سياسة

هل تسحب ألمانيا أطفال المسلمين لـ"تنصيرهم"؟

نشر

.

Celine Ibrahim

"إنهم يسحبون أبناء المسلمين لتنصيرهم" تأتي هذه العبارة بصياغات مختلفة مع كل خبر عن تدخل الشرطة لإبعاد أحد الأطفال من أبناء المهاجرين عن أسرته وتسليمه إلى أسرة بديلة في عدد من دول أوروبا الغربية.

فهل هناك استهداف بالفعل لأبناء المسلمين المهاجرين؟

الأرقام التي حصلت عليها بلينكس تقول عكس ذلك، رغم تسجيل شكاوى من طرق التدخل الشرطي العنيف، والعنصرية التي تُمارس ضد اللاجئين من أصول عربية أو أفريقية بشكل عام.

مقطع فيديو لرجال شرطة ألمان وموظفون من وكالة حماية الطفل يدخلون منزلا ويأخذون الطفل من عائلته بالقوة، فيما كان الطفل يبكي طلباً للمساعدة ويحاول مقاومة الضباط، فجر نقاشا حادا على السوشيال ميديا.

هذه الحادثة، وغيرها، تظهر من وقت لآخر في دول مثل السويد وألمانيا والدنمارك، مع الاستشهاد بهذه القصص لإثبات الاستهداف الممنهج للمسلمين واللاجئين.

ماذا تفعل الشرطة مع أبناء الأوروبيين؟

الطفلة المعروفة باسم ماريا، في الثامنة من عمرها تقيم مع والدتها وجدّيها الألمان غير المهاجرين في ولاية أولب. قررت أسرتها الإبقاء عليها في المنزل دون خروج لسنوات. تصنّفت وكالة حماية الطفل الألمانية هذا السلوك باعتباره إهمال وسوء معاملة، رغم عدم وجود آثار لتجويع الطفلة أو إساءة معاملتها جسديا.

ذهبت الشرطة مع موظفي الوكالة في سبتمبر من العام ٢٠٢٢. طرقت الباب، ووجدت الطفلة بصحبة أسرتها الأصلية، سحبتها منهم، وسلّمتها لأسرة بديلة، مع قرار من سلطة الإدعاء في الولاية بفتح تحقيق عن كيفية تغييب طفلة في مدينة كبرى، وليست منطقة منعزلة في الغابات، مع إقرار النيابة بأن الطفلة لم تتعرض للمنع من الطعام أو الضرب.

أفلتت الأم طوال ٧ سنوات أبقت فيها الطفلة داخل المنزل دون خروج، عندما قدمت أوراقا عام ٢٠١٤ بأنها ستنتقل للحياة في إيطاليا، وبالتالي لم تكن مطالبة بتقديم أوراق الطفلة إلى المدرسة، وفي المقابل لم يسأل عنها أحد.

قصة هذه الطفلة الألمانية ليست بمعزل عن آلاف القصص الأخرى لأطفال من أصول ألمانية غير مهاجرة أو لاجئة، قررت السلطات سحبهم من العائلات الأصلية وتسليمهم إلى أسر بديلة. بحسب آخر إحصاء حكومي ألماني يصل عدد الحالات ذات الأصول الألمانية إلى ٤ آلاف و١٤٧ حالة، تدخلت فيها الشرطة ووكالة حماية الطفل. هذا الرقم يعتبر تقريبا ضعف عدد الأطفال من أصول مهاجرة، والذين يبلغ عددهم نحو ٢٤٠٠ طفل تدخلت الشرطة وقررت سحبهم وتسليمهم إلى أسر بديلة.

قرارات التدخل من السلطات الألمانية لا يتوقف على حالات الإهمال فقط، وإنما الضرب أو المعاملة المسيئة جسديا للطفل تستدعي تدخل الشرطة سواء عن طريق إبلاغ الطفل نفسه أو أحد الجيران أو مدرّسيهم، عندما سحبت ألفين و٣٧٥ طفلا من أسر ألمانية غير مهاجرة، في مقابل أكثر من ٣٥٠٠ حالة طفل من أصول مهاجرة أو لاجئين إلى ألمانيا.

تفرّق السلطات الألمانية بين سوء المعاملة الجسدية والإيذاء النفسي، عندما سحبت أكثر من ١٩٠٠ طفل من أسر ألمانية غير مهاجرة في ١٦ ولاية تشكّل الجمهورية الاتحادية الألمانية، في مقابل ٢٠٢٧ طفلا من أصول مهاجرة، بسبب المعاملة النفسية السيئة.

سحب الأطفال بسبب الاعتداءات الجنسية تزيد نسبته في صفوف العائلات الألمانية عنها في صفوف العائلات المهاجرة أو اللاجئة، إذ سحب الشرطة ووكالة حماية الطفل 596، في مقابل 364 طفلا من أصول مهاجرة أو لاجئة إلى ألمانيا، بحسب آخر إحصاء رسمي في ٢٠٢١.

... هل يعني هذا أن الشرطة الألمانية لا تمارس التمييز؟

لا. تسجل منظمات حقوقية ألمانية حالتين يوميا من المعاملة العنصرية والعنف، يمارسها أفراد الشرطة ضد مواطنين من أصول مهاجرة غير بيضاء.

وفي أكتوبر من العام ٢٠٢٠ كشف تحقيق عن تورط مجموعة من ضباط وأفراد الشرطة والاستخبارات في ممارسات يمينية متطرفة، يعتنق أفرادها أفكارا نازية مناهضة للاجئين والملونين من غير ذوي البشرة البيضاء، وأثبت التحقيق تورط هؤلاء في ممارسات عنصرية بحكم عملهم في إنفاذ القانون.

رغم تعدد الشكاوى من تورط الشرطة الألمانية في هذه الممارسات إلا أن وزارة الداخلية رفضت إجراء أي تحقيق في الادعاءات، لكن الكشف عن هذه المجموعة، تراجعت الوزارة وقررت فتح تحقيق رسمي في الممارسات العنصرية لأفراد الشرطة والاستخبارات.

اعرف أكثر

لا يعد إجراء سحب الأطفال من ذويهم قضية جديدة في ألمانيا، البلد الذي يلزم نفسه باتفاقية حماية حقوق الطفل منذ العام 1992، عندما صادقت الحكومة الألمانية على اتفاقية حقوق الطفل التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 نوفمبر 1989.

عربيا، وقعت ١٦ دولة عربية على اتفاقية حقوق الطفل، في حين لم تصدّق إلا ١٠ دول على الاتفاقية لتصبح جزءا من قوانينها الوطنية، وهي الإمارات العربية المتحدة، ومصر، والمغرب، ولبنان، والبحرين، والسودان، واليمن، وليبيا، وجزر القمر، وموريتانيا.

ضرب الأطفال عربيا، يعتبر عقابا شائعا، بينما يراه الغرب ممارسة عنيفة تستوجب تدخل الدولة.

هذا الاختلاف بين الثقافتين تحدث عنه الكوميدي اللبناني- الأميركي نمر أبو نصار، في أحد عروضه، عندما تتحدث عن استخدام الضرب كوسيلة عقاب عادية يمارسها أهله العرب، مقارنة بصديقه الأميركي الذي يراها ممارسة غير إنسانية غير لائقة.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة