سياسة

تركيا غاضبة بعد الانتخابات.. كيف خلقت منافسة رجلين حالة استقطاب وطني؟

نشر

.

Alaa Osman

قد لا يُرى الغضب جليًا، لكنه يتسلل ببطء في طرقات المدن وبين المواطنين، كـ إسطنبول على سبيل المثال، وبالتحديد مخبز متواضع قصده طفل صغير لشراء الخبز، غير أن الفتى لم يرُق للخباز، إذ ينتمي الأول لحزب العدالة والتنمية الذي نجح زعيمه في اقتناص مقعد رئيس الجمهورية مرة أخرى.

توجه الخباز بالسباب والإهانات للطفل، وألقى بسكين كان يمسكه بيده، أدت الواقعة إلى إغلاق المخبز وسحب ترخيصه، بحسب موقع Tgrt Haber التركي.

في الـ24 من مايو الجاري، وقبل ساعات قلائل من انطلاق جولة الإعادة الانتخابية، مُنعت مجموعة نسوة تركيات من دخول إحدى المقاهي بسبب ارتداء غطاء الرأس (الشادور)، وانتشر مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي لمدير المقهى الذي ظهر ينهر النسوة بعنف.

علّق رئيس بلدية أوسكودار على مقطع الفيديو على تويتر معبرا عن استيائه من الموقف ووصفه بـ "غير المقبول" ودعا من يتعرض لمثل تلك المواقف لتتوجه للشرطة مباشرة، فيما ألغيت لاحقًا رخصة المقهى كما أُلقي القبض على المدير المسؤول.

أما أثناء الجولة الانتخابية ذاتها، أعلن مسؤولي حزب الشعب الجمهوري لتعرض أحد مراقبيهم للاعتداء ما أدى لإصابته بكسر في الضلوع، وبحسب موقع Medyascope التركي، تعرض المراقب للضرب على أيدي أعضاء في حزب العدالة والتنمية وحزب الحركة القومية، بعد ما اعترضت على بعض السلبيات المتعلقة بصندوق الاقتراع.

نتيجة لأمة منقسمة

تمكن أردوغان من تأمين فترة رئاسية جديدة بحصاد ٥٢.٢٪ من الأصوات الأحد الماضي، إلا أن تلك النتيجة تعني بالضرورة إحباط ٤٧.٨٪ آخرون كان يأملون أن يتقلد زمام الأمور كمال كليتشدار أوغلو، المرشح العلماني صاحب أجندة إصلاح اقتصادي وآراء مناهضة للاجئين وطموحات لإحياء النظام البرلماني.

كلا الرجلين يمثل تيارا شديد التباين عن نظيره، فعندما أراد أردوغان رسم صورة يكلل بها جهوده الدعائية قبيل انطلاق السباق الانتخابي، توجه إلى مسجد آيا صوفيا للصلاة، بينما بينما توجه كليتشدار أوغلو إلى قبر مؤسس حزبه، ومؤسس الجمهورية التركية مصطفى كمال أتاتورك.

مؤيدون للرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول. أ ف ب

بينما يسعى أردوغان لاستعادة الأمجاد العثمانية ذات المسحة الإسلامية، يغوص الآخر في التاريخ الحديث والمعاصر ليجد نموذجًا للمجتمع العلماني الذي يطمح فيه، ووفقا لموقع CNN تمكنت الحماسة الدينية بالفعل من استقطاب المزيد من الدعم لأردوغان خلال السباق الانتخابي، بالرغم مما تعرضت له البلاد في ظله من هزة اقتصادية وهزة أرضية حصدت أرواح الآلاف.

ما الذي يثير غضب المعارضة التركية؟

إحباط المعارضة التركية يأتي مدفوعا أيضا بأسلوب أردوغان في حشد المؤيدين من حوله، والذي يتضمن بث ادعاءات حول زعيم الشعب الجمهوري وتياره المتحرر، إذ وصف أردوغان منافسه المنتمي للأقلية العلوية في البلاد كـ "مسلم غير جيد"، وهو الادعاء الذي داعب مشاعر المصوتين اليمنيين.

أدعى أردوغان كذلك أن غريمه الانتخابي متواطئ مع جماعات إرهابية كردية، وفي أوائل مايو الجاري، اتهم معارضيه أيضًا بدعم "مجتمع الميم" في تركيا، ووفقًا لوكالة رويترز، توجه أردوغان للحشد الحاضر في المؤتمر قائلا "حزب العدالة والتنمية وبقية الأحزاب في التحالف لن تؤيد مجتمع الميم على الإطلاق، فالأسرة لدينا مقدسة، وسوف ندفن هؤلاء المؤيدين لمجتمع الميم في صندوق الاقتراع".

كما صف أردوغان منافسه بالسكير أيضًا، وأن "شعبه" لن يسمحوا للسكارى أن يصعدوا للمسرح، ثم وجه حديثه لـ كمال كليتشدار أوغلو فقال "سيد كمال، فلتشرب برميلا، لن يُشفيك شيئا".

منافسة غير عادلة

غير أن كليتشدار أوغلو، لم يكن ينافس شخصا عاديا، بل الرجل الأول في تركيا الذي ساهم نفوذه الواسع، خاصة على وسائل الإعلام التركية في دعم بث الدعاية الانتخابية خاصته، إذ يزعم منتقدو أردوغان أنه تمكن حصاد تأييد انتخابي في المناطق الأكثر فقرا، حيث تم تحجيم نفوذ المعارضة، حتى أن ناخبي الأحزاب اليمينية التي انتهى بها الأمر إلى تأييد كليتشدار أوغلو، لم يمنحوه أصواتهم خلال الجولة الأولى من الانتخابات.

لافتة ضخمة لكليتشدار أوغلو على واجهة المقر الرئيسي لحزب الشعب الجمهوري. أ ف ب

على الجهة الأخرى، لم تحقق دعاية أردوغان نتيجة تُذكر في المدن التركية الكبيرة والغنية، ووفقا لتصريحاتها لموقع CNN ترى سيرين سيلفين كوركماز ، المديرة التنفيذية لمعهد InstanPol في إسطنبول، أن الرئيس استخدم بالفعل القوة الإعلامية للدولة في ترسيخ صورته كالوجه الأوحد في الساحة السياسية، مما لم يجعل المنافسة عادلة على الإطلاق.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة