سياسة

تاكر كارلسون.. مشروع الضابط ووجه ترمب الإعلامي

نشر

.

Alaa Osman

استضافت مدينة ميلووكي بولاية ويسكونسن مجموعة من الوجوه السياسية مساء أمس الأربعاء، ينشدون جميعا هدف بعينه، هو الوصول إلى لقب مرشح الحزب الجمهوري في انتخابات رئاسة أميركا المقبلة، بالرغم من ذلك غاب عن المشهد الوجه الأبرز في الانتخابات التمهيدية بين الجمهوريين: الرئيس السابق دونالد ترمب.

على منصة تروث سوشيال، بدى ترمب شديد الثقة حيث أعلن أنه لن يشارك في المناظرة إذ أن الأميركيين يعرفونه حق المعرفة كما أنه يحقق تقدما ملحوظا عبر استطلاعات الرأي، إلا أن ذلك الموقف لا يعني أن ترمب أحجم تماما عن توجيه رسائل للجمهور، في الوقت الذي يواجه فيه أكثر من اتهام جنائي.

لكن الرئيس السابق لجأ لنمط جديد من المقابلات، وإن لم تكن تليفزيونية ولكنها مدعومة بوجه مألوف تماما للرئيس ولطالما دعمه في أكثر من موقف.

وجه ترمب

ظهر دونالد ترمب في مقابلة حصرية مع المذيع سابقا في شبكة فوكس، والمعروف بميوله المحافظة، حيث تحدث الثنائي حول منافسي ترمب، وبرنامجه الانتخابي وموقفه من الرئيس بايدن وحتى احتمالات تعرض ترمب للقتل، وذلك خلال مقابلة استمرت ٤٦ دقيقة، وشاهدها أكثر من 158 مليون متابع عبر تويتر وحده، في أقل من ١٠ ساعات.

على مدار الأعوام الماضية، ارتبط ذكر الرئيس الجمهوري باسم المذيع المحافظ، الذي قدم منذ العام ٢٠١٦ برنامجه الشعبي على شبكة فوكس، قبل أن تنتهي علاقته بالمؤسسة خلال العالم الجاري، حيث عُرف بتأييده للرئيس دونالد ترمب فضلا عن تماثل وجهات نظرهما في بعض القضايا، خاصة أزمة كورونا.

إلا أن الأقدار لو تبدلت قليلا، كان يمكن لكارلسون أن يصبح أحد مستشاري ترمب وليس إعلامي يوافقه الرأي.

لماذا؟

ربما علينا تتبع تاريخ كارلسون القصير، لتقديم إجابة وافية على هذا السؤال.

مشروع ضابط

تأخذنا الرحلة لنقطة الانطلاق، ولاية كاليفورنيا في أواخر ستينيات القرن الماضي، حيث ولد كارلسون لأب يعمل في مجال الإعلام بالفعل، الأمر الذي ربما أثر على خيار الابن فيما يتعلق بمجال عمله المستقبلي.

إلا أنه قبل الانضمام إلى صفوف الإعلاميين، تحطمت أحلام أخرى للطالب الشاب آنذاك، فعلى سبيل المثال بعد الانتهاء من المرحلة الثانوية رغب كارلسون في الانضمام إلى إحدى الجامعات المرموقة، إلا أن رغبته لم تتحقق، بحسب الموسوعة البريطانية، لاحقا تمكن الشاب من حجز مقعد في كلية ترينيتي بمساعدة والد إحدى زميلاته في المدرسة الثانوية الخاصة التي التحق بها في رود آيلاند.

شعبية تاكر كارلسون المرتفعة ضمنت له أعلى نسب المشاهدات. أ ب

لاحقا أصبحت تلك الزميلة زوجة كارلسون، ولكن كان الشاب على موعد مع رفض جديد، جاء هذه المرة من قبل وكالة الاستخبارات الأميركية التي رفضت أن تضمه لصفوفها بعد تخرجه من الجامعة في العام ١٩٩١، مما دفع للتوجه للصحافة والإعلام بناء على نصح والده.

المعسكر الآخر

منذ العام ٢٠٠٩ بات وجه كارلسون مرتبطا بشبكة فوكس نيوز المعروفة بميولها المحافظة، كمساهم في بعض البرامج أولا ثم مقدم برامج شهير وذو شعبية، مع بدء بث برنامجه "تاكر كارلسون الليلة" في العام ٢٠١٦، في توقيت قريب من انتقال دونالد ترمب من باحة رجال الأعمال إلى البيت الأبيض.

في ذلك المقعد بشبكة فوكس، تمكن مقدم البرامج من تحقيق نجاح كبير كصاحب أعلى البرامج تقييما في وقت الذروة، بحسب تقرير لصحيفة نيويورك تايمز.

قبل برنامج "تاكر كارلسون الليلة" ظهر المذيع على شبكات عديدة كـ سي إن إن. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

قبل ذلك مر كارلسون بتجارب متنوعة، بعضها في مؤسسات إعلامية باتت تُحسب على الفريق الآخر في معادلة الجمهوريين والديموقراطيين في الولايات المتحدة، فعلى سبيل المثال انضم مقدم البرامج من بين وجوه شبكة سي إن إن في أوائل الألفية، حيث ارتبط اسمه ببرامج المناظرات، فشارك في برنامج The Spin Room ثم قدم برنامج Crossfire حتى العام ٢٠٠٥.

ظهر كارلسون أيضا على شاشة PBS كمحاولة من الشبكة لخلق حالة من التوازن السياسي مع التيار الليبرالي المهيمن على القناة، كما ظهر على شاشة MSNBC حيث قدم برنامج حمل اسم "تاكر" قبل أن تجنح المؤسسة لاتجاه أكثر يسارية مما تفضل ذائقة المذيع.

الرئيس والمذيع

في برنامجه المسائي، لطالما استعرض المذيع آراء تتوافق مع آراء الرئيس، آنذاك، دونالد ترمب، إن لم تكن مدافعة عن سياساته الرئيس خلال الفترة الأولى من ولايته، فعلى سبيل المثال جاء موقف كارلسون دفاعيا فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة ضد ترمب بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية، كما بدا مؤيدا لموقف ترمب المتشكك من قضية المناخ، أيد أيضا مخططه لتعزيز الحدود ما بين أميركا والمكسيك بجدار.

اعتبر كارلسون اقتحام الكابيتول مؤامرة من الـ FBI. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

نظريات تاكر

أما في أواخر ولاية ترمب، كان كارلسون من بين المؤيدين لنظرية تزوير الانتخابات الأميركية، وإبان اقتحام مجموعات من أنصار ترمب مبنى الكابيتول، تبنّى كارلسون نظرية تفسر الاقتحام بأنه من تدبير مكتب التحقيقات الفدرالي، حسب الموسوعة البريطانية.

من بين أكثر مواقف كارلسون الجدلية أيضا، موقفه من جائحة كورونا، إذ تشكك مقدم البرامج في الجائحة وانتقد الإجراءات الاحترازية المتبعة، مثل استخدام الأقنعة الطبية على نحو إلزامي، كما أظهر تشككه في شخص الدكتور أنتوني فاوتشي، مدير المعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، مرجحا أنه هو من خلق الفيروس وتسبب في انتشاره في البلاد.

كيف انتهت علاقة كارلسون بفوكس؟

في أواخر إبريل من العام الجاري، اختفى وجه كارلسون وبرنامجه الشهير من شبكة فوكس بشكل مفاجئ، الأمر الذي أثار تكهنات متعددة حول سبب فصل مقدم البرامج عن شاشته الأثيرة، إلا أن مؤسسات إعلامية عديدة ربطت بين قضية Dominion Voting Systems وإقصاء كارلسون عن الشاشة بحسب وكالة أسوشيتد برس.

يرى كارلسون أن غيابه عن الشاشة جزء من تسوية فوكس. (المصدر: وكالة أسوشيتد برس)

جاء الربط في سياق انتهاء علاقة كارلسون بالشبكة بعد أسبوع واحد من تسوية فوكس للنزاع القضائي مع شركة التصويت الإلكتروني المتعلق بنشر الشبكة لأكاذيب تخص سباق العام ٢٠٢٠، في تلك التسوية حصلت الشركة على تعويض ٧٨٧.٥ مليون دولار أميركي.

صلة كارلسون بالقضية لم تتوقف عند كونه أحد وجوه فوكس في تلك الفترة، ولكن بسبب ظهور محادثات خاصة ورسائل أدلى فيها بأحاديث فجة عن مسؤولين بالمؤسسة الإعلامية الكبيرة.

اعُتقد آنذاك أن حديث مقدم البرامج المسرب، كان بمثابة عامل محفز للشبكة كي تنهي علاقتها به.

كارلسون شخصيا، له وجهة نظر أخرى طرحها في سيرته الشخصية التي صدرت حديثا في كتاب، فحسب صحيفة غارديان البريطانية، يعتقد كارلسون أن إنهاء علاقته بفوكس جاء في إطار التسوية القضائية سالفة الذكر، إذ وضع شرط إقصاء مقدم البرامج قبل دقائق من بدء المحاكمة.

فصل جديد مع شاشة أصغر

منذ غيابه عن الشاشة الصغيرة، لجأ كارلسون لشاشة أصغر، إذ بدأ إعداد وبث مقاطع الفيديو على موقع إكس، تويتر سابقا، الذي كان منصة الرئيس دونالد ترمب الأثيرة في فترة من الفترات.

لا تبدو هيئة كارلسون مختلفة في البرنامج الإلكتروني، إذ يظهر بحلة أنيقة ويستضيف شخصيات من الحزب الجمهوري ويطول زمن حلقاته البرامجية الإلكترونية ليتخطى الساعة في بعض الأحيان، حتى أن ظهوره الإلكتروني يحمل عنوانا مشابها لبرامجه السابقة، فيطلب على حلقاته اسمه "تاكر على تويتر".

إلا أن بعض التقارير الإعلامية في يوليو الماضي أشارت إلى رغبة كالسون في بدء فصل جديد أكثر ترابطا بعد فوكس، إذ أنه ينوي جمع التمويل اللازم لتأسيس شركته الإعلامية الخاصة بالتعاون مع مستشار البيت الأبيض السابق نيل باتيل، حسب وكالة رويترز.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة