعتماد على أنفسهم واللجوء إلى دول الجوار مثل التشاد التي نزح إليها ما بين 10 آلاف و20 ألف شخص معظمهم من النساء والأطفال القادمين من دارفور بحسب مفوضية الأمم المتحدة للاجئين، أو لجأوا إلى الولايات الجنوبية من السودان حيث يتوفر الأمن مثل مدينة سنار، التي ذهب إليها إدريس.

سنار.. غرفة طوارئ

بعد ١٢ ساعة وصل إدريس الطيب إلى سنار البعيدة عن الاشتباكات، لينضم إلى إحدى غرف الطوارئ بالولاية والتي تضم بعضاً من شبابها، يعملون على مدار الساعة للمساعدة في استقبال أهالي الخرطوم القادمين هربًا من الاشتباكات.

غرفة المساعدة الأهلية التي انضم إليها إدريس، واحدة من عشرات المبادرات التي انطلقت عقب اندلاع الاشتباكات، يعملون في تكامل لتقديم خدمات السكن وتوفير الطعام للنازحين السودانيين من العاصمة.

بحسب إدريس فإن "غرفتهم الإلكترونية" الصغيرة، نجحت في توفير السكن لـ10 أسر على الأقل، إضافة إلى التعاون مع الصندوق القومي لرعاية الطلاب، ومساكن أسامة بن زيد التابعة لجامعة السنار لاستضافة الشباب القادمين دون أسر، مع توفير الاحتياجات الغذائية بالجهود الذاتية من أهالي الولاية دون أي مساعدة من منظمات دولية.

رغم هذه المجهودات، يحتاج السودانيون الفارون من الاشتباكات، كغيرهم، إلى أشياء تعجز عن توفيرها المبادرات الأهلية مثل توفير اتصال بشبكة الإنترنت للحصول على تحويلات مالية قادمة من العاملين في الخارج للاستمرار في تقديم العون من الأهالي للأهالي.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة