يشاهد التلفزيون ويتصفح جريدته اليومية داخل زنزانته، هكذا يمضي رئيس الحكومة الباكستاني السابق عمران خان يومه. يترقب خان ما سيصدره القضاء في تهم فساد ضده عقب إيداعه سجن أتوك بالبنجاب، ويشرف على خدمته 53 موظفا، وفق تقرير مرفوع للمحكمة العليا في إسلام أباد.

وعكس باقي السجناء، يتوفر السياسي البارز البالغ من العمر 70 عاما على مكيف هواء، وكتب للمطالعة ورخصة بالزيارة ساعتين لزوجته ومحاميه مرتين في الأسبوع.

وفيما كان يتوقع إلغاء الحكم بحبسه في قضايا الفساد، جرى وضع خان في الحبس الاحتياطي الأربعاء لغاية 13 سبتمبر بتهمة أخرى تتعلق بتسريب أسرار الدولة، وفقًا لما صرح به محاميه شير آغا لموقع "بلينكس"، مضيفا أن رئيس الحكومة السابق سيظل في السجن.

وأصدر القاضي أبو الحسنات قارين، الذي وصل إلى سجن أتوك لإجراء الجلسة، القرار في قضية البرقية السرية، وهي وثيقة رسمية سرية لوح بها خان خلال تجمع سياسي قبل إقالته من منصبه العام الماضي.

وتتعلق القضية الجديدة قيد التحقيق ببرقية سرية أرسلها سفير باكستان لدى واشنطن إلى إسلام آباد أوائل العام الماضي، ويقال إن خان كشف النقاب عنها.

عُقدت جلسة الاستماع في هذه القضية في سجن منطقة أتوك بعد موافقة وزارة العدل وسط مخاوف أمنية عبرت عنها وزارة الداخلية.

ورغم أن المحكمة أمرت بالإفراج عن خان بكفالة، فإن ذلك لم يخرجه من السجن، لأن القاضي كان أمر بالفعل باحتجازه في قضية أخرى تتعلق بتسريب أسرار الدولة.

ويُحتجز خان منذ 5 أغسطس بعد إدانته في قضية فساد توشاخانا، تتعلق بشراء الهدايا التي تلقاها خان كرئيس وزراء بأسعار زهيدة وبيعها في السوق المفتوح بأرباح خيالية.

محامي خان أكد لبلينكس أن فريقه القانوني يعمل على أكثر من جبهة للطعن في القضايا المرفوعة ضده، لكي لا يتم حرمانه من المشاركة السياسية خمس سنوات وفقا للقانون. مشيرا إلى تقديم استئناف آخر للطعن ضد إجراء المحاكمة في السجن، عوض سماع القضية في محكمة مفتوحة وليس في جلسة سرية.

" لا نريد لهذه القضايا أن تمنعه من المشاركة في الانتخابات العامة التي يجب إجراؤها قبل أوائل نوفمبر القادم" يضيف آغا.

حسرة زملاء الكريكيت

يتحسر أرشاد نصير، زميل خان في فريق الكريكيت الباكستاني، لوضع كابتن الفريق الذي رفع كأس العالم عام 1992. مسترجعا ذكرياته، يقول لبلينكس:"عمران كان لاعبا فذا وذا كاريزما طاغية، كان يتمتع بهدوء الأعصاب في اللحظات الصعبة، وكنا نعول عليه دوما للفوز بالمباريات".

بالنسبة لأرشاد، لم يفكر عمران خان بالتحول لمضامير السياسة بعد اعتزاله الرياضي، فقد أخبره دوما أن عشقه للكريكيت سيجعله محللا رياضيا. لكن ذلك لم يحدث واختار تأسيس حزب سياسي أطلق عليه "حركة الإنصاف" عام 1996. "قراره كان مفاجئا لي ولزملائه السابقين، لأنه الرياضي الأول الذي يدخل غمار السياسة، وعلى غرار البقية، توقعت صراحة فشله في تلك التجربة لكنه خيب ظني بعدها بسنوات"، يتابع أرشاد.

بعد زواجه من جمايما غولد سميث، ابنة رجل الأعمال البريطاني المشهور جيمس غولد سميث، أنفقت الزوجة الأموال التي حصلت عليها من عائلتها في الأعمال الخيرية والحملات السياسية لعمران خان.

أثناء حكم برويز مشرف في عام 2004، انفصلت جمايما عن عمران خان وعادت إلى بريطانيا، ولم يكن ذلك الوقت حافلاً من الناحية السياسية أيضاً، حين قرر خان مقاطعة انتخابات عام 2008، وبقي حزبه دون أي تمثيل في البرلمان بين عامي 2008 و2013.

وبعد خمس سنوات، فاز في الانتخابات العامة التي خاضها تحت شعارات مثل "مكافحة الفساد وتوفير الوظائف والمحافظة على الكرامة الوطنية" بعد سنوات طويلة من المعارضة السياسية.

واستمر حتى صوت البرلمان الباكستاني على حجب الثقة عنه في أبريل 2022، ليصبح أول رئيس وزراء في البلاد يقال من منصبه بحجب الثقة. وعلقت محكمة باكستانية عليا، حكماً بإدانة خان بتهم فساد، لكنه سيبقى محتجزاً، لأن قاضياً أمر باستمرار احتجازه على ذمة قضية أخرى.

تم توجيه أكثر من 150 قضية قانونية ضد خان، بما في ذلك عدة قضايا بتهم الفساد والإرهاب وتحريض الناس على العنف خلال احتجاجات صاخبة في مايو الماضي.

اندلعت الاحتجاجات بعد اعتقال خان للمرة الأولى، بعد أن تم احتجاز آلاف العمال من حزب خان، وسيتم إحالة كثير منهم للمحاكمة في المحكمة العسكرية بتهم مهاجمة المنشآت العسكرية والمعالم، وهو قرار أثار استياء مجموعات حقوقية.