سياسة
.
في الوقت الذي تستضيف فيه نيودلهي قمة مجموعة العشرين، ترزح الجارة النووية باكستان تحت وطأة مشاكل اقتصادية خانقة، ووضع سياسي غير واضح المعالم.
ويوضح الصحفي عباس سعيد لموقع "بلينكس"، أن باكستان لم تكن ضمن الاقتصادات الكبرى والناشئة عام 1999، تاريخ تأسيس مجموعة العشرين أو ما يعرف بـ G20.
وتتفق تيارات سياسية في باكستان حول أن الهند قد تحاول استخدام قمة نيودلهي للتقليل من اتهامات انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في كشمير المتنازع عليها مع إسلام أباد.
فقد دارت ثلاث حروب بين الهند وباكستان منذ استقلالهما عام 1947. وتعيشان حتى الآن توتراً، وهما تتقاتلان على سيادة كشمير المقسمة إلى قسمين، في حرب باردة بين الجارتين العدوتين.
وتتبنى الهند بشكل دائم رؤية لعالم متعدد الأقطاب كما تشير أبارنا باندي، الخبيرة في معهد هادسون. إضافة إلى سعي الهند أن تكون جسراً بين الاقتصادات الكبرى ودول الجنوب.
تأسست مجموعة العشرين عام 1999 بعد الأزمة المالية الآسيوية كمنتدى لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لمناقشة القضايا الاقتصادية والمالية العالمية.
وتضم قادة من جميع القارات ويمثلون دولاً متقدمة ونامية.
يضم المنتدى 19 دولة (الأرجنتين، أستراليا، البرازيل، كندا، الصين، فرنسا، ألمانيا، الهند، إندونيسيا، إيطاليا، اليابان، جمهورية كوريا، المكسيك، روسيا، المملكة العربية السعودية، جنوب إفريقيا، تركيا، بريطانيا، الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي.
يمثل أعضاء G20 حوالي 85٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75٪ من التجارة العالمية، وحوالي ثلثي سكان العالم.
وحول سبب عدم ضم باكستان للمجموعة، أوضح الصحفي الباكستاني عباس سعيد لموقع "بلينكس": "لم يتم اختيار باكستان في هذه المجموعة لأنها لم تكن من أعلى 20 اقتصاداً في العالم عام 1999، وهو وضع مستمر حالياً".
وأضاف "الجزء المهم حول هذه المنظمة هو أنه لم يتم إنشاؤها لإضافة أعضاء جدد".
مسؤولون باكستانيون قلقون بشأن قمة مجموعة العشرين، التي تستضيفها الهند في نيودلهي بين 9 و 10 سبتمبر.
هذا القلق، ووفق المتخصص في الشؤون الأمنية علي أمجدي، يستند إلى أن الهند قد تستغل هذا الحدث المتعدد الأطراف، لتقليل أهمية النزاع بين الهند وباكستان بشأن كشمير، ومحاولة تشريع سيطرتها على هذا الإقليم المتنازع عليه.
ويتابع في حديثه لموقع "بلينكس": "صانعو القرار في باكستان يخشون أنه بدلاً من استغلال هذه المنصة لمعالجة التحديات العالمية الملحّة، فقد تستغل الهند ذلك كفرصة لاتهام باكستان وتصعيد التوترات قبل الانتخابات العامة المقبلة".
تيارات سياسية في باكستان تتفق أن الهند قد تحاول استخدام قمة نيودلهي للتقليل من اتهامات انتهاكات حقوق الإنسان المزعومة في كشمير.
كما أن باكستان قلقة أيضاً، من أن الهند- كونها المستضيفة للقمة - قد تستغل دورها للدعوة إلى استصدار بيان صحفي مشترك يستهدف باكستان، بحسب أمجدي.
وسط هذه التطورات، تراقب إسلام أباد استعدادات القوات الجوية الهندية لتنفيذ تدريبات عسكرية هذا الأسبوع بالقرب من الحدود الباكستانية والصينية. ومن المقرر أن تستمر التدريبات حتى 14 سبتمبر.
ومنذ استقلالهما عام 1947، تعيش الدولتان توتراً شبه دائم، خصوصاً على خلفية النزاع على إقليم كشمير.
ووقّع الطرفان عام 2003 اتفاقاً لوقف إطلاق نار لا يزال سارياً، غير أنهما يتبادلان الاتهامات بخرقه.
االنزاع الأخير اندلع في 2019، عندما شنت الهند ضربات جوية داخل باكستان رداً على تفجير انتحاري نفسه في كشمير أدى إلى مقتل 40 جندياً هندياً.
تأتي القمة في السنة التي أصبحت فيها الهند أكبر دولة في العالم متجاوزة الصين بعدد السكان، وكذلك كخامس أكبر اقتصاد في العالم متجاوزة بريطانيا التي استعمرتها لقرون.
أما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، فقد استقبل بحفاوة كبيرة في عواصم القرار، مثل واشنطن وباريس وأماكن أخرى.
معدّل التضخم في باكستان سجّل 27.4% على أساس سنوي في أغسطس الماضي، وفقاً للبيانات الحكومية، بسبب انهيار الروبية وإخفاق الحكومة في كبح ارتفاع الأسعار المنسوب إلى خطة إنقاذ صندوق النقد الدولي.
وكانت إسلام أباد على وشك التخلف عن السداد هذا الصيف، قبل أن تتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي على خطة إنقاذ، لكنّ الصندوق أجبر الحكومة على وقف مجموعة من المساعدات من شأنها تخفيف تكاليف المعيشة.
وتوصل صندوق النقد الدولي قبل شهرين إلى اتفاق مبدئي مع باكستان للحصول على قرض بقيمة 3 مليارات دولار.
ويساعد الاتفاق باكستان، التي تتأرجح على شفا التخلف عن السداد، في تخفيف مؤقت لديونها الخارجية البالغة 205 مليارات دولار.
في إطار سعيها لأن تصبح لاعباً دولياً من الصف الأول، دأبت الهند على تبني وبشكل دائم ٍ، رؤية لعالم متعدد الأقطاب، كما تشير أبارنا باندي، الخبيرة في معهد هادسون.
وقالت إن "علاقات الهند القوية مع الجنوب العالمي (دول عدم الانحياز سابقاً) تجعلها جسراُ مثاليا للولايات المتحدة وحلفائها".
أما تانفي مادان، من معهد بروكينغز، قال لوكالة الصحافة الفرنسية "بطريقة ما، أراد رئيس الوزراء مودي أن يجعل (مجموعة العشرين) مناسبة كبرى، يحتفل فيها بحلول الهند على الساحة الدولية، كقوة كبرى ذات صوت مستقل وهو مقتنع بأن وقته قد حان".
وتقول أليسا أيريس الباحثة في جامعة جورج واشنطن، من جانبها، إنه ليس من المفاجئ أن تصبح الهند التي كانت على رأس حركة دول عدم الانحياز خلال الحرب الباردة، "مستقلة جدا".
وأضافت أن الهند لا ترى أي تناقض في "اللعب على كل الجبهات" مؤكدة على سبيل المثال أن نيودلهي تسعى إلى جعل رئاستها لمجموعة العشرين "جسراً بين الاقتصادات العالمية الكبرى واقتصادات الجنوب".
وشدّد جايك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي جو بايدن، هذا الأسبوع على أن الولايات المتحدة تعتزم إثبات أن مجموعة العشرين، المنقسمة جداً، يمكن أن تكون فعّالة في وقت تتصاعد فيه قوة تحالف آخر للاقتصادات الناشئة، وهي مجموعة بريكس.
© 2024 blinx. جميع الحقوق محفوظة