دبلوماسية الباندا.. هدية تتحول إلى وسيلة تعبير عن الغضب

في واشنطن العاصمة، تعيش ثلاثة من دببة الباندا العملاقة، "مي شيانغ" و"تيان تيان" وشبلهما "شياو تشي جي".

ولكن بحلول ديسمبر المقبل، تنتهي فترة إعارتهم للولايات المتحدة دون أن تظهر بادرة لتجديد فترة إقامة الحيوانات لدى الولايات المتحدة، حتى أن حديقة الحيوانات بدأت إجراءات توديع الحيوانات الظريفة من خلال أسبوع احتفالي عُرف باسم Panda Palooza: A Giant Farewell.

ذلك الانتقال المرتقب يعني أن حيوان الباندا الوحيد في الولايات المتحدة سيكون ذلك المقيم في حديقة حيوان أتلانتا التي تنتهي فترة إقامتها أيضا العام المقبل، قبل العودة للصين.

على مدار الأعوام الماضية استعادت الصين أغلب حيوانات الباندا من حدائق الحيوانات في سان دييغو وممفيس، حسب وكالة أسوشيتد برس.

يُعرف تقليد إرسال حكومة الصين حيوانات الباندا لحكومات البلدان باسم "دبلوماسية الباندا"، فيعتقد أن تلك الحيوانات الظريفة استُخدمت كهدايا دبلوماسية منذ القرن السابع الميلادي، حسب موقع هيستوري.

وإبان الحرب العالمية الثانية، أرسلت الصين "باندا هدية" للولايات المتحدة كوسيلة شكر عشية دخولها الحرب بشكل رسمي، واستخدمت الصين اللغة ذاتها في التواصل مع حلفائها في الخمسينيات، أي الاتحاد السوفيتي وكوريا الشمالية.

لاحقا أصبح ذلك النمط غير المعتاد من الدبلوماسية جزءا من العلاقات الأميركية الصينية في السبعينيات، بالتحديد في أعقاب زيارة الرئيس الرئيس ريتشارد نيكسون للصين في العام ١٩٧٢، الذي أُهدي أثنين من تلك الحيوانات في أعقاب الزيارة، لاحقا انتقل الطقس إلى بلدان أخرى، كالمملكة المتحدة التي طلبت استعارة حيوانات الباندا بدورها.

لاحقا، أصبح هناك قواعد لعملية استعارة دببة الباندا العملاقة من الصين، فالباندا الآن تترك ديارها لفترة مؤقتة، بالتحديد ١٠ سنوات قابلة للتجديد، بمقابل مادي يتراوح ما بين مليون ومليوني دولار أميركي، أما صغار الباندا التي تولد في أراض غريبة، فإنها تؤول للصين بشكل مباشر، بينما يمكن تنظيم بقاؤها في الدول المُضيفة بمقابل مادي حتى تبلغ سن التزاوج.

الآن، تقرض الصين حوالي ٦٥ باندا لـ١٩ دولة حول العالم.

إلا أن رياح التغيير تهب على العلاقات الصينية الأميركية وبعض الدول الأوروبية، وهو ما يربطه متخصصون بعودة أعداد من حيوانات الباندا إلى موطنها وعدم تجديد فترة إقامتها. فعلى سبيل المثال استعادت الصين حيواناتها من أستراليا وإسكتلندا.

يصف دينيس وايلدر، الزميل في مبادرة جامعة جورج تاون للحوار بين الولايات المتحدة والصين حول القضايا العالمية، هذا التغيير بأنه "دبلوماسية الباندا العقابية"، حسب وكالة أسوشيتد برس.

يبدو أنها تشكل ما هو أكثر من حيوان ظريف يمكننا زيارته في الحديقة، فالباندا وصلت إلى مجلس الشيوخ الأميركي.

جاء ذلك في حديث للسيناتور الديمقراطي، جون فيترمان، الذي أبدى امتعاضه من مسألة رحيل الباندا وربطها بشراء الصين لأراضي زراعية في الولايات المتحدة فقال: "يأخذون الباندا. أتعرفون، يجب أن نستعيد كل أراضيهم الزراعية (التي اشتراها مستثمرون صينيون في الولايات المتحدة)".

الصينيون كذلك يهتمون بحيوانات الباندا، لاسيما تلك المقيمة على سبيل الإعارة خارج بلادهم، فخلال فبراير الماضي، انزعج المزاج الصيني من وفاة الباندا "لي لي" في حديقة حيوان ممفيس الأميركية في عمر ٢٤ عام فقط.

بالرغم من إثبات أن الباندا توفيت لأسباب طبيعية، لم تنخفض حدة غضب الصينيين على مواقع التواصل الاجتماعي، خاصة مع انتشار لقطات للباندا "يا يا" رفيقة "لي لي" والتي ظهرت في حالة صحية سيئة.

حاول الصينيون جمع توقيعات لإعادة "يا يا" إلى موطنها، لكن الباندا العملاقة عادت في الموعد المحدد بعد انتهاء فترة إعارتها.

سجل العام ٢٠١٤ وجود ١٨٦٤ باندا تعيش في البرية، بعد سنوات من جهود الحفظ، ففي ثمانينيات القرن الماضي قدرت أعداد الباندا في الصين بحوالي ١١١٤ باندا فقط، وفقا لموقع منظمة World Wide Fund For Nature.

ومن ثم رُفعت الباندا من القائمة الحمراء للاتحاد الدولي لحفظ الطبيعة المخصصة للأنواع المهددة بالانقراض.