سياسة
.
خلال استعدادهم لصلاة الجمعة في ٢٦ مايو، سمع سكان قريتي المغير وترمسعيا شرقي مدينة رام الله أن المستوطنين يحرقون أراضيهم الزراعية، فهرعوا يركضون إلى المكان والنار تأكله.
من أعلى الجبل الشمالي في قرية المغير نزل المزارعون نحو السفح والسهل الواقع تحته ليطفئوا النيران المشتعلة بمحصول القمح وأشجار الزيتون من حوله بعد أن أضرم مستوطنون النار فيها وهربوا من المكان، بينما كان الجيش الإسرائيلي ما يزال يغلق أبواب القرية منذ سبعة أيام ولم يسمح لأفراد الدفاع المدني، الإطفائية، بالدخول إلى القرية. فما كان من المحصول الذي يعتاش منه أكثر من نصف سكان القرية إلا وأن تحول رماداً.
حادثة إحراق المحاصيل، أسفرت كذلك عن قتل المستوطنين فلسطينياً أثناء إحراقهم عشرات المركبات التي تعود ملكيتها لسكان قرية المغير المحاصرة من جميع جهاتها بمستوطنتَي شيفوت راحيل وعدي عاد، من جهة، ومعسكر الجيش الإسرائيلي مفيو شيلو، إلى جانب الشارع الاستيطاني رقم 90 الذي شق وسط القرية، من جهة أخرى، وتسبب في عزل أراضي الفلسطينيين الزراعية عن منازلهم.
توفر الحكومة الإسرائيلية بينة تحتية متميزة للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة، وهو تطور ملحوظ وجديد في المستوطنات الإسرائيلية التي لم تكن مميزة على صعيد الخدمات في السابق، وذلك حسب دراسة لجامعة هارفارد.
من الأسباب التي تدفع الإسرائيليين اختيار مستوطنات الضفة للعيش فيها هو ارتفاع أسعار السلع الغذائية والخدمات في المدن الإسرائيلية، إذ تأتي تل أبيب كواحدة من أغلى المدن في العالم بحسب قائمة سي أن أن للعام 2021، بعد أن كانت الخامسة في العام السابق.
توفر الحكومة الإسرائيلية أرضاً زراعية للعائلات الإسرائيلية التي تسكن في المستوطنات بمتوسط 10 دونمات (10 آلاف متر مربع) وتوزع هذه الأراضي في مناطق وسط وجنوب الضفة والأغوار. حيث تعتبر أراضي المستوطنين في الأغوار المصدِّر الأول للتمر من نوع "المجدول" في الشرق الأوسط.
ينتمي غالبية المستوطنين لحركات دينية تعتبر الضفة جزءا من أراضي إسرائيل التاريخية، وتسميها "يهودا والسامرة"، مثل "حركة المخلصين لأرض إسرائيل الكاملة" وهم يعيشون في مستوطنتي تشيلو في رام الله، و يتسهار في نابلس. وبحسب الغارديان شهد العام 2023 تصاعداً كبيراً في عنف المستوطنين في مناطق الضفة المحتلة.
بدأت رحلة الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ العام 1967، عندما أتاح احتلال إسرائيل للضفة الغربية من الأردن وقطاع غزة من مصر خلال حرب الأيام الستة إمكانية انتقال المستوطنين إلى مناطق خارج حدود عام 1948 الأولية لإسرائيل. وبحسب دراسة لهارفرد، كان "الاستيطان بعد حرب الأيام الستة في الأراضي المحتلة بقيادة مجموعة مدفوعة أيديولوجيا تتطلع إلى تعزيز مكانة الدولة الإسرائيلية وتعقيد إقامة دولة فلسطينية في المستقبل".
يعتبر المجتمع الدولي الاستيطان الإسرائيلي في الضفة الغربية بشكل عام غير قانوني وغير شرعي حسب اتفاقية جنيف الرابعة التي تحظر نقل السكان المدنيين إلى الأراضي المحتلة عسكرياً مثل الضفة الغربية.
على الرغم من اتفاقيات أوسلو عام 1993 التي وضعت الأساس لحل الدولتين، انتشرت المستوطنات بكثرة بعد سنة 2000. وواصلت إسرائيل دعم مبادرات الاستيطان من خلال الحوافز المالية والدعم الأمني من قبل الجيش الإسرائيلي. وبحسب وكالة أسوشيتد برس، يعيش اليوم أكثر من 700 ألف مستوطن في الضفة الغربية موزعين على ما يقرب 200 مستوطنة غير شرعية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة