سياسة

قصة "الخط الأحمر" الذي استخدم في حربين عربيتين

نشر

.

blinx

في مثل هذا اليوم منذ حوالي ٦٠ عاما، اُرسلت رسالة غير اعتيادية على هاتف غير اعتيادي. نص الرسالة هو "الثعلب البني السريع قفز على ظهر الكلب الكسول 1234567890"، قد تبدو للوهلة الأولى شفرة سرية حول عملية عسكرية وشيكة، لكنها في واقع الأمر أول رسالة أُرسلت على خط "الهاتف الأحمر" وهو وسيلة التواصل المباشرة فيما بين روسيا والولايات المتحدة، والتي دُشنت في إطار اتفاق بين الرئيس الأميركي جون كينيدي والزعيم السوفياتي نيكيتا خروتشيف في أعقاب أزمة الصواريخ الكوبية، حيث وقف العالم على أعتاب حرب نووية.

رسالة الـ ٣٠ من أغسطس عام ١٩٦٣ استهدفت بشكل رئيسي تجربة كافة الحروف الأبجدية لتدشين الهاتف الجديد، الذي لم يكن هاتفا تماما كما تستقر صورته الذهنية لدى البعض، وإنما تشكلت وسيلة الاتصال تلك من تلغراف ضخم وكابلات تمر في مياه المحيط الأطلسي، واعتاد كل من البلدين اختبارها في كل ساعة.

استخدم الخط بداية من العام ١٩٦٣. (وكالة أسوشيتد برس)

رسائل تاريخية

وعمد البنتاغون الذي كان يدير هذه الاتصالات من الجانب الأميركي إلى إرسال معلومات متفرقة للجانب الآخر، مثل نتائج مباريات رياضة البيسبول في حين كان الكرملين يفضل إرسال مقتطفات أدبية روسية، وذلك وفقا لتأكيد هاورد باتريك، اللغوي الذي ساعد في تشغيل الجهاز الأول، كما روى الصدمة التي تبعت استخدام الخط للمرة الأولى في نوفمبر ١٩٦٣ لإعلان اغتيال الرئيس كيندي.

أما أول مرة استُخدم فيها الخط لوقف نزاع محتمل كانت في العام ١٩٦٧ إبان الهزيمة العربية، وخلال تلك الفترة تبادل الرئيس الأميركي ليندون جونسون والزعيم السوفياتي أليكسي كوسيغين، ١٩ رسالة، وبشكل عام وأصبح ليندون جونسون مستخدما كبيرا للخط الأحمر المعروف في واشنطن باسم "مولينك" إذ انه كان يبعث إلى موسكو بانتظام معلومات حول مهمات "ابولو" الفضائية.

استخدم الخط مجددا العام ١٩٧٣ خلال حرب السادس من أكتوبر، وتفيد روايات أن الرئيس الأميركي آنذاك ريتشارد نيكسون لم يكن في وضع يسمح له يومها بالرد على طلبات الزعيم السوفياتي ليونيد بريجنيف، حيث أظهرت معلومات نزعت عنها صفة السرية أن نيكسون كان في حالة سكر بسبب تلاشي رئاسته جراء ووترغيت، ومن ثم قرر مستشارو نيكسون بقيادة وزير الخارجية هنري كيسنجر يومها رفع مستوى تأهب القوات الأميركية المسلحة، وفقا لوكالة فرانس برس.

استخدم الخط أيضا لإرسال التحذيرات.

الجانب المظلم

استخدم الهاتف الأحمر كذلك في تبادل الرسائل التحذيرية والتنبيهات ففي العام ١٩٧٩ أرسل جيمي كارتر إلى ليونيد بريجنيف ما وصفه الرئيس الأميركي لاحقا بأنه "أكثر الرسائل حزما" في ولايته، ندد فيها بالغزو الروسي لأفغانستان، وفي السنة التالية، حذر الرئيس الأميركي الاتحاد السوفياتي من "عواقب وخيمة" في حال اجتاح بولندا لقمع الحركة النقابية "سوليدارنوسك". ولم يتدخل الكرملين حينها في بولندا.

أما في العام ٢٠٠٨، استبدل الخط الأحمر بخدمة بريد إلكتروني يخضع لإجراءات أمنية مشددة، وفي العام ٢٠١٦، استخدم الرئيس الأميركي باراك اوباما هذه الخدمة للاحتجاج لدى نظيره الروسي فلاديمير بوتين على تدخل موسكو المفترض في الانتخابات الرئاسية الأميركية، ومنذ الغزو الروسي لأوكرانيا، قلصت واشنطن بشكل كبير روابطها الدبلوماسية مع موسكو، لكن العام الماضي أكد مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان أن الولايات المتحدة "قادرة على الكلام مباشرة على أعلى المستويات" مع روسيا.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة