سياسة

مزاعم الاختطاف والتبني .. روسيا تعترف بنقل ٧٠٠ ألف طفل أوكراني لأراضيها

نشر

.

Alaa Osman

ألينا طفلة أوكرانية تبلغ من العمر ١٥ عاما، وجدت نفسها لسوء الحظ في المكان الخاطئ في التوقيت الخاطئ، بالتحديد مقاطعة خيرسون جنوب أوكرانيا حيث لطالما عاشت برفقة والدتها، ولكن في أكتوبر من العام الماضي اختفت الطفلة.

لم تقع ألينا ضحية لأحد عمليات القتال القائمة، بل عبرت الحدود إلى قرية الروسية برفقة والدة إحدى صديقاتها، أقنعتها بالحيلة حسب صحيفة الغارديان البريطانية أن حياتها في أوكرانيا باتت مهددة.

حُجة المرأة الموالية للجانب الروسي تعلقت بحصول ألينا وأسرتها على مساعدات غذائية من الجانب الروسي أثناء فترة الاحتلال، ما يعني أن الأوكرانيين في طريقهم للمدينة، وسوف يلقون القبض على الطفلة ويعذبونها ويقتلونها، وفي حين نفت الأم لابنتها تلك الادعاءات، اقتنعت الطفلة برواية والدة صديقتها وانتقلت معها لروسيا.

لحسن الحظ، تمكنت ألينا من العودة مجددا لأسرتها، إلا أن مئات الآلاف من الأطفال لم يحظوا بالفرصة ذاتها، ففي حين قدرت الحكومة عدد الأطفال الذين نقلوا للأراضي الروسية بطريق غير قانونية أثناء القتال بما يزيد قليلا عن ١٩ ألف طفل، جاءت الإحصاءات الروسية لتطرح نموذجا مغايرا.

وفقا لرئيس اللجنة الدولية في مجلس الاتحاد الروسي (مجلس الشيوخ)، جريجوري كاراسين، وصل عدد الأطفال الأوكرانيين الذين "نقلوا" للأراضي الروسية حوالي ٧٠٠ ألف طفل.

مسؤول روسي يقدر عدد الأطفال الأوكرانيين المنقولين لروسيا بحوالي ٧٠٠ ألف طفل. (المصدر: وكالة رويترز)

ملاذ روسي

في العام ٢٠٢١ أي قبل عام واحد من الغزو الروسي لأوكرانيا، بلغ تعداد أوكرانيا حوالي ٤١ مليون نسمة، ١٥.٢٢٪ من هؤلاء أقل من ١٤ عاما، بحسب موقع Statista، أي أن تعداد الصغار في أوكرانيا، يزيد قليلا عن ٦ ملايين طفل.

وفقا لتصريحات كاراسين على منصة تلغرام، نقلت روسيا خلال السنوات الماضية ٧٠٠ ألف طفل أوكراني إلى أراضيها على حد وصفه وجد هؤلاء "ملاذا معنا (مع روسيا) هربا من القصف في مناطق الصراع في أوكرانيا".

إلا أن ما تراه روسيا خطوة لحماية الأيتام في مناطق الصراع بحسب وكالة رويترز، ينظر له المجتمع الدولي بعين الشك والاتهام.

في مارس من العام الجاري أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصيا وكذلك المفوضة الرئاسية لحقوق الطفل، ماريا لفوفا بيلوفا، أتُهم خلالها الثنائي بالضلوع في جريمة حرب متمثلة في الترحيل غير القانوني للأطفال من المناطق الأوكرانية المحتلة على الأقل بدء من فبراير العام الماضي.

١٥.٢٢٪ من تعداد أوكرانيا يقع في الفئة العمرية ١٤ عاما وأقل. (المصدر: وكالة رويترز).

في أعقاب إصدار مذكرة الاعتقال، لم تنف روسيا نقل الأطفال إلى أراضيها، لكنها اعتبرت القضية "مبالغ فيها" وذلك على لسان فاسيلي نيبينزيا، سفير روسيا لدى الأمم المتحدة الذى أكد في مؤتمر صحفي أن الأطفال ينقلون لروسيا لتجنيبهم خطر الأنشطة العسكرية، وبسؤاله عما إذا كانت روسيا تخطط لإعادة هؤلاء الصغار، أجاب السفير حسب وكالة أسوشيتد بريس :"عندما تُصبح الظروف آمنة، لما لا؟".

متهم آخر

في ربيع العام الجاري، علقت مسؤولة روسية آخرى على القضية، وهي المفوضة الرئاسية لحقوق الطفل، ماريا لفوفا بيلوفا، الضلع الآخر في القضية، وشريكة بوتين في الاتهام أمام المحكمة الجنائية الدولية.

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة اعتقال بحق الرئيس الروسية ومفوضة الرئاسة لحقوق الطفل. ( المصدر: وكالة فرانس بريس)

جاءت تصريحات المفوضة الروسية لتلقي باللوم على الجانب الأوكراني، مؤكدة انفتاح روسيا على التعاون من أجل تحقيق مصلحة الأطفال، وقالت بيلوفا: "لسوء الحظ لا توجد قناة اتصال رسمية مع أوكرانيا، بالرغم من أننا مستعدون للتواصل مع الجهات المعنية.. لم نتلق طلبا واحدا من جانبهم، فقط اتهامات مغلوطة عبر مواقع التواصل الاجتماعي".

وفقًا لموقع Voice of America وجهت المسؤولة الروسية تلك الاتهامات المضادة من خلال بث حي عبر شبكة الإنترنت خلال فاعلية الأمم المتحدة، إذ أن مذكرة الاعتقال الصادرة ضدها قد تجعل السفر ينطوي على مخاطرة.

أطفال المعسكرات

في فبراير من العام الجاري، بعد مرور قرابة عام واحد على الغزو الروسي لأوكرانيا، أصدر مرصد الصراع التابع لمختبر البحوث الإنسانية في جامعة ييل الأميركية تقريرا بخصوص قضية أطفال أوكرانيا المنقولين لروسيا، ويعتبر التقرير جزءا من سلسلة تحقيقات في مبادرة مدعومة من الخارجية الأميركية لبحث الأدلة المحتملة على ارتكاب روسيا لجرائم حرب.

خلال التقرير، ظهرت رواية مغايرة ترجح أن روسيا انتزعت آلاف الأطفال الأوكرانيين عن عائلاتهم من فئات عمرية مختلفة تتراوح ما بين ٤ أشهر إلى ١٧ عاما.

يخضع الأطفال الأوكرانيين في روسيا للتبني ويمنحون الجنسية الروسية. (المصدر: وكالة فرانس بريس)

بحسب التقرير، أرسل ما يزيد عن ٦ آلاف من هؤلاء الأطفال لمعسكرات ومؤسسات خاصة، تدرس مناهج متمحورة حول روسيا وتستهدف إعادة توجيه الصغار ليصبحوا "مواطنين روس".

وأشار التقرير إلى أن عدد تلك المؤسسات والمعسكرات يبلغ على الأقل ٤٣ مؤسسة، منشرة في الأراضي الروسية، بداية من المناطق الأوكرانية المحتلة وحتى المناطق الشرقية من البلاد.

فيما يعود بعض الصغار في النهاية لأسرهم، البعض الآخر يظل عالقا بشكل أو بآخر في الأراضي الروسية، إما عن طريق البقاء في رعاية أسر بديلة، أو عبر خضوعهم للتبني من قبل أسر روسية ومن ثم منحهم الجنسية الروسية وحرمانهم من الهوية الأوكرانية.

يحصل بعض الأطفال أيضا وفقا للتقرير على تدريبات عسكرية، أثناء بقائهم في مؤسسات التعليم بشكل إجباري.

اعرف أكثر

من هى ماريا لفوفا بيلوفا؟

في نظر المحكمة الجنائية الدولية، بيلوفا متهمة في جريمة حرب، أثرت تداعياتها على آلاف الأطفال، ومن ثم يمكن محاكمتها وإدانتها في القضية ما إذا سمحت الظروف، حيث كانت مذكرة اعتقال قد صدرت ضدها في مارس الماضي.

تصف بيلوفا بعض الأطفال الأوكرانيين المنقولين لروسيا بالأيتام. (المصدر: وكالة فرانس بريس)

على موقع الكرملين، يمكنك مطالعة الوجه الآخر للمسؤولة الروسية، التي بدأت مشوارها المهني في أوائل الألفية، كمدربة على آلة الجيتار في مدارس الموسيقى المختلفة، في مقاطعة بينزا الروسية، وهى محل ميلادها أيضا، قبل أن تصبح عضو في الفريق الرئاسي وأم ل ١٠ أطفال.

أما طلاب بيلوفا فكانوا من الأطفال، الذين ظلوا حاضرين بشكل أو بآخر في سيرة المسؤولة الروسية الذاتية، حتى بعد أن انضمت للغرفة المدنية للاتحاد الروسي محليا في العام ٢٠١١ وعلى مستوى اتحادي في العام ٢٠١٧، ففي العام التالي أسست عضو الغرفة المدنية آنذاك مجتمع خاص للشبان الذين يعانون من أنماط إعاقة متباينة.

إلا أن تقدم المسؤولة الروسية في السلك السياسي لم يتوقف لدى هذا الحد، إذ أصبحت عضوة في مجلس الشيوخ في العام ٢٠٢٠، وفي أكتوبر من العام التالي أنضمت للفريق الرئاسي كمفوض لحقوق الطفل، وحصلت على شهادة الشرف الرئاسية.

منذ اجتاحت رياح الحرب الأراضي الأوكرانية، باتت بيلوفا معتادة على زيارتها، أو على الأقل المناطق المحتلة منها من قبل القوات الروسية، لكنها في العودة، أحيانا يرافقها عشرات من الصغار، المأخوذين إلى روسيا، حسب موقع CNN.

على منصة تلغرام، توثق ماريا لفوفا بيلوفا لدورها في نقل الأطفال إلى الأراضي الروسية، فتطلق عليهم أحيانا وصف" أيتام الدونباس"، وتفخر بحصولهم على جنسية آبائهم الجدد "بالتبني" أي الجنسية الروسية، من ثم يعتبرها تقرير مرصد الصراع التابع لجامعة ييل أحد أكثر الشخصيات الروسية الضالعة في ترحيل الأطفال الأوكرانيين لروسيا وتبينهم، فضلا عن استخدام معسكرات الدمج لتوطين الصغار على المجتمع والثقافة الروسية.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة