سياسة
.
أسبوع واحد، هو عمر تجربة أستاذة الاقتصاد الأميركية، فيونا سكوت مورتون مع الاتحاد الأوروبي، إذ عُينت في منصب "كبير الاقتصاديين لشؤون المنافسة" والذي يرتبط بتنظيم أنشطة مجموعات التكنولوجيا العملاقة، قبل أن تستقيل من منصبها ظهر اليوم بعد عاصفة من الهجوم الأوروبي عليها ارتباطا بجنسيتها الأميركية وعملها سابقا في الحكومة الأميركية.
وقالت مورتون في رسالة للمفوضة الأوروبية مارغريت فيستاغر "نظرا للجدل السياسي الناجم عن اختيار شخص غير أوروبي لشغل هذا المنصب، وأهمية حصول الإدارة العامة للمنافسة على الدعم الكامل من الاتحاد الأوروبي، رأيت أنه من الأفضل بالنسبة لي الانسحاب".
الجدل المتصاعد بشأن الأكاديمية الأميركية وصل لدرجة هجوم حاد من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، معتبرا اختيارها "مثيرا للتساؤلات، حسب وكالة فرانس برس.
على حسابها بموقع تويتر، نشرت المفوضة الأوروبية مارغريت فيستاغر، خطاب فيونا، الذي أعلنت فيه تخليها عن المنصب، وذلك قبل أن تتسلم رسميا مهامها الوظيفية بحلول سبتمبر المقبل وفقا لموقع بوليتيكو.
في تغريدتها قالت فيستاغر "أبلغتني البروفيسور فيونا سكوت مورتون بقرارها عدم تولي منصب كبير اقتصاديي المنافسة. أقبل هذا مع الأسف وآمل أن تستمر في استخدام مهاراتها غير العادية للضغط من أجل تطبيق قوي للمنافسة".
أضافت البروفيسور في خطابها المقتضب "العمل من أجل تطبيق قوانين منافسة حديثة وأدوات مهمة كقانون الأسواق الإلكترونية، محوري بالنسبة لمواطني الاتحاد الأوروبي وهؤلاء في الدول المختلفة. أفضل أمنياتي لك وفريقك في تطبيق تلك المهام المهمة".
أعلن اقتصاديون من داخل الاتحاد الأوروبي تأييدهم لـمورتون. (المصدر: وكالة آسوشيتد برس)
قبل ساعات من تخليها عن المنصب، كانت تحظى فيونا سكوت مورتون بتأييد ودعم العديدين، من بينهم حوالي ٣٩ من خبراء الإدارة العامة للمنافسة رفيعي المستوى، ومن بينهم عالم الاقتصاد الفائز بجائزة نوبل بينغت هولمستروم.
عبّر هؤلاء عن دعمهم للأكاديمية الأميركية من خلال بيان موقع من جميعهم جاء فيه "سكوت مورتون أحد أفضل الاقتصاديين في العالم في قطاع المنظمات الصناعية، ومساهمة رئيسية في السياسات المتعلقة بتنظيم التكنولوجيا، كما أنها متحفزة بقوة للخدمة العامة".
الفريق المعارض لتولي مورتون المنصب داخل الاتحاد الأوروبي كان واضحا في معارضته أيضا، وانتمى أغلبه للجناح الفرنسي، سواء بمؤسساته الرسمية أو قطاع ومجتمع الأعمال، شارك في المعارضة أيضا رئيس الجمهورية شخصيا، الذى عبر عن تلك موقفه إبان جلسة استماع أمس الثلاثاء في البرلمان الأوروبي دافعت فيها المفوضة فيستاغر عن اختيارها للأكاديمية الأميركية.
عبر ماكرون عن اعراضه على تعيين الأكاديمية الأميركية. (المصدر: وكالة فرانس برس)
وقال ماكرون في هذا الصدد، إنه يعتبر تعيين مورتون مثيرا للتساؤلات، مشيرا إلى غياب مبدأ المعاملة بالمثل في العلاقات مع الولايات المتحدة والصين، حيث لا تقدم الدولتين على تعيين أوربيين "في صلب قراراتهم" وأضاف "إذا لم يكن لدينا باحث (أوروبي) من هذا المستوى ليتم توظيفه من قبل المفوضية فهذا يعني أن لدينا مشكلة كبيرة جدا مع جميع الأنظمة الأكاديمية الأوروبية".
تضطلع الإدارة العامة للمنافسة بشكل عام بالتأكد من حسن سير المنافسة داخل الاتحاد الأوروبي إضافة إلى التحقيق في انتهاكات المتعلقة بمجموعات التكنولوجيا الكبرى، التي أفضت إلى فرض غرامات كبيرة على مثل تلك الشركات في السنوات الأخيرة.
كان من المفترض بالتبعية أن يتضمن منصب مورتون مهاما استشارية تتعلق بالمنافسة، إضافة إلى تحقيقات في مكافحة الاحتكار، وعمليات الاندماج الكبرى.
كان من المتوقع أيضا أن يستحوذ قانون الأسواق الرقمية على جزء من انتباه البروفيسور في منصبها الجديد، ومن المخطط أن يضع القانون الجديد قيود على شركات التكنولوجيا الكبرى، التي تشغل دورا أشبه ما يكون بـ"حارس البوابة" للخدمات الرقمية.
بعض من الانتقادات الموجهة لاختيار مورتون تعلقت أيضا بسجل الأكاديمية المهني، إذ أنها عملت قبل ذلك في مناصب استشارية لدى شركات تكنولوجية ما يثير تساؤلات حول احتمالية حدوث تضارب مصالح.
فيونا سكوت مورتون عملت سابقا في منصب رسمي بالحكومة الأميركية. (المصدر: موقع جامعة ييل)
على الموقع الرسمي لجامعة ييل حيث تعمل مورتون ثمة إشارة إلى مخاوف "تضارب المصالح" إلا أنها تتعلق بالتضارب ما بين الكتابات البحثية والأكاديمية وبين ما تقوم به الباحثة من وظائف استشارية لدى شركات التكنولوجيا، ويأتي نص الإشارة على موقع الجامعة كما يلي:
"تكتب البروفيسور سكوت مورتون أحيانا أوراق بحثية وتضطلع بأعمال عامة أخرى تقدم مظهرا محتملا لتضارب المصالح بسبب التداخل بين الموضوعات الاستشارية والأفكار المعينة التي تتم مناقشتها في أعمال السياسات أو الأوراق البحثية. تتضمن كتاباتها من هذا النوع ملاحظة في المكان المناسب، تُسمي الشركات المعنية بالأمر، فبروح المعلومات الكاملة ، تريد، البروفيسور، أن تتأكد من أن الجمهور يدرك أنها تشارك في بعض الأعمال الاستشارية. وهذا يمكنها من معرفة المزيد عن الإستراتيجية والسلوك الراسخين ، ويساهم في البحث والتدريس بشكل أفضل".
تعمل مورتون ضمن طاقم تدريس جامعة ييل منذ العام ١٩٩٩، وتشغل الآن درجة أستاذ الاقتصاد في كلية ييل للإدارة.
تتركز اهتماماتها البحثية حاليا في كلا من دراسة أسواق الرعاية الصحية واقتصاديات مكافحة الاحتكار.
علمت مورتون ضمن إدارة الرئيس باراك أوباما، بالتحديد بين عامي ٢٠١١ و ٢٠١٢ وذلك في منصب نائب المدعي العام المساعد للتحليل الاقتصادي في قسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل الأمريكية.
في منصبها الحكومي ساهمت مورتون في تطبيق قوانين مكافحة الاحتكار في بلادها.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة