سياسة

تمرد في الجيش وغضب في الشارع.. نتنياهو يبحث عن باب الخروج

نشر

.

Muhammad Shehada

ما أن استفاق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من عملية جراحية يوم السبت لزارعة منظم لضربات القلب، حتى انهالت عليه الوفود الزائرة في مركز شيبا الطبي. لم تكن جميعها للتهنئة، فأول الزوار كان الرئيس إسحاق هرتسوغ، الذي حاول إقناع رئيس حكومته بالعدول عن التعديلات القضائية التي مرر التحالف الحاكم أولاها اليوم، الإثنين، وسط مظاهرات عارمة، ورفض للخدمة في الجيش اجتاح صفوف ضباط الاحتياط الذين يشكلون في بعض الأسلحة "نصف قوتها العددية".

نتنياهو ليس الوحيد الذي لفتت أزمته الطبية أعين الإعلام، فآلاف الإسرائيليين يقولون إنهم باتوا يعانون من أزمات نفسية نتيجة الأزمة السياسية الحالية.

وفقاً لموقع والا العبري، فخط هاتف المساعدة النفسية لم يتوقف عن الرنين في نهاية الأسبوع، حيث تلقى نحو 1338 مكالمة في يوم واحد، المئات من أصحابها اشتكى من الضغط العصبي والاكتئاب بسبب الوضع السياسي الحالي، وفي القلب منه "أزمة الإصلاح القضائي"، و"مبدأ العقلانية" الذي مرره الكنيست في جلسته ظهر اليوم، رغم مطالبات الرئيس الإسرائيلي.

فما هو هذا المبدأ الذي تسبب إلغاؤه في الأزمة الأخيرة؟ وإلى أين تتجه الأوضاع السياسية داخل إسرائيل، وهل يستطيع نتنياهو الخروج من أزمته؟

دموع ضد "تدمير إسرائيل"

لم تجد نائبة الكنيست أوريت فركش هكوهين أفضل من دموعها لتعبر عن معارضتها التعديلات القضائية "بلدنا مشتعل. لقد دمرتم البلد، لقد دمرتم المجتمع"، معتبرة أن سياسات الحكومة اليمينية المتشددة حوّلت إسرائيل من "دولة عالية التقنية، إلى دولة مجذومة".

خرجت النائبة من الجلسة، وبقي رئيس الحكومة في مبنى الكنيست رغم معاناته من تلف عضلة القلب، لكنها لم تكن أبرز أزماته، إذ سرعان ما هوت أسهم البورصة الإسرائيلية لتشهد انهياراً ملحوظاً بعد تمرير المادة المثيرة للجدل، وبعدها نصب آلاف المتظاهرين الخيام أمام الكنيست مشكّلين سلاسل بشرية من الحائط الغربي في القدس الشرقية المحتلة، وحتى مبنى الكنيست في القدس الغربية.

جانب من اعتصام المتظاهرين الإسرائيليين المعارضين لخطة الإصلاح القضائي. أ ف ب

إلى هذه الحشود، انضمت 150 من كبرى الشركات التكنولوجية الإسرائيلية لتعلن اليوم إضرابها عن العمل احتجاجاً على "بند العقلانية"، بينما أعلن نحو 10 آلاف من جنود الاحتياط في الجيش الإسرائيلي توقفهم عن الخدمة في حال تمرير الإصلاحات القضائية.

رفض الخدمة في الجيش، قد يعتبر الضربة الأكثر إيلاما للحكومة، نظراً لمكانة الجيش داخلياً، بجانب اعتماد المنظومة العسكرية على قوات الاحتياط إلى حد كبير، فنحو نصف ضباط سلاح الطيران هم من قوات الاحتياط، وبالفعل أعلن 1142 منهم الانسحاب من الخدمة، كخطوة احتجاجية على تمرير القانون وفي قلبه المادة المثيرة للجدل.

هل يوجد باب خروج أمام نتنياهو؟

بالمقابل، إذا تراجع نتنياهو عن تلك القوانين المثيرة للجدل، فإن شركاء الحكم من التيار اليميني المتشدد سيطيحون بالائتلاف الحاكم وسيخرج رئيس الوزراء، الأطول مدةً في الحكم في تاريخ إسرائيل، من منصبه بينما تجري محاكمته في ثلاث قضايا تتعلق بتهم فساد وخيانة أمانة ورشوة، ولا تبدو استطلاعات الرأي مبشرة بفرص عودته للحكم في حال إجراء انتخابات برلمانية مبكرة.

لذلك يبدو أن نتنياهو، المعروف ببراغماتيته، قرر الاحتفاظ بكرسي الحكم عبر تمرير أبرز المواد المثيرة للجدل في قانون الاصلاحات القضائية، عندما صوّت التحالف الحاكم اليوم الإثنين بأغلبية 64 صوتا من أصل 120 لتمرير قانون يلغي "مبدأ العقلانية" الذي يتيح لقضاة المحكمة العليا إلغاء أي قرار حكومي.

اعرف أكثر عن..

لماذا تحصل المحكمة على صلاحيات واسعة؟

  • لا يوجد دستور رسمي لإسرائيل، لذلك لا توجد مرجعية دستورية لضبط قرارات الحكومة إلا المحكمة العليا صاحبة السلطات الواسعة، وحق الفيتو في نقض أي قرار يصدر عن المسؤولين الحكوميين، بداية من رئيس الحكومة وحتى مسؤولي البلديات، وحتى تحديد صلاحية رئيس الحكومة من عدمه.
  • بالإضافة إلى ذلك، يعطي النظام الانتخابي الإسرائيلي نواب الكنيست السلطة لتشكيل الحكومة من قبل التحالف الحاكم، ما يعني وجود السلطتين التشريعية والتنفيذية في يد نفس التحالف السياسي، وبالتالي لا تستطيع المعارضة إسقاط أو عزل الحكومة لافتقارها للأغلبية البرلمانية، في حين تمتلك المحكمة هذا الحق
  • عوضاً عن الدستور، توجد مبادئ قانونية عامة أو "قوانين أساسية" تحتكم إليها المحكمة العليا بالإضافة لمبادئ حقوق الإنسان في تقييم قرارات وقوانين الحكومة، وإبطال بعضها، فيما يعرف إسرائيليا بـ"مبدأ العقلانية".

أبرز تلك القرارات الحكومية المثيرة للجدل كان مؤخراً تعيين نتنياهو حليفه آريه درعي من الحزب المتدين شاس كنائب لرئيس الوزراء على الرغم من إدانته مسبقاً في قضايا فساد ورشوة واحتيال وتوقيعه على اتفاق مع النيابة الإسرائيلية بالابتعاد عن الحياة السياسية مقابل عدم سجنه. لكن "مبدأ العقلانية" هذا أتاح للمحكمة العليا إبطال قرار نتنياهو.

  • يستند مؤيدو القانون إلى عدم استخدام المحكمة العليا "مبدأ العقلانية" ضد القوانين التشريعية الصادرة عن الكنيست.
  • فور تمرير القانون في الكنيست يوم الاثنين، سارع بعض الإسرائيليين برفع دعوة قضائية أمام المحكمة العليا لإبطال المادة التي ألغت "بند العقلانية"، ما يعني دخول إسرائيل في حال أزمة دستورية إذا ألغت المحكمة ذلك القانون، وبالتالي إقرار سابقة تتعلق بتدخل القضاء في عمل الكنيست للمرة الأولى.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة