سياسة
.
قلم ولافتة وشارب، هى أركان ثبوت الاتهام الموجة لشاب تركي يبلغ من العمر ١٦ عامًا فقط، ويقبع الآن رهن الحبس الاحتياطي في منشأة مجاورة للأحداث.
بدأت القصة عندما حاول الشاب العبث بأحد اللافتات الدعائية للرئيس التركي، رجب طيب أردوغان والتي خلفها الصراع الانتخابي الحامي في الطرقات والميادين، فما كان منه إلا أن رسم على صورة الرئيس شارب هيتلر، إلا أن تسجيلات الكاميرات الأمنية، أوشت بالفتى خلال فترة وجيزة.
خضع الفتى المنحدر من بلدة أرسين للاستجواب في منزله بشكل مبدئي، وبالرغم من الاتهام الموجه إليه يتضم رسم الشارب الأيقوني على صورة الرئيس وكتابة عبارات "مسيئة"، أقر الشاب برسم الشارب بالفعل لكنه نفى كتابة أي عبارات.
يواجه الشاب رسميًا اتهام "إهانة الرئيس" بعد مثوله أمام المدعي العام، ما أسفر عن الأمر بحبسه احتياطيًا وفقًا لوكالة فرانس بريس.
بذلك القرار، ينضم الشاب التركي إلى قائمة عريضة من آلاف المتهمين أمام القضاء التركي "بإهانة الرئيس" التي تمثل نقطة جدلية في قانون العقوبات التركي، حيث ترى مؤسسات دولية الاتهام بمثابة تقويض لحرية الرأي، توسعت السلطات في استخدامه بالتزامن مع حصول أردوغان على لقب رئيس الجمهورية في العام ٢٠١٤.
الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أثناء إلقاء خطاب (المصدر: وكالة فرانس برس)
يرجع اتهام إهانة الرئيس للمادة رقم ٢٩٩ في قانون العقوبات التركي، وبالرغم من صياغة المادة الجدلية لا ترتبط بتولي أردوغان منصب رئيس الجمهورية التركية، تعتقد منظمة هيومان رايتس واتش أن معدلات استخدامها كاتهام رسمي في المحاكمات بل وإدانة الأفراد بارتكابها، زاد بحلول العام ٢٠١٥ بعد عامً واحد من تولي أردوغان منصب الرئيس.
وفقًا للمنظمة زادت معدلات استخدام المادة من ١٣٢ اتهام و ٤٠ إدانة فقط في العام ٢٠١٤ إلى ٦٠٣٣ اتهام و٢٠٩٩ إدانة في العام ٢٠١٧، وأدانت المنظمة محاكمة الآلاف فقط بسبب "التحدث علانية ضد الرئيس" كما وصفت، داعية الحكومة التركية للتوقف عن "الاستهزاء" بحقوق الإنسان واحترام حق الشعب التركي في حرية التعبير سلميًا.
المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان كذلك، دعت تركيا لتعديل القانون المتعلق بإهانة الرئيس، بعد أن قضت في أكتوبر من العام ٢٠٢١ أن احتجاز رجلًا نشر صورة كاريكاتورية لأردوغان في العام ٢٠١٧ شكل انتهاك لحريته في التعبير، وذلك وفقًا لموقع Arab News.
إلا أن كثافة استخدام الاتهام على مدار السنوات الماضية لم تتبدل، وحددت وكالة فرانس بريس أن وزارة العدل تعتبر "إهانة الرئيس" من بين الجرائم الأكثر شيوعًا في تركيا وقد نجم عنها 16,753 إدانة العام الماضي فقط.
الرئيس التركي تنازل عن شكوى بحق ٤ طلاب في عام ٢٠١٨ اتُهموا بإهانة الرئيس. (المصدر: وكالة رويترز)
قبل أن يتولى أردوغان منصب الرئيس رسميًا، بالتحديد في العام ٢٠٠٥، تمكن غلاف مجلة Penguen التركية الساخرة من أن يثير غضبه، بعد أن نشرت على غلافها مجموعة صور ساخرة لحيوانات تحمل ملامح وجه رئيس الوزراء آنذاك، ما بفعه لتقديم شكوى بالتشهير وطلب تعويض.
بيد أن المحكمة رفضت شكوى رئيس الوزراء واعتبرت الرسم يقع ضمن حدود حرية الرأي والتعبير.
في العام ٢٠١٨، ظهر الصور للسطح مجددًا، هذه المرة على لافتة ساخرها حملها مجموعة طلاب جامعيين أثناء حفل تخرج، ودونوا عليها "مملكة الطيب"، واجه الطلاب الثلاثة الذين حملوا اللافتة وآخر قد ساعدهم علي نقلها، اتهام "إهانة الرئيس" الذي بات يحصن أدوغان من مثل تلك الأنماط من السخرية.
لاحقا، تنازل الرئيس التركي عن شكواه ضد الطلاب وفقًا لمنظمة هيومان رايتس واتش.
تتجه المؤشرات إلى أن الإجابة على السؤال هي "نعم"، فمثلا في يناير من العام الماضي، وضعت الصحفية التركية، سيديف كاباش رهن الاحتجاز بعد أن غردت بمثل شركسي أعُقد أن أردوغان هو المقصود به، ومن ثم واجهت الصحفية تهمة "إهانة الرئيس".
كانت كاباش قد ظهرت حينها على إحدى القنوات المحلية تنتقد الحكومة وتتهمها بقمع المعرضة، وبعد فترة وجيزة غردت على موقع تويتر بمثل "شركسي" حيث قالت: "عندما يظهر ثور في أحد القصور، لا يصبح ملكًا، بل يصبح القصر حظيرة".
وفيما انتقدت شخصيات حكومية تغريدة الصحفية، بحسب موقع دويتشه فيله، ناصرتها نقابة الصحفيين، التي اعتبرت احتجاز الصحفية بتهمة إهانة الرئيس، اعتداء على حرية التعبير.
لافتات دعائية للرئيس التركي (المصدر: غيتي إيمدج)
في يناير من العام الجاري، تسبب السخرية من أردوغان في أزمة دبلوماسية ما بين السويد وتركيا، بعد أن شبهة مجموعة كردية الرئيس التركيا بموسوليني، الزعيم الإيطالي الفاشي الذي أُعدم خلال نهايات الحرب العالمية الثانية، وعُلق جثمانه أمام الجماهير بوضع عكسي، حيث جُعلت رأسه لأسفل.
خارج مجلس البلدية في ستوكهولم، أعد المتظاهرين دُمية شبيهة بالرئيس التركي، وعلقوها بالطريقة ذاتها، مشيرين على مواقع التواصل الاجتماعي بحسب صحيفة الغارديان، "تلك هى نهاية التاريخية لكل ديكتاتور".
جاء رد أنقرة حاسمًا، إذ استدعت السفير السويدي للتعبير عن غضبها، فيما حاول وزير الخارجية السويدي التعاطي مع الأزمة، مؤكدًا أن حكومته تنأى بنفسها عن أفعال التهديد والكراهية ضد الممثلين السياسيين، مضيفًا أن تصوير رئيس منتخب على هذا النحو "أمر بغيض".
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة