نظام بريتون وودز.. منقذ الحرب العالمية الثانية خارج الخدمة

دُشن نظام بريتون وودز علي يد ممثلي ٤٤ دولة خلال مؤتمر الأمم المتحدة النقدي والمالي في الولايات المتحدة، شكل المؤتمر ظاهرة غير مسبوقة فيما يتعلق بتعاون الدول مع بعضها البعض في المجال النقدي والمالي، بعدما كان الشائع هو فصل تلك الأنظمة الاقتصادية بصرامة.

ومن ثم كان من بين الأهداف الرئيسية في النظام الجديد وفقًا لموقع Federal Reserve History أن يبتعد النظام الجديد عن جمود الأنظمة النقدية السابقة ويواجه أزمة نقص التعاون بين الدول في هذا السياق.

إلا أن الوصول للصيغ الوسيطة لتنفيذ أهداف النظام تطلب عمل مستمر على مدار عامين سابقين على المؤتمر من الاجتماعات متعددة الأطراف للوصول إلى سبل تنفيذ مشتركة.

غالبًا ما ترتبط تفاصيل الاتفاق بأسماء مستشار الخزانة البريطانية، جون ماينارد كينز وكبير الاقتصاديين الدوليين في وزارة الخزانة هاري ديكستر وايت، إذ يُعزى إليهما وضع الملامح الأكثر تأثيرًا للنظام الجديد.

أقر النظام المالي الجديد تدشين مؤسستين جديدتين، هما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي للإنشاء والتعمير، الذي بات يعرف اليوم بالبنك الدولي فقط.

وبموجب الاتفاق، أسندت لصندوق النقد الدولي مهام مراقبة أسعار الصرف، وإقراض العملات الاحتياطية للدول التي تعاني من عجز في ميزان المدفوعات، كما أصبح البنك الدولي للإنشاء والتعمير الجهة المعنية بتقديم المساعدة المالية لإعادة الإعمار بعد الحرب العالمية الثانية.

كما اتفقت الدول على جعل عملاتها ثابتة ولكن قابلة للتعديل في مقابل الدولار مع تثبيت الدولار مقابل الذهب عند 35 دولارًا للأوقية.

وفي ديسمبر من العام 1945 بدأ صندوق النقد بالتمتع بالوجود الفعلي، وبحلول أواخر خمسينيات القرن الماضي، كان النظام برمته قد ترسخ ويعمل بكفاءة.

بالرغم من أننا ما زلنا نتمتع ببعض مخرجات اتفاق بريتون وودز، كالمؤسسات المالية العالمية التي أسفر عن تدشينها، إلا أن النظام ذاته كان قد بدأ بالترنح بالفعل قبل نهاية القرن الماضي، وبالتحديد خلال حقبة السبعينيات.

حدث ذلك على خلفية اندلاع القتال في فيتنام، إذ أدت زيادة الانفاق الأميركي على الأغراض العسكرية، من بين أسباب أخرى إلي تحول قيمة الدولار الأميركي أمام أوقية الذهب أكبر من الواقع، ومن ثم بدأت رحلة تداعي الاتفاق التدريجية بحسب موقع صندوق النقد الدولي.

ففي العام 1971، وبالتحديد في شهر أغسطس، عطل الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون قابلية تحويل الدولار للذهب، ومع انهيار المعيار الثابت، بدأت العملات في تعويم قيمها مقابل بعضها البعض بحلول العام 1973، ومن ثم أصبح للدول الأعضاء في صندوق النقد الحرية في اختيار أنظمة ترتيبات الصرف، بينما لا يمكنهم ربط عملاتهم بالذهب تحديدًا.