سياسة

حدود العراق والكويت.. لم يبق إلا البحر

نشر

.

Camil Bou Rouphael

منذ سنوات، ولم تُحسم بعد مسألة ترسيم الحدود البحرية بشكل كامل بين الكويت والعراق، إلا أن ثمة حل يلوح في الأفق، فالبلدان أكّدا التزامهما بإنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية، وفق ما أعلن وزيرا خارجية البلدين خلال زيارة للوزير الكويتي إلى بغداد الأحد.. فهل يتجه ترسيم الحدود بين الكويت والعراق نحو الحسم؟ وأي أجزاء من الحدود حسم أمرها حتى الآن؟

وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الكويتي الشيخ سالم عبدالله الجابر الصباح "تحدثنا في ملف ترسيم الحدود وكان هناك نقاش مستفيض في هذه المسألة". وتابع أنه تمّ التأكيد على "الاستمرار بالنقاشات بهذه المسألة من خلال اللجان الفنية المختلفة"، مضيفا أنه "سوف يكون هناك لجنة عليا لإجراء الحوارات مع الجانب الكويتي".

من جانبه، قال وزير الخارجية الكويتي خلال المؤتمر إنه "كان أيضا هناك توافق كامل في وجهات النظر على أهمية حلّ المشاكل العالقة بين الدولتين وعلى رأسها موضوع إنهاء ترسيم الحدود البحرية بين البلدين". وأضاف "هناك اجتماع للجنة الفنية القانونية في 14 أغسطس في بغداد لاستكمال التشاور بالنسبة لإنهاء ترسيم الحدود البحرية".

العراق والكويت أكّدا التزامهما بإنهاء ملف ترسيم الحدود البحرية، وفق ما أعلن وزيرا خارجية البلدين

ماذا نعرف عن الحدود الكويتية– العراقية؟

  • حددت الأمم المتحدة في العام 1993 الحدود البحرية والبرية بين البلدين، إثر غزو العراق للكويت في العام 1990. قررت لجنة الأمم المتحدة أن الكويت لها السيادة على وربة وبوبيان الجزر وتحديد الجزء الأول من حدودها البحرية.
  • تمتد هذه الحدود لحوالي 25 ميلا بحريا وتتبع خطا متساوي الأبعاد عبر خور عبد الله. أما ما تبقى من الحدود البحرية بين العراق والكويت فلم يتحدد بعد، وفق موقع sovereignlimits.
  • لا يزال الملف عالقا منذ سنوات، ويصادر خفر السواحل الكويتي أحيانا مراكب صيادين عراقيين أو يوقفونهم، لدخولهم بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية الكويتية، حسب فرانس برس. وأعرب مسؤولون عراقيون في الماضي عن استعدادهم للاعتراف بالحدود البرية مع الكويت، لكن الحدود البحرية لا تزال تشكّل نقطة خلاف بينهما، إذ أن بغداد تريد أن يضمن لها ترسيم الحدود القدرة على الوصول إلى مياه الخليج، الذي تحتاج إليه لتصدير النفط.

حددت الأمم المتحدة في العام 1993 الحدود البحرية والبرية بين البلدين. مصدر الصورة: أ ف ب

العراق والخليج

كما التقى الوزير الكويتي رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي. وتركزت مباحثاته مع الحلبوسي خصوصا على "استكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة 162"، بحسب ما أوردت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية (كونا) في إشارة إلى السطح البحري الذي لا يزال يتعين على البلدين تقاسمه في قطاع من مياه الخليج.

وتسعى الحكومة الحالية في العراق برئاسة السوداني إلى التقارب مع دول الخليج، إذ ترغب بغداد في تعزيز التعاون الاقتصادي ومكافحة تجارة المخدرات واستقبلت في الأشهر الأخيرة مسؤولين خليجيين رفيعي المستوى.

وإبان نظام صدام حسين، اجتاح الجيش العراقي في أغسطس 1990 دولة الكويت وضمّ البلد الغني بالنفط إلى العراق، قبل أن يطرده تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بعد ٧ أشهر. وبعد ذلك خضع العراق لحصار اقتصادي استمر 13 عاما، واضطر إلى دفع تعويضات حرب كبيرة للكويت، عبر الأمم المتحدة.

وأنهت بغداد بحلول عام 2021 دفع كامل التعويضات المترتبة عليها، أي أكثر من 52 مليار دولار بعد أكثر من 30 عاما على غزو الكويت.

ترغب بغداد في تعزيز التعاون الاقتصادي ومكافحة تجارة المخدرات. مصدر الصورة: أ ف ب

أبرز نقاط الاجتماع

نقلت صحيفة القبس الكويتية أن المشاورات السياسية، التي أجراها العبد الله، تناولت تعزيز العلاقات الثنائية التي تجمع الكويت والعراق، كما جرى التباحث حول عدد من الموضوعات الحيوية والملفات المهمة محل الاهتمام المشترك بين البلدين والشعبين الشقيقين. وأكدت الكويت والعراق استمرار التنسيق المشترك لتعزيز العلاقات التاريخية بين البلدين، والعمل معا على إنهاء الملفات العالقة. وأسفرت المباحثات عن تطابق الرؤى حول مستجدات المنطقة وتضافر الجهود المشتركة لتعزيز الأمن والاستقرار.

واتفق الوزيران خلال جلسة المباحثات على أهمية حل كل الملفات العالقة بين البلدين، وعلى رأسها قضية استكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة 162، بما يسهم في تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين ويحقق المصالح المشتركة بينهما، علاوة على الحد من عمليات تهريب المخدرات والصيد غير القانوني أو التعدي على الحدود السيادية والتعاون المشترك في هذا الإطار.

وأبرز نتائج المباحثات كانت وفق الآتي: "لجنة لاستكمال الحوار في القضايا، العمل معا لإنهاء الملف الحدودي، تعزيز الأمن والاستقرار ودفع العلاقات، تنمية العلاقات التجارية والاقتصادية".

اتفاق حول قضية قضية استكمال ترسيم الحدود البحرية لما بعد العلامة 162. مصدر الصورة: أ ف ب

اعرف أكثر عن..

الغزو العراقي للكويت

  • في الثاني من أغسطس 1990، اجتاح الجيش العراقي لصدام حسين الكويت وضمها، قبل أن يطرده تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بعد سبعة أشهر. وخضع العراق للحظر لمدة 12 عاما واضطر لدفع تعويضات حرب كبيرة إلى الكويت، عبر الأمم المتحدة.

اجتاح الجيش العراقي لصدام حسين الكويت وضمها. مصدر الصورة: أ ب

  • في 18 يوليو 1990، تصاعد التوتر عندما اتهمت بغداد جارتها بـ"قضم" أراضيها و"سرقة" النفط من حقل الرميلة النفطي في جنوب البلاد. وقد طالب بتسديد نحو ملياري يورو. ونفت الكويت هذه الاتهامات وردت بأن العراق هو من يحاول حفر آبار النفط على أراضيها.
  • وبين البلدين خلافات عدة لكن قضية ترسيم الحدود المعلقة منذ استقلال الكويت في 1961، هي الأكثر تعقيدا، وفق فرانس برس. في 20 يوليو، بدأت الجامعة العربية وساطتين لكنهما فشلتا وتم تعليق المحادثات العراقية الكويتية في الأول من أغسطس. وفي الثاني من أغسطس، حدث الغزو و"بدأت القوات العراقية عند الساعة 02:00 بالتوقيت المحلي (23:00 ت غ) بانتهاك حدودنا الشمالية، ودخول الأراضي الكويتية واحتلال مواقع داخل" البلاد، وفق ما أعلنت إذاعة الكويت حينها. ثم دعت الإذاعة الكويتيين إلى "الدفاع عن أرضهم ورمالهم وكثبانهم". ووقعت اشتباكات عنيفة بالأسلحة الثقيلة بين الوحدات الكويتية والجيش العراقي في وسط مدينة الكويت.
  • لكن أمام ١٠٠ ألف جندي عراقي و300 دبابة، كان الوضع يفوق طاقة الجيش الكويتي الذي يبلغ عديده 16 ألف رجل، حسب فرانس برس، التي تابعت في تقريرها أنه تم احتلال المدينة خلال النهار وذهب الأمير جابر الأحمد الصباح إلى السعودية، فيما قتل شقيقه الشيخ فهد.

كان الوضع يفوق طاقة الجيش الكويتي الذي يبلغ عديده 16 ألف رجل. مصدر الصورة: أ ب

  • وفي المساء توجه الجيش العراقي إلى مينائي النفط الشعيبة والأحمدي. أدان المجتمع الدولي بشدة الغزو، فيما سجلت أسعار النفط ارتفاعا كبيرا، وفي اجتماع طارئ، طالب مجلس الأمن "بالانسحاب الفوري وغير المشروط للقوات العراقية". وجمدت واشنطن جميع الأصول العراقية في الولايات المتحدة والشركات التابعة لها في الخارج وكذلك الأصول الكويتية لمنع كويتيين من الاستيلاء عليها لحساب بغداد. وأوقف الاتحاد السوفياتي حينها، الذي يزود العراق بنسبة 80٪ من أسلحته، توريد الأسلحة.
  • في السادس من أغسطس، فرض مجلس الأمن حظرا تجاريا وماليا وعسكريا على العراق. وفي الثامن من الشهر نفسه، أعلن الرئيس الأميركي حينها جورج بوش إرسال قوات إلى السعودية. في اليوم التالي، وصلت أول دفعة من جنود عملية "درع الصحراء".
  • أغلق العراق حدوده. وحجز آلاف المدنيين الغربيين والعرب والآسيويين رغما إرادتهم في العراق أو الكويت، وتم استخدام نحو 500 شخص "كدروع بشرية" لأكثر من أربعة أشهر. أعلن العراق في 8 أغسطس ضم الكويت "الكامل وغير القابل للعكس". وفي نهاية شهر أغسطس، أعلنت بغداد عن التقسيم الإداري للكويت، وجعلت من مدينة الكويت والمناطق المحيطة بها المحافظة التاسعة عشرة للعراق.

وافقت بغداد على جميع قرارات الأمم المتحدة. مصدر الصورة: أ ب

  • سمح مجلس الأمن، في 29 نوفمبر "للدول الأعضاء (..) باستخدام جميع الوسائل اللازمة" إذا لم يغادر العراق الكويت قبل 15 يناير 1991. وبدأت، في السابع عشر منه، بعد فشل مبادرات دبلوماسية عدة، عملية "عاصفة الصحراء" بقصف جوي مكثف. في اليوم التالي ولأسابيع عدة، ردت بغداد بإطلاق صواريخ سكود على إسرائيل والسعودية، ما أسفر عن مقتل العشرات وجرح المئات.
  • حثت الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا إسرائيل على عدم الردّ. ونشرت الولايات المتحدة بطاريات باتريوت المضادة للصواريخ في إسرائيل في 20 يناير. في 24 فبراير، انطلقت الحملة البرية ضد العراق. بعد ثلاثة أيام، أعلن بوش أن "الكويت تحررت" وأن "الجيش العراقي هزم". وفي اليوم التالي، وافقت بغداد على جميع قرارات الأمم المتحدة. وترك العراقيون وراءهم بلدا مدمرا ومنهوبا وأكثر من 750 بئرا للنفط مشتعلة.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة