بريغوجين يجبر زيلينسكي على الاستسلام: باخموت باقية في قلوبنا فقط

على الجانب الآخر، كانت إجابة الرئيس الأوكراني فولديمير زلينسكي عن سؤال على هامش قمة مجموعة السبع إذا ما كانت كييف قد فقدت المدينة أن باخموت "اليوم فقط في قلوبنا"، وأن المدينة تدمرت تمامًا دون أن يعترف بشكل صريح أن المدينة قد سقطت في يد فاغنر.

ردا على سؤال من الصحفيين لمعرفة ما اذا كانت القوات الأوكرانية لا تزال تقاوم أو اذا كانت روسيا سيطرت على المدينة، لم يعط زيلينسكي موقفا واضحا لكنه قال "يجب أن تفهموا انه لم يتبق شيء هناك"، مؤكدا "اليوم، باخموت باقية في قلوبنا فقط".

بريغوجين وجه كلمة إلى زلينسكي في الفيديو ليقول له "فلاديمير أليكسندروفيتش، لا تهكم، حارب مقاتلوك بشجاعة، إذا اتبعوا الطريق ذاته فبإمكانهم أن يصبحوا الجيش الثاني عالميا، بعد أقوى جيش في العالم (فاغنر)".

انتهى الكلام بين بريغوجين وزلينسكي ولم يتبقَ سوى أرض الواقع وهي أرض باخموت الاستراتيجية والتي تحتاج إلى الإجابة على تساؤلات عديدة.

تعتبر مدينة باخموت جزء من منطقة دونباس الصناعية الناطقة بالروسية حيث تقع في الجانب الشرقي من مدينة دوينتسك الواقعة شرق أوكرانيا، ويقدر عدد السكان فيها قبل الحرب التي اندلعت في فبراير 2022 ما بين 70 إلى 80 ألف شخص بحسب رويترز.

وتعد باخموت التي عرفت حتى عام 2016 بأرتيميفسك -ولا يزال الاسم الذي يطلقه الروس عليها- مركزا لصناعة الملح منذ مطلع القرن الثامن عشر منذ عهد قيصر روسيا بطرس الأول، وتضم معهدا لصناعة الملح، وقد ظهر فيها منذ القرن التاسع عشر تم صناعات كيميائية تعتمد بالمثل على الإمدادات المحلية من الحجر الجيري وفحم الكوك بحسب الموسوعة البريطانية بريتانيكا.

مطلع مايو الجاري قدر البيت الأبيض الأميركي حجم ضحايا القوات الروسية جراء المعارك بما يزيد على 100 ألف شخص خلال الأشهر الخمسة الماضية من بينهم 20 ألف قتيل نصفهم من مقاتلي فاغنر أي 10 آلاف شخص.

أما الجانب الأوكراني، فقد أشار أحد المسؤولين الروس في تصريحات نقلتها وكالة أنباء تاس المحلية أن القوات الروسية قتلت ما بين 15 إلى 20 ألف عسكري أوكراني.

ولا يمكن حتى الآن تأكيد عدد القتلى من كلا الجانبين.

تعتبر باخموت مركزا استراتيجيا بالنسبة لروسيا نظرًا لكونها حجر زاوية فيما يخص عمليات النقل واللوجيستيات، إضافة إلى أنها ستكون نقطة البداية للتقدم في مدينتين كبيرتين تريدهما في منطقة دونيتسك هما كراماتورسك وسلوفيانسك حيث سيصبحان في مرمى المدفعية الروسية ما يسهل ما تعرفه موسكو بعملية "تحرير جمهورية دونيتسك الشعبية".

ودونيتسك هو إقليم ضمته روسيا ضمن أربعة أقاليم أخرى هي لوغانسك وزباروجيا وخيرسون في سبتمبر الماضي لتسيطر على 20% من مساحة أوكرانيا الكلية البالغة أكثر من 600 ألف كيلو متر مربع.

تاريخيًا كان إنشاء المدينة أصلا لحماية روسيا من هجمات تاتار القرم مطلع القرن السابع عشر قبل أن تتدمر تماما في ثورة بولافين ضد روسيا القيصرية، وفي الحرب العالمية الأولى وصفت بأنها كانت "مفرمة لحم" حيث كانت ساحة للمعارك مليئة بالقصف المدفعي والصواريخ.

وفي الحرب العالمية الثانية قد شهدت مجزرة على يد القوات النازية ضد 3000 يهودي جمعوا داخل منجم قبل هدمه وخنقهم.

نعم، تعد معركة ستالينغراد "حاليا فولغوغراد في روسيا" بين القوات السوفييتية وألمانيا النازية واحدة من أطول المعارك في تاريخ الحرب العالمية الثانية حيث استمرت حوالي 200 يوم بين يوليو 1942 وفبراير 1943، وأسفرت عن سقوط ما يقرب من مليوني شخص من الجانبين قبل دحر القوات الألمانية وتكون نقطة تحول حيث توقف النازيون وبدأوا في التراجع حتى سقوط برلين عام 1945.

وقد شهد الروس أيضا حصارا لمدينة لينينغراد -حاليا مدينة سان بطرسبرج الروسية - استمر 900 يوم بين سبتمبر 1941 و يناير 1944، وقد أودى الحصار بحاة 650 ألف لينينغراد في عام 1942 وحده، جراء الجوع والمرض والقصف من المدفعية الألمانية البعيدة، قبل كسر الحصار جزئيا عام 1943 وإنهاؤه تماما عام 1944 من قبل القوات السوفييتية.