سياسة
الجنرال عبد الرحمن تشياني قائد الحرس الرئاسي في النيجر الذي يقف وراء الانقلاب الذي أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم، هو رجل الظلّ الذي بات يتولى الآن قيادة بلاد يجتاحها العنف الجهادي ويقوضها الفقر. ووفق تقرير لفرانس برس، أصبح هذا الضابط الرفيع والمتكتم في الخمسينات من العمر والذي كان يقود الحرس الرئاسي الجمعة، رئيسا للمجلس العسكري الذي يتولى السلطة.
برّر الجنرال تشياني الانقلاب، الخميس، بـ"تدهور الوضع الأمني" في البلاد التي تواجه أعمال عنف وراءها جماعات جهادية. وقال إنّه في عهد الرئيس بازوم كان هناك "خطاب سياسي" أراد أن يجعل الناس يعتقدون أنّ "كلّ شيء على ما يرام" بينما هناك "الواقع القاسي مع ما يحمله من موت ونازحين وإذلال وإحباط".
يقول الباحث في مجموعة الأزمات الدولية إبراهيم يحيى إبراهيم: "لا نعرفه كثيرا خارج الأوساط العسكرية، ولا يملك حضورا علنيا. إنه رجل في الظلّ، قوي، ولكنه ليس شخصية توافقية للغاية".
برّر الجنرال تشياني الانقلاب، الخميس، بـ"تدهور الوضع الأمني" في النيجر
يتحدر الجنرال تشياني من فيلينجوي وهي منطقة قاحلة للغاية تبعد نحو 200 كيلومتر شمال شرق نيامي، في منطقة تيلابيري التي شهدت سلسلة هجمات شنتها جماعات جهادية لسنوات.
يتألف المجلس العسكري الجديد من عدد من الضباط الرفيعين، تمكنت فرانس برس من تحديد بعضهم كشخصيات مهمة في إطار جيش النيجر من بينهم الجنرال ساليفو مودي وهو رئيس أركان الجيوش السابق الذي أقيل في أبريل الماضي. وشارك بعضهم في انقلابات سابقة في بلد له تاريخ من الانقلابات ومحاولات الانقلاب منذ حصوله على استقلاله من فرنسا في عام 1960. وبعد مالي وبوركينا فاسو، أصبحت النيجر ثالث دولة في منطقة الساحل تشهد انقلابا منذ العام 2020.
وتُعدّ النيجر واحدة من آخر حلفاء الدول الغربية في منطقة الساحل التي يضربها العنف الجهادي، بينما التفتت جارتاها مالي وبوركينا فاسو، بقيادة العسكريين الانقلابيين، نحو شركاء آخرين من بينهم روسيا.
يتحدر الجنرال تشياني من فيلينجوي وهي منطقة قاحلة للغاية تبعد نحو 200 كيلومتر شمال شرق نيامي
ظهر الجنرال عبد الرحمن على التلفزيون الرسمي الجمعة باعتباره الرجل القوي الجديد في البلاد. وتلا بياناً بصفته "رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن"، وبرّر الانقلاب بـ"تدهور الوضع الأمني" في بلاد تواجه أعمال عنف تقف وراءها جماعات جهادية. وقال إنّه في عهد بازوم كان هناك "خطاب سياسي" أراد جعل الناس يعتقدون أنّ "كلّ شيء على ما يرام" بينما هناك "واقع قاسٍ مع ما يحمله من موت ونازحين وإذلال وإحباط".
وأشار إلى أنّ "النهج الأمني الحالي لم يسمح بتأمين البلاد على الرغم من التضحيات الجسيمة التي قدمها شعب النيجر والدعم الملموس والمقدر من شركائنا الخارجيين"، وعلى رأسهم فرنسا والولايات المتحدة، مضيفا "باسم المجلس الوطني لحماية الوطن، أطلب من شركاء النيجر وأصدقائها، في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ بلادنا، أن يثقوا بقوات الدفاع والأمن لدينا، الضامنة للوحدة والوطنية".
وجاءت تصريحاته في اليوم الثالث لاحتجاز الرئيس المخلوع بازوم في مقرّه الخاص الواقع داخل الجناح العسكري للحرس الرئاسي الذي شارك قادته في الانقلاب. بعد تصريحات تشياني، حذّر الانقلابيون في بيان تلي عبر التلفزيون الوطني من "أيّ تدخّل عسكري أجنبي". وأشار البيان إلى أنّ "بعض الشخصيات البارزة السابقة المتحصّنة في المستشاريات، تسير في منطق المواجهة بالتعاون مع هذه الأخيرة"، محذّراً من "العواقب التي ستنجم من أيّ تدخل عسكري أجنبي".
بازوم المحتجز مع أسرته بخير، وقد تمكّن من التحدث هاتفيا مع رؤساء دول آخرين، بينهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي دان الانقلاب الجمعة "بأكبر قدر من الحزم"، داعياً إلى الإفراج عنه.
وقال ماكرون خلال زيارته بابوا غينيا الجديدة، إنّ "هذا الانقلاب غير شرعي بتاتاً وخطِر جدا، على النيجريين والنيجر والمنطقة بأسرها"، وإلى حين صدور هذه التصريحات، لم تعتبر فرنسا محاولة الانقلاب في النيجر "نهائية".
ويرأس ماكرون، السبت، اجتماعا دفاعيا بشأن الانقلاب في النيجر، حسب ما أعلن الإليزيه الجمعة. وأعلنت الولايات المتحدة الجمعة أن إطاحة الرئيس المنتخب للنيجر تُعرّض للخطر المساعدات العسكرية الأميركية لهذه الدولة الفقيرة ذات الموقع الاستراتيجي. وكان الجيش في النيجر قد قدّم دعمه الخميس للعسكرين الانقلابيين.
ظهر عبد الرحمن على التلفزيون الرسمي الجمعة باعتباره الرجل القوي الجديد في البلاد
قال رئيس مجموعة فاغنر المسلّحة يفغيني بريغوجين في تسجيل صوتي مساء الخميس، إنّ "ما حدث في النيجر ليس سوى كفاح شعب النيجر ضد المستعمرين الذين يحاولون فرض نمط حياتهم عليهم". ويمكن التعرّف من خلال المقطع المنشور على تطبيق تلغرام، إلى صوت بريغوجين ونبرته، لكن لم يتمكن مراسلو وكالة فرانس برس من التأكد من صحة التسجيل بدقة.
وبعد مالي وبوركينا فاسو، أصبحت النيجر ثالث دولة في منطقة الساحل تشهد انقلابا منذ عام 2020. وتعد النيجر واحدة من آخر حلفاء الدول الغربية في منطقة الساحل التي يجتاحها عنف جهادي، بينما التَفَتت جارتاها مالي وبوركينا فاسو، بقيادة عسكريين انقلابيين، نحو شركاء آخرين بينهم روسيا. وأعلن الانقلابيون في النيجر "تعليق نشاطات الأحزاب السياسية حتى إشعار آخر" ودعوا "السكان إلى الهدوء" بعد أحداث وقعت خلال تظاهرة داعمة لهم في نيامي رُفعت خلالها أعلام روسية وشعارات معادية لفرنسا.
أصبحت النيجر ثالث دولة في منطقة الساحل تشهد انقلابا منذ عام 2020
رغم حظر فرضه الجيش، كان مقرّرا تنظيم تظاهرة جديدة، الجمعة، بدعوة من تحالف الأحزاب المعارِضة لبازوم. وعلّق المجلس العسكري الذي يضم كل أذرع الجيش والدرك والشرطة، عمل المؤسسات كافة، وأغلق الحدود البرّية والجوّية، وفرض حظر تجول من الساعة 22:00 مساء حتى الخامسة صباحا (21:00 مساء حتى الرابعة صباحا بتوقيت غرينتش).
وأثار الانقلاب تنديدا دوليا شديدا. وتُعقد الأحد في أبوجا "قمة خاصة" للمجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا التي تضم النيجر، لتقييم الوضع بعد الانقلاب، مع إمكان فرض عقوبات. وقال الرئيس الكيني وليام روتو، الجمعة، إن إفريقيا عانت انتكاسة خطرة في تقدمها الديموقراطي، ودان "بأشد العبارات هذا العمل غير الدستوري".
وهدد الاتحاد الأوروبي، على لسان مسؤول سياسته الخارجية جوزيب بوريل بـ"الوقف الفوري لكل أشكال الدعم المالي". منذ استقلال النيجر، المستعمرة الفرنسية السابقة في العام 1960، شهدت أربعة انقلابات: الأول في أبريل 1974 ضدّ الرئيس ديوري هاماني، والأخير في فبراير 2010 تمّت خلاله إطاحة الرئيس مامادو تانجا، فضلا عن محاولات انقلاب عدة أخرى.
© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة