سياسة
.
نشرت مجلة "دير شبيغل" الألمانية، تحليلا وُصف بـ"غير المتوقع"، لأنه راح يمدح فرنسا ويعتبرها أفضل حالا من جارتها. وذهبت المجلة إلى حد تقديم فرنسا باعتبارها "نسخة من ألمانيا، لكن أفضل حالا"، على الرغم من أن الأداء الاقتصادي لألمانيا أفضل بـ40٪ مقارنة بفرنسا. بالتالي، العلاقة بين الجارتين مشوبة بالحذر، وليست في حالة من "الوئام التام"، لأن حالة من "التنافس المحموم" تسري بين القوتين البارزتين في أوروبا.
بحسب البيانات الاقتصادية الأحدث في العام الجاري، فإن ألمانيا تمثل رابع اقتصاد في العالم، بينما تحل فرنسا في المركز السابع. ولا يتجاوز معدل البطالة 2.9٪ مثلا في ألمانيا، في حين يصل الرقم إلى 7.4٪ بفرنسا، علما بأن البلدين يعانيان معا من جراء التداعيات الاقتصادية الناجمة عن وباء كورونا والحروب الأوكرانية الروسية. لكن الفرق بين اقتصاد الدولتين آخذٌ في التقلص. في سنتي 2023 و2024، على سبيل المثال، سيكون النمو الاقتصادي لفرنسا أعلى بواقع الضعف مقارنة بألمانيا، لأن باريس تستعيد عافيتها في مؤشرات التنافسية الدولية، في حين تتقهقر ألمانيا.
فضلت الشركات العالمية الاستثمار في فرنسا، في حين تبتعد عن ألمانيا، كما هو الحال في قطاع السيارات.
عزت المجلة هذا التفوق إلى أداء الرئيس إيمانويل ماكرون، قائلة إنه أبان عن "دينامية ملحوظة"، لأنه حرص منذ توليه المنصب في الإليزيه على اتخاذ قرارات وُصفت بالموجعة، لكنها كانت ضرورية حتى تمضي البلاد قدما وتحافظ على توازنها المالي.
وكانت المجلة تشير إلى اتخاذ قرارات في ملفات اجتماعية حساسة بالنسبة للفرنسيين مثل رفع سن التقاعد رغم الرفض الشعبي الواسع الذي قوبل به، أدى لخروج احتجاجات عارمة في الشارع.
ومنذ وصوله إلى رئاسة فرنسا، خفض ماكرون الضرائب المفروضة على الشركات، بينما كان صريحا في مطالبة الفرنسيين بأن يعملوا أكثر ويتخلوا عن امتيازات اجتماعية كثيرة كانوا قد ألفوها. وعلى مستوى العمل الأوروبي المشترك، ذكرت المجلة أن فرنسا باتت أكثر فعالية مقارنة بالألمان المترددين في تحركاتهم الديبلوماسية داخل أروقة الاتحاد الأوروبي.
من جانبها، نظرت مجلة "لوبوان" الفرنسية إلى التقرير بـ"صدمة"، لأن الانطباع السائد في فرنسا، هو أن باريس متعثرة، في حين يجري النظر إلى ألمانيا بنوع من الإكبار واعتبارها متفوقة على دول الجوار. ثم إن "لوبوان" نفسها كانت قد نشرت، مؤخرا، تحليلا حول كثرة تذمر الفرنسيين، وتحسرهم إزاء حال بلادهم، التي باتت سابع اقتصاد في العالم، ولم تعد صاحبة الريادة والقول الفصل في الكثير من الملفات الدولية الشائكة.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة