سياسة

فلسطينية في الدنمارك تشتكي: جمع القمامة مقابل الغذاء

نشر

.

Muhammad Shehada

رندة رضوان سيدة فلسطينية الأصل وصلت الدنمارك قبل 31 عاماً وهي في عمر الثانية عشرة. اجتهدت للحصول على مؤهل تعليمي كأخصائية اجتماعية وعملت بجد لسنوات طويلة قبل أن يقوم أحد نزلاء المسكن الذي عملت به بالاعتداء عليها، وهو ما دفعها لترك تلك الوظيفة والبحث عن أخرى.

القانون الدنماركي يتيح لمن هم في موقف مشابه لرندة بأن يحصلوا على إعانات بطالة متواضعة لحين العثور على وظيفة أخرى بعد استيفاء شروط معينة كالتسجيل في مكتب العمل والبحث عن وظائف لعدد ساعات محدد يومياً وإرسال طلبات توظيف لعدد أدنى من إعلانات الوظائف شهرياً، والاجتماع الدوري مع مسؤول ملف متخصص للتحدث عن محاولات العثور على وظيفة وإيجاد حلول معاً.

لكن الحكومة الدنماركية على وشك تغيير هذا النظام كلياً وبشكل تميزي ضد المقيمين من أصول غير غربية على وجه الحصر، ما دفع رندة للبكاء عند سماع الخبر، بحسب صحيفة TV2 الدنماركية. فهي قد تجد نفسها قريباً مجبرةً على جمع القمامة من الشوارع أو تنظيف المراحيض مقابل قوت يومها ومسكنها.

مهن لا يقوم بها أحد

"يتعين على النساء من خلفيات غير غربية الاستيقاظ في الصباح، وحزم صندوق الغداء والتوجه بالدراجة الهوائية للعمل. إنه جيد لهم ولأطفالهم وللمجتمع... يجب أن تكوني قادرةً على إعالةِ نفسك إذا أتيت إلى هنا"، هذا كان خطاب رئيسة الوزراء الدنماركية ميتة فريدريكسن عند إعلانها تمرير قانون يجبر النساء من أصول "غير غربية" على العمل 7-8 ساعات يومياً في "مهن لا يقوم بها أحد" نظير استمرار الحصول على مساعدات البطالة.

فريدريكسن لا تخفي أبداً أن هذا القانون تمييزي بحت ضد النساء من ذوي البشرة غير البيضاء، وأغلبهم من اللاجئين من أصول عربية أو أفريقية أو مسلمة. فهي ترى بأن هذه الفئة عازفة عن الانخراط في سوق العمل بشكل متعمد ويجب إجبارها على تأدية واجبها والمساهمة في المجتمع بقانون "العمل الإلزامي" الجديد.

غالبية من يتلقين مساعدات البطالة (60٪) من أصول غربية، أي من أوروبا وأميركا وكندا ونيوزيلاندا وأستراليا وإسرائيل. لكن الحكومة الدنماركية تقول إن كون 40٪ ممن يتلقين مساعدات البطالة هم من أصول غير غربية يدل على مشكلة عميقة وخلل في اندماجهم في المجتمع الإسكندنافي.

"قانون واجب الإلزامي مهم للاندماج. إنه مهم لهؤلاء النساء. سيكون لديهن حياة أفضل عندما يخرجون ويقضون يوم عمل بدلاً من الجلوس في المنزل في شققهن. من المهم للأطفال أن يروا أمهاتهم يغادرن في الصباح للعمل ويساهمن للدنمارك كما تفعل غالبية الأمهات الأخريات" هكذا وصفت فريدريكسن قرارها.

غسل ملابس الكبار

القانون له هدف آخر، هو ملئ شواغر لا يريد أحد العمل بها. "المهام ستكون مثلاً المساعدة في تحضير الساندويشات في دار رعاية المسنين. أو غسل ملابس لكبار السن. أو القيام بأعمال مشابهة"، هكذا وضحت رئيسة الوزراء الدنماركية.

بصراحة مطلقة، تقول الحكومة الدنماركية بأن المهمات التي ستوكل للنساء العاطلات عن العمل من أصول غير غربية ستكون "بالمجمل مهام لم تكن لتؤدى لولاهم" وتضيف بعض الأمثلة مثل "تنظيف المناطق العامة" كالشوارع والحدائق والمكتبات و"فرز الملابس قبل غسيلها وتحضير الطعام. وتنظيف الشواطئ وتنظيف سيارات البلدية". وسيتوجب على الفئة المستهدفة العمل لمدة 37 ساعة أسبوعياً على الأقل والاستمرار بالبحث عن عمل إلى جانب ذلك وإلا يتم قطع إعانات البطالة. وسيستهدف هذا القانون نحو 27 ألف شخص يتلقون المساعدات.

خبرتك غير مهمة

ترى رندة هذا الأمر على أنه "مهين"، لإنها تؤمن بأن على الحكومة مساعدتها في البحث عن وظيفة تلائم مؤهلاتها الدراسية وخبرتها المهنية السابقة، أو أن يكون الأمر مؤقتاً لحين قيام الحكومة بتوفير وظائف مناسبة، لا أن يتم إجبارها على العمل في هذه المهام دون أي فرصة أخرى مستقبلاً.

أما الباحثة والاستشارية صفاء محمد علي فترى بأن قانون العمل الإلزامي ضد النساء من ذوي الأصول غير الغربية سيكون "غير مجدي" وأنه مجرد "سياسات رمزية". وتضيف في حديث مع صحيفة محلية بأن البطالة في الغالبية العظمى بين النساء ليست اختياراً طوعياً أو بسبب "الكسل" وإنما بسبب الظروف وعدم القدرة على العثور على وظيفة ملائمة.

وتشير دراسة أعدتها المؤسسة الدنماركية Væksthuset بأن الطريقة الأفضل لإدخال المزيد من النساء في سوق العمل هي النظر لكل حالة فردية على حدة للتركيز على المهارات والقدرات المختلفة، فالبعض يحتاجون لتعلم بعض المهارات الإضافة أو اللغة المحلية بينما البعض الآخر يحتاج فقط للمساعدة في العثور على وظيفة ملائمة.

حاولت رئيسة الوزراء الدنماركية من حزب الديمقراطيين الاشتراكيين تمرير هذا القانون قبل عامين، إلا أنها لاقت معارضةً من حلفائها من أحزاب اليسار. أما الآن وقد قامت بتشكيل حكومة تضم اليمين الليبرالي ويمين الوسط، فإن لديها الأغلبية البرلمانية اللازمة لتمرير هذا القانون.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة