سياسة

الجماعات المتشددة في "دول الانقلابات".. ٥ مناطق في خطر

نشر

.

blinx

في خطابه الأول أمام الجماهير بوصفه رئيس المجلس الوطني لحماية الوطن، الذي بُث على التليفزيون الرسمي، استعرض الجنرال عبد الرحمن تياني رغبته في إرساء أجندة أولويات أمنية جديدة في البلاد، فمن وجهة نظره "النهج الأمني الحالي" لم يسمح بتأمين البلاد رغم التضحيات التي قدمها شعب النيجر.

تلك هى الملامح الأولية لتوجهات النيجر بعد السقوط تحت لواء نظام عسكري، لتلحق بذلك بمالي وبوركينا فاسو، وتُصبح تحت سيطرة الحرس الرئاسي، فيما يقبع الرئيس نفسه رهن الاحتجاز.

حتى وقت قريب كانت النيجر ورئيسها المنتخب، حليفة الغرب الرئيسية في منطقة الساحل، تشكل استثناء في المنطقة المشتعلة بعنف الجماعات المسلحة، والتي تتميز بميلها شرقا نحو التحالف مع روسيا، فعلى سبيل المثال لجأ المجلس العسكري في مالي لمجموعة فاغنر لمحاربة الجماعات المتشددة، في الوقت ذاته طلبت السلطات من القوات الفرنسية مغادرة البلاد في العام ٢٠٢٢.

لكن محمد بازوم، رئيس النيجر المنتخب، اختار الإبقاء على وجود 1500 جندي فرنسي على أراضيه، معرضا نفسه لتبعات القطيعة بين باريس والمجالس العسكرية في الساحل التي تمكنت من تحقيق أسبقية على النُظم الديموقراطية التي يعتبرها جزءا من سكان منطقة الساحل غير فعالة وفاسدة.

يرى بعض السكان النظم الديموقراطية غير فعالة وفاسدة. ( المصدر: وكالة رويترز)

٥ مناطق

وبحسب مركز أفريقيا للدراسات الاستراتيجية فإن منطقة غرب الساحل شهدت زيادة بمعدل ٤ أضعاف في عدد الأحداث المتطرفة التي تشنها الجماعات متشددة منذ عام ٢٠١٩ (حتى ٢٠٢٢) . وقد اتسع نطاق هذا العنف في شدته وانتشاره الجغرافي.

وتظهر ٥ مناطق ديناميكيات صراع متنوعة:

  • الحدود الثلاثية
  • شمال وسط بوركينا فاسو
  • وسط مالي
  • وجنوب شرق وجنوب غرب بوركينا فاسو
  • غرب النيجر

تضم هذه المناطق الخمس مجتمعة أكثر من ٧٠ في المائة من عنف المتطرفين في منطقة الساحل، بحسب المركز.

وتعتبر النيجر مهددة بتصاعد أعمال العنف عبر حدودها، وخصوصا أن تنظيم داعش في الصحراء الكبرى (ISGS) هي الجماعة المسلحة الرئيسية التي تحاول استغلال حدود النيجر مع مالي وبوركينا فاسو لتوسيع نفوذها على المجتمعات النائية.

وتستهدف الجماعات المتطرفة المدنيين في أكثر من نصف هجماتها في هذه المنطقة حيث حاولت المجتمعات هنا مقاومة ابتزاز داعش في الصحراء الكبرى (ISGS) من خلال تحصيل زكاة مسيئة، وقد تم تدمير مقاطعات تيليا وأوالام وبانيبانغو بشكل خاص.

فراغ أمني أم تحالفات جديدة؟

بالعودة إلى الخطاب الأول، الذي أرسى فيه الجنرال تياني قواعد للاستراتيجية الجديدة، نجد أن قائد الانقلاب قد ركز على تزكية التعاون مع نظرائه في منطقة الساحل، التي تشهد بدورها موجة من الانقلابات، فبالنسبة للقائد الجديد، لا يوجد معنى في النهج الأمني الذي يكافح الإرهاب لكنه يستبعد التعاون الحقيقي مع بوركينا فاسو ومالي، أي المنطقة المعروفة باسم الحدود الثلاثة.

التعاون في منطقة الساحل والتغيرات في المنطقة، ربما تُقفد النيجر في الوقت ذاته، حزمة الشركاء الغربيين، فعلى سبيل المثال أعلن الاتحاد الأوروبي تعليق جميع المساعدات المالية وإجراءات التعاون في المجال الأمني مع النيجر، كما يمكن للعقوبات الدولية أن تطال النظام، كما هي الحال في مالي المجاورة.

مغادرة القوات الأميركية والفرنسية قد تترك فراغا في المنطقة. (المصدر: وكالة فرانس برس)

ووفقاً لمحللين مغادرة القوات الفرنسية والأميركية من شأنها أن تترك فراغا في المنطقة المضطربة، إذ لا يمكن لجيش النيجر ونظيره الفرنسي العمل بحرية ضد تنظيم داعش الذي ينفذ بالفعل هجمات على أراضي النيجر من الحدود المالية.

ويقول إبراهيم يحيى إبراهيم الباحث في مجموعة الأزمات الدولية، إن هذه المجالس العسكرية تميل إلى تحميل مسؤولية التدهور الأمني لحلفاء الأنظمة التي أطاحوا بها وقال: "هذه الانقلابات تحظى بدعم جزء من السكان الذي عبروا عن موقف عدائي تجاه الوجود الفرنسي أو الغربي في منطقة الساحل".

النقطة الهادئة

لفترات، استطاعت النيجر أن تحتفظ بقدر من الهدوء النسبي في منطقة مشتعلة، فبحسب ألان أنتيل، مدير مركز أفريقيا جنوب الصحراء في المعهد الفرنسي للعلاقات الدولية، إن النيجر تحدها الفوضى الليبية من جانب، ومتاعب بوكوحرام في نيجيريا وتنظيم داعش في غرب أفريقيا.

الشمال أيضا يعاني من عنف المجموعات المتطرفة، والأمر الذي يسري على مالي وبوركينا فاسو: "النيجر كانت قطبا للاستقرار على الرغم من المشاكل الأمنية في المنطقة".

النيجر شكلت سابقا نقطة استقرار في المنطقة. (المصدر: وكالة رويترز)

في حين جسد محمد بازوم نموذج التعاون الأمني بالنسبة للمانحين والدول الغربية، كما أن سلطته وافقت على الحوار مع بعض قادة الجماعات المسلحة، لكن الجنرال تياني استنكر بدوره الإفراج بدون أمر قضائي عن قادة إرهابيين من قبل نظام محمد بازوم.

كما أن في مالي وبوركينا فاسو، اختارت المجالس العسكرية استراتيجية هجومية قاسية ضد الجماعات المتشددة، شابتها اتهامات بارتكاب انتهاكات ضد السكان.

التعاون الأمني والاستقرار النسبي لا يعفي النيجر تماما من المتاعب إذ أنها شهدت تدفقا للاجئين من مالي ونيجيريا وقدر عدد هؤلاء بحوالي ٢٥٥ ألف في العام ٢٠٢٢ حسب المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.

وتحذر تاتيانا سميرنوفا، الباحثة في مجال حلّ النزاعات في مركز الأبحاث الكندي من أن المدنيين هم من يدفعون الثمن الباهظ لمثل هذه الاستراتيجية مما يسهم في زعزعة الاستقرار ويمكن أن يغذي التوترات بين المجتمعات وداخلها.

تحذير سبق الأحداث

في مايو الفائت حذرت مسؤولة أممية من أن الوضع الأمني في منطقة الساحل لا يزال "مقلقا للغاية" حيث "تواصل الجماعات المسلحة غير الحكومية شن هجمات واسعة النطاق ضد أهداف مدنية وعسكرية، والانخراط في مواجهات للوصول إلى الموارد وفرض السيطرة الإقليمية والنفوذ.

وقدمت مارثا بوبي، مساعدة الأمين العام لشؤون أفريقيا إحاطة لمجلس الأمن قالت فيها إن "الجماعات الإرهابية والمتطرفة العنيفة كثيرا ما تستهدف المناطق الحدودية، ولا سيما منطقة الحدود الثلاثية لبوركينا فاسو ومالي والنيجر".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة