سياسة

بنس وترمب.. حانت لحظة انتقام "الرجل الثاني"

نشر

.

Alaa Osman

في الأروقة الداخلية لمبنى الكابيتول بالعاصمة واشنطن، سرت حالة من الفزع والارتباك أثناء اجتياح متظاهرين مركز صناعة القرار بالولايات المتحدة، كان ذلك في الـ٦ من يناير في العام ٢٠٢١.

أصوات ضجيج وتهشيم أثاث وزجاج متناثر تصل إلى أعضاء مجلس الشيوخ في قاعتهم الخاصة، حيث يشرف رئيس المجلس مايك بنس على التصديق على فوز جو بايدن بالسباق الانتخابي.

في الخارج، لم يرق ذلك للمجموعات المؤيدة للرئيس دونالد ترمب، فما كان منها إلا أن لجأت للهتاف على بعد أمتار قلائل من مقر الشيوخ "اشنقوا مايك بنس". في ذلك اليوم تمكن نائب الرئيس الأميركي آنذاك ورئيس مجلس الشيوخ من النجاة.

لكن لاحقا، بدا وكأن شيء قد تغير في العلاقة بين الرئيس ونائبه اللذان ظلا متلاصقين على مدار ٤ أعوام هي فترة رئاسة ترمب.

بالعودة إلى الحاضر، ما يزال أثر يناير المضطرب باقيا إذ انجرف الرئيس والنائب في اتجاهين متضادين، ليس لدرجة التنافس على لقب مرشح الحزب الجمهوري في الانتخابات الرئاسية المقبلة فحسب، بل إلى درجة الوقوف وجها لوجه في قاعة المحكمة، إذ ربما يُصبح بنس، مرؤوس ترمب السابق شاهد إثبات في قضية، يُتهم فيها ترمب بمحاولة قلب نتائج الانتخابات الأميركية في العام ٢٠٢٠.

"نداء القانون"

لم يعد بنس، الرجل الثاني في إدارة الرئيس ترمب، مختبئا وأفراد من عائلته في غرفة مهددة بالاقتحام من قبل عصابة تطالب بشنقه، إنما رجل ينافس على فرصة الترشح عن الحزب الجمهوري، ويستعد ما إذا استدعى الأمر للشهادة أمام المحكمة فيما يخص قضية اتهام ترمب بمحاولة قلب نتائج الانتخابات، حيث قال بوضوح أن "ليس لديه خطط" بشأن الشهادة لكنه في الوقت ذاته "لا يستبعدها" وفقا لوكالة رويترز.

وأضاف بنس "ليثق الناس أننا نستجيب لنداء القانون ونطيعه. إذا حدث الأمر، سوف نقول الحقيقة فقط".

في حال أدى بنس اليمين وقدم شهادته للمحكمة، يُعتقد أنها سوف تُصبح جزءا رئيسيا من الادعاء ضد ترمب، خاصة وأن ذكر بنس جاء أكثر من مرة في لائحة الاتهام التي وجهت ضد الرئيس السابق في أوائل أغسطس الجاري.

ينافس بنس ترامب على لقب مرشح الحزب الجمهوري. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

كيف تحول بنس لشخصية محورية في محاكمة ترمب؟

يرجع الأمر لأبريل من العام الجاري، حيث أدلى بنس بشهادة أمام هيئة محلفين كبرى في محكمة مقاطعة واشنطن العاصمة عن محاولات الرئيس ترمب إلغاء نتيجة انتخابات العام ٢٠٢٠، كان ذلك في إطار التحقيقات حول أحداث يناير في الكابيتول.

ولمدة سبع ساعات متتالية أدلى نائب الرئيس بشهادته الأولية، التي ظلت سرية في نصها وما يتصل بها من إجراءات بموجب القانون الفيدرالي، حسب موقع CBS News.

لدى ظهور لائحة الاتهام سُلط الضوء على موقف بنس إبان أحداث اقتحام الكابيتول والشهور السابقة عليه، إذ تعرض نائب الرئيس آنذاك ومسؤولين آخرين لضغوط من قبل ترمب لمحاولة مساعدته على التمسك بالسلطة، وفقا لوكالة أسوشيتد برس وصلت تلك الضغوط ذروتها في أحداث اقتحام الكابيتول.

ردد مقتحمو الكابيتول هتاف "اشنقوا مايك بنس". (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

تطرقت لائحة الاتهام كذلك لمحادثة هاتفية بين ترمب وبنس، الذي كان من المفترض أن يُشرف على تصديق مجلس الشيوخ على نتيجة الانتخابات.

في المحادثة عنّف ترمب نائبه على عدم موافقته القول بتزوير الانتخابات، وقال له "أنت صادق أكثر من اللازم".

فريق ترمب القانوني، وترمب ذاته يحاولون من جهتهم الدفع اليوم برواية مغايرة لتلك الواردة في لائحة الاتهام، فعلى سبيل المثال صرح جون لاورو، محامي ترمب أن موكله لم يطلب من بنس تعديل أو تغيير إرادة الجماهير أبدا، وإنما طلب منه "في إطار قانوني" وقف التصديق على النتيجة بما يتيح للولايات التحقق من مزاعم التزوير.

وعن المواجهة المرتقبة في قاعة المحكمة قال لاورو "لا يسعني الانتظار حتى أتمكن من استجواب السيد بنس على المنصة".

معارك جانبية

إلى أن تحدد المحكمة ما إذا كانت ستستدعي مايك بنس رسميا كشاهد إثبات ضد ترمب، ينخرط الثنائي اليوم في نمط آخر من المواجهات، عبر المنصات الإعلامية ومنصات التواصل الاجتماعي، إذ يتراشق الزميلان السابقان بالعبارات كلما أُتيحت لأي منهما الفرصة.

ففي أعقاب صدور لائحة الاتهام على سبيل المثال أصدر بنس بيانا قال فيه إن ترمب "وضع نفسه فوق الدستور"، بينما "يعني ترشحه مجددا للرئاسة المزيد من الأحاديث حول السادس من يناير والمزيد من التشتت".

يصف ترامب بنس بأنه يعاني من الضلالات. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

صرح بنس إعلاميا كذلك أن ترمب محاط بمجموعة من المحامين الفاسدين، الذين "يخبرونه دائما ما يريد سماعه"، وفقا لموقع صحيفة واشنطن بوست.

من وجهة نظر نائب الرئيس لم يتعلق السادس من يناير بمحاولة وقف التصديق مؤقتا، وإنما طلب مباشرا بقلب الانتخابات، إذ قال إن ترمب كان مقتنعا حتى بدايات ديسمبر من العام ٢٠٢٠ أن سلطات بنس تسمح له رفض نتيجة الانتخابات، كما طُلب منه ذلك مباشرة من خلال محامي ترمب، بحسب إدعائه.

بالرغم من حملة بنس الانتخابية لا تُظهر أي تفوق في السباق الانتخابي للحزب الجمهوري، إلا أن أفرادها يبدون الفخر بموقف بنس الذي ترجحه لائحة الاتهام، حتى أنهم طبعوا عبارة "صادق أكثر من اللازم" على بعض المنتجات الخاصة بالحملة وفقا لموقع Politico.

يقول بنس أن ترامب وضع نفسه فوق الدستور. (المصدر: وكالة فرانس برس)

في الوقت ذاته، ينفي ترمب الواقعة بشكل كامل، إذ يقول على منصة التواصل الاجتماعي تروث سوشيال "لم أقل أبدا لبنس الذي قويت عزيمته مؤخرا أنه [صادق أكثر من اللازم]، إنه يعاني من الضلالات ويريد أن يظهر كشخص قوي".

قال ترمب أيضا "ها قد حدث أخيرا، لقد عبر مايك بنس للجانب المظلم، الرجل الذي كان على وشك الطرد من منصب حاكم إنديانا عندما جئت وجعلته نائبا للرئيس".

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة