قبل أن ننتقل إلى المراهقين الذين يحاكمون بتهمة "التآمر لارتكاب أعمال عنف خطيرة"، علينا العودة إلى واقعة العنف ذاتها، أو الأسابيع القلائل التي تسبقها، بالتحديد في صف دراسي للتربية الأخلاقية والمدنية.

يقدم الصف لمجموعة من الطلاب المعلم الأربعيني صامويل باتي، ويناقش بالتحديد مسألة حرية الرأي والتعبير وخلال النقاش عرض المُعلم بعض من رسوم مجلة تشارلي إبدو الجدلية للنبي محمد، وفقا لصحيفة الغارديان البريطانية تبدأ الرواية في الاختلاف قليلا عند هذه النقطة.

تقول شهادة إحدى الطالبات إن المعلم طلب من التلاميذ المسلمين أن يغادروا قاعة الدرس، أصر المُعلم لاحقا أنه لم يفعل، بل أنه قال أن هؤلاء الذين قد يشعروا بالضيق من تلك الصور يمكنهم ألا يطالعوها.

انتهى الصف الدراسي لكن أزمة بدأت للتو، إذ بدأ بعض أهالي الطلاب التعبير عن غضبهم الشديد من عرض صور الكاريكاتير المثيرة للجدل داخل الصف الدراسي، حتى أن بعض الأهالي طالبوا باستقالة المعلم، آخرين توجهوا إلى السلطات الرسمية للتقدم بالشكوى بدعوى أن المعلم عرض صورا غير لائقة.

على مواقع التواصل الاجتماعي انتشرت قصة المعلم الفرنسي، حتى وصلت إلى عبد الله أنزوروف، اللاجئ الروسي من أصول الشيشانية، الذي تربص بالمعلم، وقتله في منتصف أكتوبر وقطع رأسه، فيما اعتبره الشاب المتطرف "انتقام للنبي".

تمكنت السلطات من قتل المهاجم، إلا أن القضية التي أثارت الذعر ظلت قائمة في ساحة القضاء.

الرابط ما بين المراهقين الذين ينتظرون حكما قضائي خلال أسابيع والجريمة هو شخص المهاجم ذاته، عبد الله أنزوروف، إذ تعتقد السلطات أنه لجأ لخمسة من المراهقين المتهمين كي يساعدوه في التعرف على هوية المدرس الذي قرر تتبعه.

إبان وقوع الجريمة، أعلن المدعي العام الفرنسي لمكافحة الإرهاب جان فرانسوا ريكار، أن بعض الطلبة وصفوا المعلم للقاتل، بل وانتظروا معه لمدة ساعتين حتى ظهر المعلم كي يراه خارج المدرسة، وفقا لهيئة الإذاعة البريطانية.

تلك الخدمة لم تكن مجانية بل مقابل حوالي ٣٥٥ دولار أميركي آنذاك.

وفقا للمدعي العام آنذاك، أخبر القاتل المراهقين أنه ينوي ضرب وإهانة المعلم فقط، ودفعه على الاعتذار عن مسألة الرسوم الكاريكاتورية.

هل تذكر التباين في الروايات ما بين الطلبة والمُعلم المقصود بشأن ما حدث في الصف الدراسي؟ مصدر الرواية التي يطلب خلالها المعلم من التلاميذ المسلمين مغادرة الصف طالبة محددة، قاد أبيها لاحقا حملة ضد المعلم على وسائل التواصل الاجتماعي.

حين وقوع الجريمة بلغت الفتاة ١٣ عاما فقط، إلا أنها تحاكم مع المراهقين الآخرين أمام محكمة الأطفال ولكن بتهمة "التشهير" إذ اعترفت المراهقة أنها كذبت بشأن ما أذاعت من أخبار عما وقع في الصف الدارسي.

في واقع الأمر، لم تكن الفتاة في الصف من الأساس وقت عرض الصور المقصودة، إلا أن أقوالها حينها شكلت وقودا للحملة الإلكترونية ضد المعلم وفقا لوكالة فرانس برس.

والد الفتاة أيضا، ويدعى إبراهيم شنينة يُحاكم في القضية ذاتها، ولكن أمام محكمة الجنايات، برفقة الناشط الإسلامي عبد الحكيم الصفراوي.