"أزور تركيا في موسم الصيف، غالباً ما أقضي معظم إجازتي في مدينة أنطاليا التركية، تعرضت لموقف عنصري في آخر زيارة لي هذا العام، كان هناك مجموعة شبان أتراك بدأوا يشتموننا أنا وصديقي دون أي سبب، أعتقد أنهم لاحظوا أننا غرباء أو اعتقدوا أننا سوريين دون التأكد من هويتنا".

ويضيف "القصة بدأت عندما كنا في منطقة سياحية في أنطاليا نشتري بعض الملابس، كانت القطع تباع بأسعار خيالية فرفضنا شراءها".

أول ردة فعل كانت عندما "بدأ البائع ومجموعة شبان بشتمنا والتلفظ بكلمات مسيئة على العرب وعلى السوريين بشكل خاص، حتى عندما أخبرناهم أننا لسنا سوريين استمروا في ذلك"، هذا ما قاله مظهر العلي سائح أردني في تركيا لمنصة بلينكس.

العلي حالة كعشرات الحالات التي تعرضت للعنصرية في معظم الولايات التركية.

صيف هذا العام شهد الكثير من الفيديوهات التي تم تداولها عبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تظهر حملات عنصرية واعتداءات لفظية وبعضها جسدية على السيّاح العرب في تركيا، مما دفع الكثيرين إلى أطلاق حملات تدعو لمقاطعة السياحة في تركيا.

الفنان الكويتي، عبد الله الطليحي، طالب عبر حسابه الرسمي على منصة أكس، الخليجيين على وجه الخصوص والعرب، بعدم السفر إلى تركيا بسبب "العنصرية المتزايدة" و"حوادث الاحتيال والنصب" التي يتعرض لها السائحون العرب هناك، داعياً إياهم إلى زيارة دول عربية بدلاً من تركيا، على حد وصفه.

ومن حوادث العنصرية التي تم تداولها، فيديو يوثق اعتداء عمال أتراك في مطعم تركي على سياح خليجيين، بسبب خلاف على قيمة الفاتورة، ومن قبلها تداول رواد التواصل الاجتماعي فيديو يظهر سيدة خليجية تصرخ بأعلى صوتها في أحد المحال التجارية في تركيا قائلة "أغلقوا السياحة وتحدثوا إلى أردوغان وليس لنا".

وقالت في المقطع المصوّر "لا تستقبلوا السياح ما دام غير مرغوب بهم"، أما الفيديو الذي ظهر فيه أتراك يضربون رجلاٍ يمني الجنسية، حاول الدفاع عن شقيقه، فقد حاز على تعاطف وسخط من رواد السوشيال ميديا.

ويعد السوق العربي من أهم الأسواق السياحية التي تساهم في النمو الاقتصادي للبلاد.

وبحسب المسؤول في وكالة غرب البحر الأبيض للتنمية، عثمان أرول ساري دره، فإن "السياح العرب ينفقون مبالغ تصل إلى ٤ آلاف دولار لكل سائح خلال زيارتهم إلى تركيا"، بينما "ينفق السياح الروس حوالي ٨٠٠ دولار فقط" خلال رحلاتهم السياحية.

يصر البعض في تركيا أن هذه الحوادث، فردية ولا ترقى أن تكون ظاهرة، في المقابل يرى جزء أخر أن ما يتم تداوله أمر يثبت أن العنصرية باتت ظاهرة مستفحلة في المجتمع التركي.

الصحفي والكاتب التركي، هشام جوناي، في حديثه لـ بلينكس قال: "إن العنصرية في تركيا باتت ظاهرة وليست حالات فريدة، ومنتشرة بشكل خطير في كافة المدن التركية".

أضاف جوناي أن الأسباب "مرتبطة بعوامل عدة أبرزها الأزمة الاقتصادية التي يعيشها الأتراك، الأزمة السياسية والبطالة وتردي مستوى الحياة".

وقال إنه علاوة على ذلك فإن "تذبذب السوق العقارية من بيع وشراء وإيجار، فالأتراك يعتبرون اللاجئين والعرب سبباً في هذه الأزمة، ما ينعكس على تكوّن مشاعر الكراهية التي تظهر على شكل اعتداءات منفردة بأماكن مختلفة".

وقال جوناي "ظاهرة العنصرية في تركيا ظاهرة قديمة، حديثاً شعر بها العرب، فمثلا الأتراك كانوا يمارسون العنصرية على مكونات أساسية في المجتمع التركي، مثل الأقليات، كالأرمن والكرد والروم الذين تم ترحيلهم لليونان، إذ شهدوا محاولات لطمس هويتهم العرقية وإجبارهم على المغادرة، وهذا ما يفعلونه الآن مع المكونات الموجودة في تركيا".

مع ذلك، وجه عدد من الصحفيين البارزين في تركيا نداء إلى العالم الإسلامي ضمن حملة جديدة لمكافحة العنصرية المتصاعدة ضد العرب، وأطلق الصحفيون الأتراك حملة ضد أحداث العنصرية المتزايدة ضد اللاجئين والسائحين العرب.

في الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي شهدتها تركيا في مايو الماضي، تعهّد مرشّح المعارضة للانتخابات الرئاسية كمال كليجدار أوغلو، بترحيل اللاجئين خلال عام إذا أصبح رئيساً.

هذا الأمر شجّع بعض الأتراك الى إساءة التعامل مع العرب الذين تُقدّر أعدادهم بنحو 7 ملايين نسمة، بينما يشكل السوريون أكثر من 3.5 مليون لاجئ، وفق أرقام رسمية.

بعد الانتخابات وعقب الخطة التي أعلنها وزير الداخلية التركية، علي يرلي قايا، لضبط واعتقال المهاجرين غير الشرعيين، فإن تلك الاعتداءات اللفظية والجسدية ضد السياح العرب زادت بصورة جليّة.

وقام سياسيون محسوبون على المعارضة بالتوجه إلى مناطق توجد فيها محلات سورية في ولايات جنوبية لانتقاد ما وصفوه بسيطرة الثقافة العربية، مطالبين الباعة السوريين باستخدام الألفاظ التركية وليس العربية، ونزع بعضهم اللافتات المكتوبة باللغة العربية لبعض المحلات.

وفي إزمير التي تعد أبرز معاقل حزب الشعب الجمهوري المعارض- حمّل رئيس البلدية تونج سوير المهاجرين في المدينة مسؤولية التسبب بانتشار التلوث فيها.

ورداً على ذلك، اتهم أيوب قدير إنان، رئيس الذراع الشبابية لحزب العدالة والتنمية والنائب عن إزمير، سوير "بالتذرع بالسوريين لتبرير تقاعسه".

لا يفكر مظهر العلي في العودة إلى تركيا مجدداً، بعد الموقف الذي تعرض له، وعلى الأرجح إن ذلك القرار أتخذه عدد كبير من السياح العرب، إذ ألغي نحو ٦٠٪ من حجوزات العرب هذا الموسم وفق منصة "TR99" التركيّة.

وفيما اقتصرت الإجراءات الحكومية تجاه ممن يمارسون العنصرية، على الإدانة والاستنكار، خرج الرئيس أردوغان بخطاب حازم يتوعد به بمرحلة جديدة في مواجهة العنصرية المتفاقمة ضد الأجانب.

وقال المستشار السابق لحزب العدالة والتنمية، ياسين أقطاي، "البلد غير الآمن للاجئيه لن يكون آمناً لمواطنيه".

تنص المادة العاشرة من الدستور التركي أن الجميع سواسية أمام القانون، دون أي تمييز على أساس اللغة أو العرق أو اللون أو الجنس، أو الفكر السياسي أو المعتقد الفلسفي أو الدين أو المذهب أو أسباب مماثلة.

وبحسب المادة " 216" من قانون العقوبات التركي، يعاقب بالسجن من سنة إلى ثلاثة سنوات من حرض علانية شريحة من السكان ذات خصائص مختلفة، من حيث الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو المذهب أو المنطقة، على الكراهية والعداوة ضد شريحة أخرى من السكان، ما يتسبب بوجود خطر واضح ووشيك على السلامة العامة.

ويعاقب أي شخص يهين علناً جزءاً من السكان على أساس الطبقة الاجتماعية أو العرق أو الدين أو الطائفة أو الجنس أو الاختلافات الإقليمية، بالسجن لمدة تتراوح بين ستة أشهر وسنة واحدة.

كما يعاقب بالحبس من ستة أشهر إلى سنة واحدة، من أهان علانية القيم الدينية التي يتبناها جزء من الجمهور، إذا كان الفعل مناسباً للإضرار بالسلم العام.