سياسة
.
إذا كنت من ساكني العاصمة الأوكرانية وقررت يوما السفر إلى قلب العاصمة الروسية موسكو فستستقل الطائرة لتقطع مسافة تصل إلى 755 كيلو مترًا، أما من الحدود بين البلدين حتى موسكو فقد تقطع مسافة 450 كيلو مترًا وهذه هي الرحلة التي ربما قطعتها طائرتين بلا طيار لمحاولة الهجوم على الكرملين واغتيال الرئيس فلاديمير بوتين لكنهما أسقطا بحسب الرئاسة الروسية.
بدورها نفت الرئاسة الأوكرانية القيام بهذه المحاولة متهمة موسكو بمحاولة تدبير الأمر لإعداد ظروف لشن هجوم واسع على البلاد.
وما بين الاتهام والنفي يطرح التساؤل حول مدى قدرة الطائرات المسيرة على تنفيذ هذا الهجوم أو الحصول على دعم من حلفائها أو تدبير من جانب روسيا للحصول على ذريعة كما تقول كييف.
إذا كان لدى أوكرانيا تمتلك من الطائرات دون طيار ما يمكنها من شن هذا الهجوم فأي نوع ستستخدم على وجه الدقة؟
بحسب واشنطن بوست، تمتلك أوكرانيا عددًا من المسيرات أهمها SWITCHBLADE 300 والتي حصلت عليها من الولايات المتحدة، ولديها القدرة على قطع مسافة تصل إلى 6 أميال (9.6 كيلومتر)، وتستخدم للهجوم على مجموعات صغيرة من الجنود أو عربات مصفحة وبالتالي فهي مستبعدة.
النوع الثاني وهي بيراقدار التركية والمجهزة بصواريخ موجهة بالليزر، ولديها القدرة على إجراء الاستطلاع وضرب الأهداف، لكنها تستطيع قطع مسافة تصل إلى 186 ميلًا (300 كيلو متر) ما يخرجها أيضًا من دائرة الاتهام.
أما الثالثة فهي MATRICE 300 RTK وهي تجارية بالأساس لكنها تستخدم من قبل المتطوعين في ساحة المعارك، وبالتالي تستبعد من شن هذا الهجوم.
لكن إلى جانب هذه المسيرات تنتج أوكرانيا نوعية أخرى هي UJ-22 والتي ظهرت في مقطع فيديو في فبراير الماضي بعد إسقاطها في محاولة للهجوم على حقل للغاز الطبيعي قريب من موسكو حيث إن لديها القدرة على التحليق لمسافة تصل إلى 800 كيلو متر في طيران حر بحسب بي بي سي.
ويشير صامويل باندت الخبير في الدفاع الروسي والطائرات بدون طيار في مركز التحليلات البحرية في حديث إلى ذا انسايدر أن هذه المسيرات هي الأقرب للاستخدام نظرًا لقدرتها على الطيران لمسافات بعيدة، فيما يقول جيمس باتون روجرز المؤرخ العسكري ومستشار الناتو للطائرات بدون طيار إن قدرتها على الطيران منخفضة نسبيًا، وبطيئة ما يجعل احتمالية تهربها من الرادار واردة.
وحتى الآن لا يمكن التأكد من استخدام هذا النوع من المسيرات في الهجوم، لكن سيناريو آخر يبقى قيد الاحتمال، وهو إمداد أوكرانيا بنوعية من السلاح قادرة على القيام بهذه العمليات.
يقول الدكتور سيد غنيم استشاري الأمن الدوَلي والدفاع ورئيس معهد شؤون الأمن العالمي والدفاع في تصريحات لموقع بلينكس "يمكن أن يصل لها أي نوع من السلاح من الغرب سواء بشكل معلن أو غير معلن سواء كان درونز أو غيرها".
وتمتلك الولايات المتحدة طائرات بدون طيار يبلغ مداها أكثر من 12000 ميل بحري، والقدرة على الطيران على ارتفاعات تصل إلى 60 ألف قدم ، والقدرة على البقاء في الجو لمدة 34 ساعة بحسب صحيفة بروسلز مورنينغ البلجيكية، ويأتي على رأس هذه الطائرات MQ-9 Reaper والتي تقطع مسافة تصل إلى 1100 ميل (1850 كيلو متر).
يشير غنيم إلى احتمالية أن تكون العملية من داخل روسيا وذلك في حال كانت المسافة التي تقطعها الطائرة قصيرة، أو اكتشافه إذا استخدم من أوكرانيا ففي هذه الحالة سيستخدم بصورة أفضل من داخل روسيا إما بواسطة معارضين روس أو أوكرانيين مزروعين تم تدريبهم على استخدام المسيرات خاصة أن استخدام المسيرات سهل.
بحسب ذا إنسايدر فإن التعبئة الجزئية التي قامت بها روسيا في الخريف الماضي قد دفعت إلى مقاومة نظام بوتين، لكن معظم الهجمات كانت على مراكز التعبئة التابعة لوزارة الدفاع الروسية.
ويحمل روجرز اتجاها مختلفا حول هذا السيناريو فيقول "ليس هناك أي مؤشر على استخدام الجماعات لديها القدرة على استخدام طائرات بدون طيار في هجماتها.
وفي الماضي سقط 11 قتيلًا وأصيب 15 آخرون بجروح جراء إطلاق النار من جانب مسلحين على أحد مراكز التدريب في منطقة بلجورود جنوبي روسيا.
في أعقاب الهجوم خرج رئيس روسيا السابق ونائب رئيس مجلس الأمن الروسي الحالي ديمتري ميدفيديف داعيًا إلى تصفية الرئيس الأوكراني فولديمير زلينيسكي وحاشيته، وهوالأمر الذي فتح تساؤلا حول إذا ما دبرت روسيا الهجوم لإيجاد مبرر للهجوم الشامل على أوكرانيا والقضاء على النظام فيما يعرف بعمليات "العلم الزائف".
بخصوص هذا الأمر يشير غنيم إلى كل شيء وارد لكن هناك نقطة مهمة وهي أنه دائما يجب أن تكون الفائدة أعلى من التكلفة، فتكلفة استهداف الكرملين ينال من رمز عزة وكرامة روسيا، إضافة إلى أن موسكو لا تحتاج إلى مبررات ما إذا أرادت تنفيذ أي عمل، علاوة على ذلك أن استهدف الكرملين هبط بأسهم بوتين ونظامه الحاكم.
وعادة ما يوجه الغرب اتهامات لموسكو بالقيام بعمليات "العلم الزائف"، فقبيل اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية كشف المخابرات الأميركية عن أن روسيا تستعد للقيام بعملية تخريبية تبرر لها الدخول إلى أوكرانيا بعد حشدها أعدادًا كبيرة من القوات.
اندلعت الحرب في أوكرانيا في فبراير من العام الماضي بعد أن قررت روسيا إجراء ما وصفته بعملية عسكرية خاصة في شرق أوكرانيا أعقبها ضم 4 مناطق في أوكرانيا إلى الاتحاد الروسي.
أسفرت عن مقتل ما بين 35 ألف إلى 43 ألف عسكري روسي وإصابة ما بين 154 إلى 180 ألف آخرين، فيما سقط من الجانب الأوكراني 15 إلى 17 ألف قتيل ومابين 109- 113 ألف مصاب في تلك العمليات بحسب استخبارات وزارة الدفاع الأميركية.
وضمت روسيا في عام 2014 شبه جزيرة القرم من أوكرانيا في أعقاب اندلاع الاشتباكات بين الجيش الأوكراني من جانب وجمهوريتي لوغانسك ودوينتسك المعلنتان من جانب واحد حينها والواقعتين شرقي أوكرانيا.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة