سياسة
.
وسط بحث إيلون ماسك عن موارد مالية جديدة لمنصة أكس (تويتر سابقا)، أعلنت الشركة رسمياً يوم الثلاثاء ٢٩ أغسطس، استئناف الإعلانات السياسية المرتبطة بالحملات الانتخابية الأميركية في قرار أثار قلق الخبراء والمراقبين.
القرار يعتبر تحولا مفصليا، بعد حظر الإدارة السابقة لموقع التواصل الاجتماعي العملاق الإعلانات السياسية الممولة في العام 2019. لكنه في الوقت نفسه، ينذر بخطر التلاعب في العمليات الانتخابية وقد يساهم في تقويض الديمقراطية الأميركية.. فماذا يحدث في الشركة العملاقة؟ وكيف يؤثر هذا القرار، الذي يبدو بسيطا، على نتائج رئيس أكبر دولة في العالم؟
منذ تولي الملياردير صاحب شركة تسلا إيلون ماسك الإدارة التنفيذية لمنصة إكس، تنامت المخاوف من أن ذلك يعني تحول الموقع لمنصة لخطاب الكراهية.
أحدث الدراسات المنشورة في شهر إبريل الماضي ربطت بشكل مباشر بين تولي ماسك إدارة الموقع وطرده لعدد كبير من الموظفين، وبين ارتفاع خطاب الكراهية في المنصة بشكل كبير.
هذه المخاوف تمت ترجمها معلنون وأصحاب شركات كبرى إلى قرارات مالية، عندما قرر نصف المعلنين على تويتر، وخاصة الشركات العملاقة مثل أبل، إيقاف الإعلانات الممولة على المنصة في ضربة شديدة القوة لموارد تويتر المالية، وهو ما أغضب الملياردير ودفعه لانتقاد تلك الشركات، واتهامها بمعارضة حرية التعبير.
في انتخابات عام 2020 الأميركية، قدّر بعض الخبراء أن الحملات الانتخابية أنفقت ما يقارب 6 مليار دولار في الإعلانات 20% منها ذهبت إلى مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وجوجل ويوتيوب.
وأنفقت الحملة الانتخابية لنائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس نحو مليون دولار على الإعلانات في موقع تويتر خلال أربعة أشهر فقط ما بين يوليو وأكتوبر 2019. ولكن تويتر لم يكن من سعداء الحظ في تلك الحملة الانتخابية لإيقافه قبول الإعلانات السياسية في نهاية ذلك العام.
هذه الانتخابات، من المتوقع أن تبلغ نفقات الحملات الانتخابية الأميركية على الإعلانات في انتخابات 2024 نحو 11 مليار دولار، سيكون لمواقع التواصل الاجتماعي نصيب منها يقدر على الأقل بملياري دولار. لذلك هي فرصة لا تضيع لماسك لتعويض الخسائر المالية المستمرة التي يسجلها موقع X.
في العام 2019، تفاجأ العالم بإعلان المدير التنفيذي لشركة تويتر جاك دورسي قراره بحظر جميع أنواع الإعلانات السياسية الممولة على موقع التواصل الاجتماعي الشهير بهدف "حماية البنية التحتية الديمقراطية" حول العالم.
دورسي قال في حينه بأنه يجب أن يعتمد وصول الرسالة السياسية على جهد أصحاب تلك الرسالة وليس أموالهم، وأن مستخدمي تويتر هم من يقررون أي من الساسة يريدون أن يتابعوا لا أن يفرض عليهم محتوى من يملكون القدرة المالية من السياسيين.
دورسي أضاف بأن الإعلانات السياسية على الإنترنت "تمثل تحديات جديدة تماماً للخطاب المدني" من حيث قدرة تلك الإعلانات على نشر معلومات مضللة غير خاضعة للرقابة والوصول بدقة لشرائح معينة من الجمهور للتأثير على وعيهم. وهو ما يعني أن من لديهم المال يستطيعون التلاعب في مخرجات العمليات الانتخابية والديمقراطية حول العالم.
كان أبرز الأمثلة على ذلك هو شركة كامبريدج أناليتيكا التي استخدمت البيانات الهائلة التي يجمعها فيسبوك عن مستخدميه في الوصول للناخبين الذين لم يقرروا موقفهم بعد أو المواطنين المترددين بشأن التصويت أو عدمه.
التأثير على تلك الشريحة من السكان بإعلانات ممولة حملت معلومات مضللة أو خارجة عن سياقها بهدف تحريضهم على التصويت بشكل معين.
ففي حالة بريكست، ساهمت الشركة في دفع المواطنين للتصويت لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وفي حالة أميركا، ساهمت الشركة في نجاح حملة دونالد ترامب الانتخابية، فيما وصفته الصحافة الغربية بـ"غسل الأدمغة".
بحسب معهد Pew البحثي، فإن نحو 54% من الأميركيين يؤيدون حظر الإعلانات السياسية على مواقع التواصل الاجتماعي بينما يعارض 77% من الجمهور جمع تلك المواقع كمية هائلة من البيانات عن مستخدميها لاستغلالها في توجيه الإعلانات السياسية بشكل مباشر لأولئك المستخدمين.
بعد قرارها استئناف الإعلانات السياسية الممولة في أميركا، حاولت X طمأنة الجمهور بالقول بأن ستعمل على "حظر الترويج للمحتوى الكاذب أو المضلل، بما في ذلك المعلومات الكاذبة أو المضللة التي تهدف لتقويض ثقة الجمهور في الانتخابات، مع السعي للحفاظ على الخطاب السياسي الحر والمفتوح".
بالإضافة لتعهد الشركة توفير مركز عالمي لشفافية الإعلانات "حتى يتمكن الجميع من مراجعة المنشورات السياسية التي يتم الترويج لها على X". وتقول الشركة بأنها ستعمل على تبني عمليات فحص قوية "لضمان أن المجموعات والحملات المؤهلة فقط هي القادرة على الإعلان"، في إشارة لحملات التأثير الخارجية.
لكن صحيفة بوليتيكو قالت في شهر أبريل الماضي بأنها عثرت على عدة منشورات سياسية ممولة على تويتر لم تقم الشركة بوضعها في قاعدة البيانات العلنية للإعلانات السياسية. بينما قالت صحيفة الغارديان بأن تسريح ماسك لآلاف الموظفين في شركة تويتر، بما في ذلك بعض العاملين في فريق قسم الأمان والثقة، ترفع تساؤلات حول قدرة الشركة على تنفيذ وعودها الأخيرة وجهوزيتها لتلقي الإعلانات السياسية المرتبطة بحملة 2024.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة