متعاطف مع موسكو ويهدد "حلف أوكرانيا".. من هو فيكو السلوفاكي؟

يتوقع محللون بأن تحدث حكومة برئاسة فيكو تغيّرا جذريا في سياسة سلوفاكيا الخارجية لتصبح أشبه بالمجر في عهد رئيس وزرائها فيكتور أوربان.

أدلى فيكو بصوته في قرية شمال شرق براتيسلافا برفقة والدته. وقال في شريط مصوّر إنه يرغب في أن تخلو سلوفاكيا "من الهواة والمخطئين المفتقدين للخبرة الذين يدخلوننا في مغامرات مثل الهجرة والحرب".

المحلل المستقل غريغوريي ميسيزنيكوف، قال لفرانس برس "علينا الإنصات بتمعّن لما يقوله فيكو علنا".

وأضاف: "إنه ينشر روايات مؤيّدة لروسيا.. وهذا أمر خطير. لن يكون من السهل تنفيذ التهديد، لكنه.. سيحاول، وسنكون أقرب إلى المجر حينذاك".

يُنظر إلى المجر على أنها دولة مسببة للمتاعب في الاتحاد الأوروبي إذ تواجه انتقاد متكررة في قضايا مرتبطة بسيادة القانون وعرقلة جهود الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي لمساعدة أوكرانيا.

التركيز الأكبر في انتخابات سلوفاكيا، السبت، كان على رئيس الوزراء السابق "الشعبوي" الذي أُجبر على ترك منصبه قبل ٥ سنوات وسط غضب شعبي بسبب مقتل صحفي، لكنه الآن جاهز لقيادة البلاد مرة أخرى، وفق وصف واشنطن بوست.

أدّى دور فيكو إلى تركيز دولي كبير على التصويت في بلد يبلغ عدد سكانه 5.5 ملايين نسمة فقط.

ولد فيكو في ما كان يعرف آنذاك بتشيكوسلوفاكيا، وكان عضوا سابقا في الحزب الشيوعي، وهو معروف بطموحه وتصميمه.

بعد أن شعر بالاستياء من تجاهله لمنصب وزاري عام 1998، تشكل حزبه الخاص وقضى فيكو على حزبه القديم في غضون ٥ سنوات.

المحلل السياسي، ميلان نيك، اعتبر، حسب ما نقلت واشنطن بوست، أن فيكو استغل جذوره في الريف السلوفاكي لبناء قاعدة دعم مخلصة، وأقنع المحرومين اجتماعيا بأنه خلاصهم وبطلهم.

وأضاف نيك أنه في الوقت نفسه، كان فيكو يبني كادرا من الدعم من القلّة الحاكمة الجديدة في البلاد.

خلال السنوات الأخيرة، أصبح خطاب فيكو مليئا بنظريات المؤامرة والمعلومات الموالية لروسيا، وفق واشنطن بوست.

وكشفت دراسة لمركز أبحاث "غلوبسيك" العام الماضي أن غالبية السلوفاكيين يصدّقون نظريات المؤامرة الشائعة، حسب فرانس برس.

ورغم أن العديد من السلوفاكيين اختبروا الحياة في ظلّ نظام شيوعي تديره موسكو، إلا أن كثرا، وفق فرانس برس، صوتوا للشعبويين الذي يشاركون الكرملين وجهات نظره.

استقلت سلوفاكيا عام 1993 بعدما انفصلت سلميا عن الجمهورية التشيكية في أعقاب انتهاء أربعة عقود من حكم الحزب الشيوعي الاستبدادي لتشيكوسلوفاكيا عام 1989.

قالت دانييلا فونغرايوفا التي أدلت بصوتها في براتيسلافا إنها تريد التغيير لأن "الثقافة السياسية والسلوكيات تراجعت إلى مستوى متدن جدا". وأضافت لفرانس برس "أعتقد أيضا أن أطفالنا يستحقون مستقبلا كريما".

من جهته، أدلى سيميتشكا بصوته في إحدى مدارس العاصمة، متوقعا أن تكون النتائج متقاربة. ودعا الناخبين الى الإدلاء بأصواتهم لأن "كل صوت سيكون له تأثير"، وآملا في أن "تستمر الحكومة المقبلة في دعم أوكرانيا".

يتولى الفائز تشكيل الحكومة الجديدة لتحلّ بدلا من ائتلاف يمين الوسط الذي أمسك بالسلطة منذ عام 2020 عبر ٣ حكومات مختلفة.

وخلال الحملة الانتخابية التي تخللتها مشاحنات بين المرشحين، وجّه فيكو انتقادات لاذعة الى الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ورفض أيّ مساعدة عسكرية إضافية لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي.

وقال المحلل السياسي غريغوري ميسينزيكوف لوكالة فرانس برس إن "هذه الانتخابات ستكون فاصلة لناحية التوجه المستقبلي لبلادنا في مجال السياسة الخارجية، الدفاع والأمن، لكن أيضا (...) من أجل مستقبل الديمقراطية".

كان فيكو قوة مهيمنة في عالم السياسة السلوفاكية الفاسد الذي ساد بعد الشيوعية، وخدم فيكو ٣ فترات سابقة بصفته رئيسا للوزراء، وفق واشنطن بوست.

سقوطه فيكو الدراماتيكي في عام 2018، جاء وسط الغضب الشعبي الذي أعقب مقتل الصحفي يان كوتشياك وخطيبته مارتينا كوسنيروفا، كلاهما يبلغان من العمر 27 عاما، عندما العثور عليهما مقتولين بالرصاص في منزلهما، وجاءت عملية القتل في أعقاب تحقيق يجريه كوتشياك في العلاقات بين شركاء فيكو والمافيا الإيطالية.

وفي أعقاب أعمال القتل، خرج السلوفاكيون إلى الشوارع للمطالبة باستقالة فيكو، بأعداد لم تشهدها منذ الثورة المخملية عام 1989 التي أسقطت الشيوعية.

قامت الحكومات المتعاقبة بالتحقيق في المحسوبية والفساد في عهد فيكو، وتم سجن كبار المسؤولين. واتهم فيكو نفسه العام الماضي بإساءة استخدام السلطة وتشكيل منظمة إجرامية، لكن البرلمان السلوفاكي صوت ضدّ رفع الحصانة عنه.

استغل فيكو موجة عززت الشعبويين في جميع أنحاء أوروبا، من ألمانيا والنمسا إلى فنلندا، حيث تستفيد الأحزاب من تزايد الشكوك حول الحرب في أوكرانيا وأزمة تكلفة المعيشة.

واستفاد فيكو أيضا من انعدام الثقة العميق والاستياء من الحكومة السابقة، التي عانى ائتلافها من الاقتتال الداخلي. وفي سلوفاكيا، تبلغ ثقة الجمهور في الحكومة 18٪ فقط، حسب ما نقلت واشنطن بوست.

تعهد فيكو بوقف شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، ووصف العقوبات المفروضة على موسكو بأنها "لا معنى لها"، وقال إنه سينظر مرة أخرى في الترتيبات الأمنية التي تسمح للولايات المتحدة بتشغيل قواعد عسكرية في سلوفاكيا.

وقال في إحدى فعاليات حملته الانتخابية في أغسطس: "ما يحدث اليوم هو مذبحة عديمة الفائدة. إنهم يقومون بإفراغ المستودعات العسكرية لإجبار الدول على شراء المزيد من الأسلحة الأميركية".

ومن شأن موقف فيكو بخصوص أوكرانيا أن يمثل تحولا كبيرا بالنسبة لسلوفاكيا، التي كانت حليفا رئيسيا لكييف، من بين أوائل الدول التي تعهدت بالطائرات المقاتلة والدبابات، وفق واشنطن بوست.