سياسة

شظايا "الحرب الاقتصادية" تضرب أبل بـ٢٠٠ مليار دولار

نشر

.

Camil Bou Rouphael

إذا لم تستطع أبل تفادي أثر "الحرب" بين الولايات المتحدة والصين، فمن يمكنه ذلك هذا السؤال ختمت به صحيفة وول ستريت جورنال تقريرها الذي أعقب خسارة شركة أبل 200 مليار دولار، وبعد انخفاض أسهم الشركة بنسبة 2.9% الخميس إثر تقارير تفيد بأنّ الصين تخطط لتوسيع الحظر على استخدام أجهزة أيفون ليشمل الوكالات والشركات المدعومة من الحكومة، وفق ما نقلت سي إن إن.

فالحرب الاقتصادية الباردة المتنامية بين أكبر اقتصادين في العالم حوّلت، الشركة الضخمة في عالم التكنولوجيا، أبل، لمجرّد لعبة أخرى، وإن كانت كبيرة، بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، وفق وصف الصحيفة.

الحرب الاقتصادية الباردة المتنامية بين أكبر اقتصادين في العالم حوّلت، الشركة المارد في عالم التكنولوجيا، أبل، لمجرّد لعبة أخرى. مصدر الصورة: أ ب

كم زبون محتمل ستخسر أبل؟

تلقت أبل ضربة هذا الأسبوع بسبب تزايد الدلائل على أن أعمالها في الصين ربما تتعرض للتهديد. وكانت صحيفة وول ستريت جورنال ذكرت، الأربعاء، أن الحكومة الصينية تحظر استخدام أجهزة أيفون وغيرها من الأجهزة ذات العلامات التجارية الأجنبية من قبل العاملين في وكالات الحكومة المركزية. وذكرت بلومبرغ الخميس أن مثل هذا الحظر ربما يمتدّ أيضا ليشمل الشركات المملوكة للدولة والكيانات الأخرى المدعومة من الحكومات، وفق وول ستريت.

وفقا للمكتب الوطني للإحصاء في الصين، تم توظيف نحو 56.3 مليون عامل في المناطق الحضرية في "الوحدات المملوكة للدولة" في عام 2021. وتتطلب هذه الوظائف متوسط أجر يزيد بنحو 8٪ عن المتوسط الحضري الوطني، وهو قطاع جذاب لشركة متخصصة في الأجهزة المتميزة. ولأنّ شركة أبل تشحن الآن ما يقرب من 230 مليون جهاز أيفون على مستوى العالم كل عام، فإن 56 مليونا سيكون جزءا كبيرا من مجموعة المشترين المحتملين، خصوصا في سوق الهواتف الذكية العالمية ذات توقعات النمو المنخفضة.

شركة أبل تشحن الآن ما يقرب من 230 مليون جهاز أيفون على مستوى العالم كل عام. مصدر الصورة: أ ب

هواوي ينافس أيفون؟

علاوة على ذلك، أطلقت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة هواوي تكنولوجيز هاتفا ذكيا جديدا يقال إنّه يوفر سرعة تشبه سرعة الجيل الخامس، رغم الحظر الأميركي على نوع الرقائق المتقدمة اللازمة عادة لمثل هذه الأجهزة. وبيع الجهاز الجديد المسمى Mate 60 Pro في غضون ساعات. وأُطلق أيضا في وقت يترقب العالم كشف شركة أبل عن أجهزة أيفون الجديدة لهذا العام، في حدث من المقرر عقده الأسبوع المقبل.

هل هي "مبالغة"؟

وانخفض سعر سهم شركة أبل بنسبة 7٪ تقريبا خلال اليومين الماضيين، مما كلف الشركة نحو 194 مليار دولار من القيمة السوقية.

لكن، حسب وول ستريت جورنال، تبدو ردّة الفعل هذه مبالغا فيها نظرا إلى العديد من الأمور التي لا تزال مجهولة حول عمليات حظر أيفون المُبلغ عنها وكيف يمكن أن يحصل ذلك. كما أن الصين لديها مصلحة في عدم إلحاق الضرر المفرط بصاحب العمل المحلي الرئيسي (أبل) خلال فترة تزايد البطالة. فيوجد في إحدى المدن الصينية وحدها أكثر من مليون عامل يعملون في بناء منتجات شركة أبل أو يعملون في وظائف ذات صلة.

لصين لديها مصلحة في عدم إلحاق الضرر المفرط بصاحب العمل المحلي الرئيسي خلال فترة تزايد البطالة. مصدر الصورة: أ ب

ما أهمية الصين لشركة أبل؟

تُعدّ التطورات الأخيرة أيضا أحدث التحديات التي واجهتها شركة أبل في الصين، الدولة التي تُعدّ الآن ثالث أكبر قطاع جغرافي لها، وهو ما يمثل 19٪ من إجمالي إيرادات الشركة في فترة الـ12 شهرا المنتهية في يونيو.

الصين لا تزال أكبر قاعدة تصنيعية للشركة على الإطلاق. ولا يزال جهاز أيفون هو أكبر أعمال شركة أبل، حيث يمثل 52% من الإيرادات. ومن المفارقات أن هذا يجعل شركة أبل هدفا سهلا نسبيا في الحرب الاقتصادية بين الولايات المتحدة والصين. وقد فرضت الولايات المتحدة قيودا صارمة على شحنات الرقائق المتقدمة والتكنولوجيا ذات الصلة إلى الصين، والتي استجابت بدورها بفرض قيودها الخاصة على الشركات الأميركية مثل شركة ميكرون لصناعة شرائح الذاكرة.

كيف تردّ الصين على العقوبات الأميركية؟

فرضت الصين عقوبات أخرى على الشركات الأميركية، مثل حجب الموافقة على عمليات الاندماج والاستحواذ الكبرى، ما أدّى إلى عرقلة خطط النمو لشركات أشباه الموصلات الأميركية الكبرى مثل كوالكوم، وإنتل، وأبلايد ماتيريالز.

وضرب شركة أبل يؤدي أيضا إلى إحداث أضرار أخرى. فحسب وول ستريت جورنال، تُعد الشركة واحدة من أكبر مشتري الرقائق لأجهزتها في العالم، لذا انخفض مؤشر PHLX لأشباه الموصلات بنسبة 2٪ يوم الخميس، بينما تراجعت شركات مثل Qorvo وSkyworks، التي تزود رقائق الترددات الراديوية الرئيسية المستخدمة في أيفون، بأكثر من 7٪ لكل منها. وشهدت شركات مثل HP وDell الأميركية المصنعة لأجهزة الكمبيوتر، والتي لديها أيضا مرافق تصنيع كبرى في الصين، انخفاضا في أسهمها بأكثر من 2%.

فرضت الصين عقوبات أخرى على الشركات الأميركية. مصدر الصورة: أ ب

المستثمرون قلقون

يشعر المستثمرون بالقلق إزاء قدرة أبل على القيام بأعمال تجارية في ثاني أكبر اقتصاد في العالم. فتعد الصين أكبر سوق خارجي لمنتجات الشركة، ومثلت المبيعات الصينية نحو ٥ إجمالي إيرادات الشركة العام الماضي.

لا تكشف شركة أبل عن مبيعات أيفون حسب البلد، لكن المحللين في شركة الأبحاث TechInsights يقدرون أن مبيعات أيفون في الصين كانت أكبر من مبيعات الولايات المتحدة في الربع الأخير. وتنتج شركة أبل أيضا غالبية أجهزة أيفون الخاصة بها في المصانع الصينية، وف سي إن إن.

خضة تصل وول ستريت

تراجع المؤشران ستاندرد أند بورز 500 وناسداك، الخميس، متأثرين بتراجع أسهم شركة أبل وضعف أسهم الرقائق بسبب المخاوف إزاء القيود على استخدام هواتف آيفون بالصين، في حين أدّى انخفاض طلبات إعانة البطالة الأسبوعية إلى تأجيج المخاوف حيال أسعار الفائدة والتضخم المستمر، وفق رويترز.

وتراجعت أسهم أبل لليوم الثاني على التوالي وسط أنباء عن توسيع الصين القيود على استخدام موظفي الدولة لهواتف آيفون، بما يلزم الموظفين في بعض وكالات الحكومة المركزية بالتوقف عن استخدام تلك الهواتف في العمل. وأظهر تقرير لوزارة العمل الأميركية انخفاض الطلبات المقدمة للمرّة الأولى للحصول على إعانات البطالة الحكومية إلى 216 ألفا في الأسبوع المنتهي في الثاني من سبتمبر، ليصل لأدنى مستوى منذ الثاني من فبراير.

ويشعر المستثمرون بالقلق من أن يشجع هذا مجلس الاحتياطي الاتحادي، البنك المركزي الأميركي، على مواصلة السياسة النقدية المتشددة، مما يضغط على الأسهم. ووفقا لبيانات، تراجع المؤشر ستاندرد أند بورز 500 بواقع 13.94 نقطة، أو 0.31٪، ليغلق عند ٤ آلاف و451.54 نقطة. ونزل المؤشر ناسداك المجمع 123.64 نقطة، أو 0.89٪، إلى 13 ألفا و748.83 نقطة. أما المؤشر داو جونز الصناعي فقد ارتفع 60.44 نقطة، أو 0.18٪، إلى 34 ألفا و503.63 نقطة، حسب ما نقلت رويترز.

حمل التطبيق

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة

© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة