"البقاء في خيمة أفضل".. شهادات أرمن فروا من كاراباخ

خلال دقائق معدودة حملت أوفيليا هايرابتيان مجوهراتها واستعدت للانتقال إلى الحدود مع أرمينيا، بمجرد أن أبلغها ابنها أن الحدود قد فُتحت، تؤكد المرأة أنها لم تشعر بالتردد قط في اتخاذ قرارها، إذ تصف الأمر فتقول: "نساء وأطفال وكبار في السن، الجميع غادروا في أول مركبة وجدوها".

بالنسبة لهايرابتيان البقاء في منطقة تسيطر عليها أذربيجان مسألة محسومة فتقول: "إنهم قساة القلب".

الوضع الآن آمن كما يبدو، لكن الخوف من المستقبل، عالق في أذهان اللاجئين، فعلى مقربة يجلس سبارتاك هاروتونيان، يلاعب حفيده البالغ عشرة أشهر، لكن اللحظة العائلية لا تشغل ذهنه عن سؤال الغد فيقول: "الأتراك يقولون إن بإمكاننا البقاء لكنهم دائما يكذبون. كيف يمكننا العيش معهم؟".

أما مارين بوغوسيان وهي امرأة خمسينية فتؤكد أنها لن تعود إلى كاراباخ في أي ظرف وتضيف: "أفضل العيش هنا في خيمة على العودة إلى هناك".

بحلول مساء السبت الماضي كانت كاراباخ شبه خالية من سكانها، وبحسب تعداد للسلطات الأرمينية، دخل 100,417 شخصا إلى أرمينيا منذ 24 سبتمبر، ولكن بحسب إحصاءات رسمية كان هناك 120,000 أرميني يعيشون في كاراباخ قبل الهجوم الأذربيجاني.

يقر غالبية اللاجئين بإنهم لم يصادفوا أي جندي أذربيجاني قبل الفرار، وبحسب شهادات جمعتها وكالة فراس برس، فإن جيش باكو بشكل عام لم يدخل بلدات وقرى، إنما بقي في مرتفعات وطرق استراتيجية.

بالرغم من ذلك حدثت موجات نزوح جماعي، أحيانا بشكل عفوي وأحيانا أخرى بتحريض من السلطات المحلية.

إلا أن القصص المتداولة بين اللاجئين في طريقهم للأمن مختلفة تماما عن تلك الوقائع الثابتة، فهناك شائعات عن تعرض شابات للاغتصاب، وقطع رؤوس أطفال، كل عائلة في ناغورنو كاراباخ سمعت إشاعات مماثلة يستحيل التأكد منها ودائما ما ترد من مصدر آخر.

فتقول هايرابتيان على سبيل المثال إن امرأة من القرية لم تغادر، فنحروا عنقها، بينما تقص ألينا ألافيرديان وهي امرأة ستينية إشاعة عن اغتصاب كنّة أحد معارفها.

وتضيف أثناء حديثها: "هذه أمور تبقى في الذاكرة".

تبلغ مساحة كاراباخ أقل من 3200 كيلومتر مربع، وشهدت أربعة صراعات في التاريخ الحديث.

• الأول بين أرمينيا وأذربيجان، استمر من 1988 إلى 1994، وأسفر عن مقتل 30 ألف شخص ونزوح مئات الآلاف من الأذربيجانيين والأرمن.

• الثاني تجلى في أعمال عنف وحروب في 2016.

• الثالث في 2020 عندما قضى 6500 شخص خلال ستة أسابيع ومنيت أرمينيا بهزيمة ساحقة.

الصراع الرابع هو الحرب التي دارت في ٢٠٢٣.

تحدث كل لاجئ عن فقدان أخ أو ابن أو زوج، على الأقل في المعارك.

بدأت صور جرائم حرب وفظائع مزعومة، يلقي كل طرف باللوم فيها على الآخر، تنتشر على الإنترنت.

وقال زوج أوفيليا هايرابتيان رافضا إعطاء اسمه: "في هذه المنطقة، القوقاز، لن يكون هناك سلام أبدا..ستندلع دائما حروب، أحينا علنية وأحيانا سرية".