سياسة
.
استفزاز دولة مستقلة يعترف بها الاتحاد الأوروبي وتوجيه رسائل سياسية، قد يطيح بلاعب التنس الصربي المثير للجدل نوفاك ديوكوفيتش خارج ملاعب الكرة الصفراء. في الوقت الذي تصدرت فيه الأولمبياد وكرة القدم أزمات السياسة، انضمت لعبة التنس إلى القائمة على يد الصربي.
لم تتوقف ردود الأفعال داخل وخارج بطولة فرنسا المفتوحة للتنس بسبب الجدل السياسي الذي أثاره النجم الصربي والمصنف الثالث عالميا نوفاك ديوكوفيتش، لتنقسم أجواء بطولة رولان غاروس بين التأييد للنجم وانتقاده، وبين آخرين يرون ضرورة فرض عقوبة عليه من قبل إدارة التنس.
بعد فوزه على الأميركي ألكسندر كوفاسيتيتش، في مستهل مبارياته في رولان غاروس، الاثنين ٢٩ مايو، توجه النجم الصربي نوفاك ديوكوفيتش إلى الكاميرا الناقلة للمباراة، ليكتب رسالة باللغة الصربية على شاشتها، جاءت كالتالي "كوسوفو قلب صربيا.. أوقفوا العنف".
تعتبر هذه حالة نادرة، إذ عادة ما يقوم نجوم التنس الفائزين مثله إما بتقبيل شاشة الكاميرا أو توقيع اسمه عبر حركة يده فقط.
بعد المباراة، أكد ديوكوفيتش على ما بدر منه، وقال لصحفيين صرب "كوسوفو هي معقلنا وموطن ذكرياتنا وأيضا مركز أهدم الأحداث في بلدنا صربيا".
"كصربي، أتألم مما يحدث في كوسوفو، شعبنا طرد من البلديات. هذا أقل ما يمكنني فعله. كشخصية عامة، أشعر بالالتزام عبر إظهار الدعم لشعبنا وكل صربيا". وبعدها، وتأكيد على ذلك، نشر ديوكوفيتش صورة لرسالته على الكاميرا على حسابه في إنستغرام.
جاءت رسالة ديوكوفيتش بعد ساعات من اندلاع تظاهرات في بلدة زفيكان شمالي كوسوفو، التي أصيب فيها حوالي 30 من جنود حفظ السلام التابعين لحلف شمال الأطلسي أثناء تأمينهم ثلاث مقرات لبلدات خلال اشتباكات مع المتظاهرين الصرب.
يعود السبب الرئيس للتظاهرات إلى رفض الصرب، وهم غالبية السكان في هذه المنطقة من شمالي البلاد، تولي أشخاص من الأصول الألبانية مناصب رؤساء البلديات.
كانت ألبانيا الداعم الأول والمشاركة مع كوسوفو في الحرب التي أعلنت على إثرها استقلالها عن دولة صربيا في 2008.
ومن جهة أخرى يشكل العرق الألباني أكثر من 90٪ من إجمالي السكان في كوسوفو، فيما يمثل الصرب غالبية السكان في المنطقة الشمالية من البلاد.
بدورها، لا تعترف صربيا بكوسوفو كدولة، وتدعمها في ذلك حليفتها روسيا، ما دفع رئيس صريبا ألكسندر فوتشيتش إلى وضع الجيش عند أعلى مستويات التأهب القتالي، بعد إعلان إصابة 52 صربيا في هذه الاشتباكات، 3 منهم في حالة خطرة.
كانت رئيسة كوسوفو فيوسا عثماني اتهمت نظيرها الصربي بزعزعة استقرار كوسوفو.
منذ استقلال كوسوفا عن صربيا في 2008، بعد سنوات من العلاقات المتوترة بين عرقيتي الصرب والألبان، اعترفت نحو 100 دولة في العالم باستقلال صربيا منها الولايات المتحدة الأميركية ودول الاتحاد الأوروبي.
نظرا لموقف صربيا، غير المعترفة بكوسوفو، تركزت الانتقادات والغضب على ديوكوفيتش في كوسوفو، وذلك لتمترسه خلف موقف بلاده، واستغلال منبر رياضي لدعمها.
أما الانتقادات التي توجه له من غير الكوسوفيين، فتركز غالبيتها على تأجيجه الأوضاع، في وقت يحاول فيه الاتحاد الأوروبي الحد منها، كونها تنذر بشبح حرب جديدة داخل القارة العجوز، بعد الحرب الروسية الأوكرانية.
كان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ، استبق تفجير الأحداث الاثنين الماضي، بدعوته كوسوفو تخفيف حدة التوتر مع صربيا، في وقت يخطط فيه الناتو لإرسال 700 جندي إضافي إلى منطقة المظاهرات.
بدورها، أعلنت الولايات المتحدة، الأربعاء، اتخاذ مجموعة من الإجراءات العقابية ضد كوسوفو لإثارة التوترات في المناطق الشمالية ذات الأغلبية الصربية.
أما الانتقاد الآخر لديوكوفيتش، فتركز على استغلاله بطولة رياضية لأغراض سياسية، وهو ما أثار استياء المنظمين للبطولة.
في إطار حملة الغضب الشعبي في كوسوفو على ديوكوفيتش، يعتزم اتحاد التنس الكوسوفي تقديم شكوى رسمية لدى الاتحاد الدولي للتنس ضد سلوك ديوكوفيتش.
قال رئيس اتحاد كوسوفو للتنس يتون هادرجوناغ "هذه ليست المرة الأولى التي يقوم فيها ديوكوفيتش بذلك، إنه يستفز كوسوفو باستمرار. لكن كوسوفو دولة مستقلة معترف بها من قبل الاتحاد الدولي للتنس والاتحاد الأوروبي للعبة والمجتمع الدولي".
يتمتع ديوكوفيتش، 34 عاماً، بسمعة عالمية كبيرة، إذ لديه في رصيده الآن 22 لقبا من ألقاب الغراند سلام بالتساوي مع الإسباني رافائيل نادال، ويطمح للانفراد بلقب الأكثر تتويجا في تاريخ الغراند سلام.
في فرنسا، طالبت بعض الصحف بمعاقبة ديوكوفيتش بسبب إثارته الجدل السياسي، وتعكير صفو بطولة رولان غاروس.
بسبب ندرة مثل هذه الحالات في ملاعب الكرة الصفراء، لا توجد قوانين مباشرة لفرض عقوبات على ديوكوفيتش وأمثاله، رغم تشديد القواعد المنظمة للبطولة الفرنسية على منع استخدامها كمنصة لمثل هذه الأغراض.
ومن المتوقع أن يطلب القائمون على تنظيم رولان غاروس، توضيحا من اللاعب، قبل توجيه إنذار وتوبيخ للاعب بسبب خرقه قواعد البطولة، التي ترفض استغلالها للتعليق أو دعم أحداث خارج سياق ملعب التنس واللعبة.
لم تكن هذه المرة الأولى التي يتصدر فيها نوفاك ديوكوفيتش واجهة الأحداث بإثارته للجدل، إذ كان مطلع يناير 2022 سببا في نقاش سياسي وقانوني في أستراليا.
تحدى ديوكوفيتش قرار السلطات الأسترالية بخصوص عدم مشاركة اللاعبين غير الحاصلين على لقاح كوفيدـ 19، في بطولة أستراليا المفتوحة للتنس، ودخول البلاد بشكل عام، لكنه سافر إلى هناك وتم توقيفه في المطار، ما أحدث الكثير من الجدل هناك.
بعدها تقرر ترحيل ديوكوفيتش من أستراليا بعد احتجازه في فندق للمهاجرين، وحرمانه من البطولة، لكنه بدا مصرا على موقفه من لقاح كورونا.
وبعد عودته إلى بطولة أستراليا المفتوحة في يناير الماضي، بعد إلغاء قيود كورونا، عاد ديوكوفيتش لواجهة الأحداث خارج الملعب مرة أخرى، هذه المرة بدفاعه عن والده سيرجان ديوكوفتيش، الذي ظهر أثناء التقاط صور مع مشجعين يرفعون الأعلام الروسية، وفي وقت متأخر أمس أظهر مقطع فيديو آخر والد ديوكوفيتش، سردجان يقف لالتقاط صور مع مشجعين يحملون الأعلام الروسية.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة