سياسة
.
لن يمنح حكيم إكينجي، وهو مصفف شعر من إسطنبول طالما أيد الرئيس التركي، صوته لرجب طيب أردوغان في انتخابات اليوم الأحد، وهو ما يرجعه إلى السياسات الاقتصادية التي أتت على القوة الشرائية للأتراك وتركت الكثيرين غير قادرين على تحمل شراء حتى المواد الغذائية الضرورية.
وفي السنوات العشر الأولى له في السلطة تمكن أردوغان وحزبه (حزب العدالة والتنمية) ذي الجذور الإسلامية من الحفاظ على قاعدة الناخبين المؤيدة لهما، المكونة أساسا من الأتراك ذوي الدخل المنخفض والمسلمين المحافظين، عبر تسجيل نمو اقتصادي قوي.
لكن أزمة غلاء المعيشة التي أثارها برنامج أردوغان الاقتصادي غير التقليدي على مدار فترة عام ونصف العام حتى الآن أدت إلى تآكل شعبيته، ليواجه أكبر التحديات الانتخابية في 20 عاما قضاها في السلطة.
وتظهر بعض استطلاعات الرأي أن نسبة تأييد أردوغان أقل من خصمه الرئيسي كمال كليتشدار أوغلو قبيل الجولة الأولى من التصويت، على الرغم من أن الفارق تقلص في الآونة الأخيرة. ولا يزال الغموض يكتنف السباق البرلماني، مع احتمال فوز المعارضة بأغلبية ضئيلة.
قال إكينجي (63 عاما) بينما توقف مؤقتا عن قص شعر أحد العملاء في صالونه بمنطقة بشكطاش في إسطنبول "اعتدنا على أنه يمكننا شراء ملء ثلاثة إلى أربعة أكياس من البقالة بمبلغ 150 إلى 200 ليرة (7.7 إلى 10 دولارات). لم نكن أنا وزوجتي نقدر على حملها. الآن بالكاد يمكننا ملء كيسين (بهذا المبلغ).
وتمثل آراء إكينجي ملايين الأتراك الذين اضطروا للتعامل مع التضخم الجامح لسنوات، بحسب رويترز.
وارتفعت أسعار المواد الغذائية 54 بالمئة على أساس سنوي في أبريل نيسان، مع انخفاض التضخم إلى 43.7 بالمئة بعد أن بلغ ذروته في أكتوبر تشرين الأول عند 85.5 بالمئة، وهو أعلى مستوى خلال حكم أردوغان.
وظل التضخم السنوي أكثر من 10 بالمئة طوال خمس سنوات تقريبا منذ الانتخابات العامة في 2018. وبدأ يرتفع بشدة بعد أزمة العملة في أواخر عام 2021، والتي نجمت عن سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة وفقا للسياسة الاقتصادية غير التقليدية لأردوغان.
وقال إكينجي إنه بدأ يتشكك في دعمه للرئيس ولحزب العدالة والتنمية لأسباب اقتصادية بعد فترة وجيزة من انتخابات 2018، واتخذ قرارا محددا بعدم التصويت لهما بعد أزمة العملة في عام 2021.
ظل الرئيس رجب طيب أردوغان سيدا لجميع الانتخابات التي شهدتها تركيا على مدار أكثر من عقدين.
ويمكن الشعور في شوارع البلاد بحالة من عدم اليقين والقلق والترقب والتوتر تجاه ما قد تحمل النتائج في طياتها لثاني أكبر دولة في أوروبا بعدد سكان 85 مليون نسمة. وهناك عدد كبير من الأتراك من بينهم جيل جديد من الناخبين يتوقون إلى التغيير.
لقد أنهكهم التضخم الطاحن وانهيار الليرة والتدني الحاد في مستويات المعيشة، بالإضافة إلى الزلزال المدمر الذي وقع في فبراير شباط وأودى بحياة أكثر من 50 ألف شخص وشرد الملايين.
ويعتقد من تابعوا صعود أردوغان على مدى العقود الثلاثة الماضية أنه سيقاتل بكل الوسائل للاحتفاظ بالسلطة وقد يستخدم موارد الدولة لصالحه لانتزاع فوز بفارق طفيف أو الطعن في أي هزيمة بفارق ضئيل.
وقال الكاتب الصحفي التركي قدري جورسل "إنه سيطعن في النتائج إذا لم تكن في مصلحته وإذا كان الهامش ضئيلا، لكنه لن يستطيع فعل الكثير إذا حققت المعارضة فوزا ساحقا. إنه في أضعف نقاط حياته السياسية".
وفي رد على سؤال عن اعتراض أردوغان المحتمل على النتيجة، قال مسؤول رئاسي لرويترز إنه في حالة حدوث مخالفات فسيتم تقديم طعون إلى لجنة الانتخابات وهو أمر قال إنه يحق لحزب الشعب الجمهوري المعارض القيام به أيضا.
وأضاف "لكن إذا خسر الانتخابات، فإن القول إنه لن يترك منصبه لا معنى له وبلا أساس".
وتضررت حظوظ أردوغان بسبب الاقتصاد المتدهور وما اعتبره منتقدون تعاملا فاترا مع الزلزال، خاصة بعد ما أثير حول إفلات بعض مقاولي الإنشاءات في المناطق الأكثر تضررا من العقاب على الرغم من انتهاكات بناء سابقة مما فاقم من ضعف صمود المباني أمام الزلازل.
وقال جورسل "جاء أردوغان إلى السلطة في غمرة أزمة اقتصادية وزلزال مدمر وسيغادر في الظروف نفسها"، في إشارة إلى التضخم المتصاعد في تسعينيات القرن الماضي في أعقاب زلزال عام 1999 بالقرب من إسطنبول.
ويشير محللون إلى أن التضخم والأزمات الاقتصادية أدت تاريخيا إلى إسقاط كل حكومة تركية اعتُبرت مسؤولة عن سوء إدارة شؤون الدولة.
وأردوغان هو الزعيم الأكثر نفوذا منذ أن أسس مصطفى كمال أتاتورك تركيا الحديثة قبل قرن، وكدس السلطات في يديه بتبني نظام حكم رئاسي تنفيذي، وقمع المعارضة وألقى بالمنتقدين والخصوم في السجون، وضغط على وسائل الإعلام والقضاء والاقتصاد وأقال آخر ثلاثة محافظين للبنك المركزي في عامين.
وبعد محاولة انقلاب ضده عام 2016، أبعد جنرالات أقوياء وأخضع الجيش وحاكم بعض الضباط وأعقب ذلك قمع المعارضين.
وإلى حد ما، قاد أردوغان وحزبه العدالة والتنمية تركيا بعيدا عن نموذج أتاتورك العلماني وتوجه بها نحو أجندة ذات مرجعية إسلامية. ويصفه خصومه بأنه سلطان يطمح لمنافسة أتاتورك كشخصية تاريخية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة