سياسة
.
لم تكن الجزائرية ريما عنان تعلم أن حياتها ستتحول إلى جحيم وأن النيران ستلتهم جسدها ومستقبلها سويا، حينما خرجت من منزلها في 26 سبتمبر 2022.
في صباح ذاك اليوم، غادرت ريما منزلها الواقع بمدينة تيزي وزو، وسلكت طريقها المعتاد للعمل عبر محطة الحافلات، وبينما هي تنتظر، ظهر أمامها رجل كان قد طلب منها الزواج عدة مرات قابلتها هي بالرفض.
وقبل أن تدرك الموقف، انقض عليها المعتدي وصب البنزين على جسدها وأضرم النار فيها.
بعد نقلها إلى مستشفى المدينة، وجدت أسرتها أن خطورة إصابتها تستعدي نقلها للخارج، لتبدأ ريما رحلة جديدة قاسية بمستشفى كيرونسالود في مدريد.
بعد أن أنقذها الأطباء الإسبان من الموت، استيقظت ريما من غيبوبة استمرت 3 أسابيع بحروق من الدرجتين الثالثة والرابعة، غطت أكثر من 75% من جسدها.
ولدى استيقاظها، سألت عن زوجها وابنها، رغم أنها عازبة، في تصرف فسره الأطباء أنه آلية دفاع شائعة يلجأ إليها دماغ المريض لحمايته.
بعد أشهر طويلة من العناية الطبية المكثفة، بدأت ريما أخيرا تستعيد عافيتها. ريما قالت بعد استفاقتها إنها تريد البقاء في إسبانيا، حيث وجدت الأمان والحرية، وقالت إنها تود أن تعمل في تعليم اللغات مثل الفرنسية والإنكليزية لهؤلاء الذين يحتاجون إليها.
ريما ليست وحدها، فقد شهدت دول عربية مؤخرا عدة جرائم عنف ضد النساء كان دافعها الأوحد كلمة "لا!"، ونفذها رجال لم يتقبلوا هذه الـ"لا"، وكانت ضحاياها إما نساء لم يدخلن في علاقات مع قاتليهم أو أخريات كن بالفعل في علاقات حب أو زواج.
في يونيو الماضي، قتلت المصرية نيرة أشرف أمام جامعتها بدلتا النيل شمالي القاهرة، بعدما باغتها قاتلها بعدة طعنات لرفضها الارتباط به، وبعدها بأيام، وقعت جريمة مماثلة في الأردن بحق طالبة تدعى إيمان رشيد، أطلق قاتلها النار عليها لنفس السبب.
في الولايات المتحدة، قتلت الطالبة تيارا بوي برصاصة في وجهها بعدما طلبت من رجل أن يبتعد عنها في حفلة راقصة، وقتلت الطالبة الجامعية في آيوا، مولي تيبيتس، طعنا، بعدما طلبت من رجل تحدث إليها أثناء ممارستها رياضة الركض، الابتعاد عنها، وفي ديترويت، قتلت أم لثلاثة أطفال، بعدما رفضت إعطاء رقم هاتفها لشخص غريب.
"هناك سبب يدفع النساء إلى إعطاء أرقام هواتف مزيفة، أو اختراع شركاء لا وجود لهم" تقول الكاتبة جيسيكا فالنتي، التي تعرف جرائم القتل من هذا النوع باسم "جرائم الرفض".
تقول جيسيكا "لقد تعلمنا أن عدم الاهتمام بشخص ليس سببا كافيا لقول لا. بالإضافة إلى ذلك، لن نعرف أبدا رد الفعل الذي سيتسبب فيها الرفض، هل سيكتفي برسالة غاضبة أم هل يعميه الغضب حد الإيذاء؟".
بحسب إحصاءات حديثة لمنظمة الصحة العالمية، فقد تعرضت 736 مليون امرأة، أي ثلث نساء العالم، إلى عنف جسدي أو جنسي خلال حياتهن.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة