سياسة
.
"الأميركيون العرب، وحتى الذين يتحدرون من أصل فلسطيني، سيكون بمقدورهم أن يصعدوا على متن طائرة في نيويورك أو ديترويت والسفر بشكل مباشر لمطار بن غوريون، وبإمكانك زيارة عمتك في بيت لحم. كل ذلك بواسطة جواز سفرك الأميركي الأزرق". هكذا شرح السفير الأميركي لإسرائيل توم نايدس في شهر يناير الماضي أحد أهم الشروط الأميركية للسماح لإسرائيل بالدخول في برنامج الإعفاء من تأشيرات السفر.
الدخول في هذا البرنامج هو أحد أهم طموحات حكومة بنيامين نتنياهو لتقديم إنجاز كبير للشارع الإسرائيلي. ولكن ما يقف في طريق هذا الطموح هو تزمت نفس الحكومة اليمينية المتطرفة في إنهاء ما يسميه مراقبون بالتمييز العنصري ضد الأميركيين من أصول فلسطينية وعربية، حيث تخضعهم السلطات الإسرائيلية لإجراءات مختلفة ومعقدة.
الحكومة الإسرائيلية غيرت الأسبوع الماضي إجراءات من شأنها تسهيل سفر هذه الشريحة من الأميركيين بشكل كبير، لكن الشيطان يكمن في التفاصيل. فهل تنجح إسرائيل في الدخول للبرنامج قبل انتهاء مدة التقديم في شهر سبتمبر القادم؟
في العادة، يستطيع أي مواطن أميركي ببساطة ركوب الطائرة من أي مطار في الولايات المتحدة لأي مطار إسرائيلي دون أي عناء أو جهد يذكر. لكن إن كنت مواطناً أميركياً ولكن من أصول دولة "معادية" بتصنيف إسرائيل، كسوريا وإيران والعراق مثلاً، فسيتوجب عليك التوجه للقنصليات الإسرائيلية في الولايات المتحدة لخضوع فحص أمني واستجواب إضافي قبيل سفرك. وقد يتم منعك من السفر قبيل ركوبك الطائرة "لأسباب أمنية".
وإن كنت أميركياً من أصل فلسطيني من الضفة الغربية، فسيتوجب عليك أيضاً السفر للأراضي المحتلة أو إسرائيل فقط من خلال معبر جسر اللبني الحدودي (جسر الملك حسين) مع الأردن لمدة 90 يوماً كحد أقصى بعد الخضوع للفحص الأمني، بحسب صحيفة هآرتس.
القواعد الجديدة التي تقترحها السلطات الإسرائيلية هي السماح لأي أميركي عربي أو أميركي فلسطيني من الضفة الغربية بدخول إسرائيل من مطار بن غوريون بدون الحاجة لطلب التصريح الأمني المسبق من القنصلية ودون الحاجة للعبور من جسر اللنبي. والهدف من ذلك هو إرضاء الشروط الأميركية لمنح الإسرائيليين إعفاءً كاملاً من تأشيرات السفر للولايات المتحدة وفقاً لهآرتس.
لكن الاستثناء الأبرز لهذه التسهيلات الإسرائيلية الجديدة هم الأميركيون الفلسطينيون من قطاع غزة، حيث أن القواعد الجديدة مشددة وتمييزية ضدهم، فيتم إجبارهم على التقدم بتصريح أمني من إسرائيل والسلطة الفلسطينية قبل 45 يوم على الأقل من تاريخ الزيارة المطلوب والعبور من جسر اللنبي فقط.
الاستثناء الأبرز لهذه التسهيلات الإسرائيلية الجديدة هم الأميركيون الفلسطينيون من قطاع غزة
في الأسبوع الماضي، أشارت صحيفة هآرتس لعقد مسؤولين إسرائيليين أمنين لاجتماع حكومي موسع حذروا فيه من أن الشروط الأميركية للدخول في برنامج الإعفاء من التأشيرات "قد تلحق الضرر بأمن إسرائيل". حيث أبدى المسؤولون قلقهم من إمكانية وصول أعداد كبيرة من الأميركيين العرب والفلسطينيين لتنظيم مظاهرات كبيرة في البلاد، بالإضافة لطلب أميركي بإعفاء الشخصيات الحاصلة على تصنيف VIP من السلطة الفلسطينية من الفحوصات الأمنية. الصحيفة تقول إن المنظومة الأمنية اعتقدت بدايةً بأن هناك نحو 5000 شخص من السلطة ينطبق عليهم هذا الوصف، لكنهم أدركوا لاحقاً بأن العدد يبلغ نحو 20 ألفاً.
في رسالة حديثة يوم الأربعاء الماضي نشرها موقع جويش إنسايدر، قالت زيفراني بويتو، مساعدة سكرتير وزارة الأمن الوطني للشؤون التشريعية إن "إسرائيل لا تلبي حاليًا جميع المتطلبات القانونية والتشريعية لتصنيفها كدولة عضو في برنامج الإعفاء من التأشيرة. تدعم الإدارة (الأميركية) بشدة ترشيح إسرائيل في برنامج الإعفاء من التأشيرة بمجرد استيفاء جميع المتطلبات، بما في ذلك منح الامتيازات المتبادلة لجميع المواطنين والمواطنين الأميركيين - بما في ذلك من أصول فلسطينية المسجلون في سجلات السكان التابعة للسلطة الفلسطينية الذين يسافرون إلى إسرائيل أو عبرها".
في نفس الوقت، بعث 65 سيناتور أميركي من مجلس الشيوخ برسالة لوزيري الخارجية الأميركي والأمن الوطني لمطالبتهما بتعجيل إدخال إسرائيل في برنامج إعفاء التأشيرات بعد شهر من إرسال 16 سيناتور رسالة أخرى لإدارة بايدن لحثهم على ضمان المعاملة بالمساواة لكن المواطنين الأميركيين المسافرين لإسرائيل قبل منحها هذا الامتياز.
ما يعقد الموقف أكثر هو حالة الغضب العلني في البيت الأبيض تجاه حكومة نتنياهو على خلفية التعديلات القضائية المثيرة للجدل التي يعمل الائتلاف اليميني على تمريرها، بالإضافة لتصاعد التوترات في الضفة الغربية وإقرار الحكومة الإسرائيلية لأكبر موجة توسع استيطاني منذ عقود.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة