سياسة
توقع الرئيس الأميركي، جو بايدن، هذا الأسبوع، أن يحافظ رئيس مجلس النواب على التزامه بتأمين الدعم اللازم لأوكرانيا، ولكن مع الإطاحة بكيفين مكارثي، أصبحت المساعدات على المحك.
تضيف الإطاحة التاريخية برئيس مجلس النواب، كيفن مكارثي، المزيد من عدم اليقين إلى آفاق المساعدات الأميركية لأوكرانيا، بعد استبعاد دعم كييف من مشروع قانون تمويل الحكومة الأميركية الأخير، مما ترك، بايدن، يعتمد على رئيس مجلس النواب الجمهوري للتوصل إلى صفقة منفصلة، وفق الغارديان البريطانية.
اتصل بايدن، الثلاثاء، بقادة دول حليفة للولايات المتحدة لتأكيد استمرار بلاده في دعم أوكرانيا، لكن البيت الأبيض حذّر من أنّ المساعدات ربما تنقطع في غضون أشهر ما لم يوافق الجمهوريون على تمويلها، وفق فرانس برس.
فهل تؤدي الإطاحة بمكارثي إلى الإطاحة بالمساعدات لأوكرانيا؟ وماذا لو انقطعت المساعدات الأميركية بالفعل؟ وأي دور يلعبه بايدن اليوم؟
كانت توقعات بادين، في نهاية الأسبوع، وردية بالنسبة لمساعدات واشنطن لكييف، إذ قال إن الدعم الأميركي لأوكرانيا لا يمكن أن ينقطع "تحت أيّ ظرف من الظروف" وإنّه يتوقع تماما من مكارثي أن يحافظ على التزامه بتأمين الدعم اللازم لمساعدة أوكرانيا في الدفاع عن نفسها "ضدّ العدوان الروسي".
أصبحت الحاجة إلى تعزيز الدعم لكييف أكثر إلحاحا، حيث قال الأدميرال روب باور، أكبر مسؤول عسكري في حلف شمال الأطلسي، الثلاثاء، إن المخزونات بدأت بالنفاد، حسب ما نقلت الغارديان.
أمام هذا الواقع أفاد البيت الأبيض الثلاثاء، أنّه واثق من أنّ الولايات المتحدة ستقدّم في نهاية المطاف المزيد من المساعدة لأوكرانيا، بغضّ النظر عن مصير رئاسة مكارثي، ولكن مع خروجه، تحوّل الاهتمام الآن إلى من سيخلفه، وخصوصا في ضوء هذه المعطيات:
أجرى بايدن اتصالا، صباح الأربعاء، مع حلفاء الولايات المتحدة الأميركية لتنسيق الدعم "المتواصل لأوكرانيا"، حسب ما جاء في بيان للبيت الأبيض أوضح أن "الاجتماع شارك فيه قادة كندا وألمانيا وإيطاليا واليابان وبولندا ورومانيا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي، إضافة إلى وزيرة الخارجية الفرنسية".
واجه بايدن ضغوطا لتهدئة مخاوف الحلفاء بعدما توصل الكونغرس الأميركي في اللحظة الأخيرة، السبت، إلى اتفاق على الميزانية يتيح تجنب الإغلاق الحكومي. وبقيت المساعدات الجديدة لأوكرانيا خارج هذا الاتفاق، بضغط من الجناح المتشدد في الحزب الجمهوري، حسب فرانس برس.
سارع حلفاء الولايات المتحدة للتأكيد على وقوفهم إلى جانب بايدن الذي تُعدّ بلاده أكبر مزوّد لأوكرانيا بالمساعدات.
استغل الكرملين التجاذب السياسي الراهن في واشنطن للتصويب على الدعم الغربي لأوكرانيا في الحرب التي بدأت أواخر فبراير 2022.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، الإثنين، إن "التعب من الدعم العبثي تماما لنظام كييف سيزداد في بلدان مختلفة، لا سيما في الولايات المتحدة".
وردّت نظيرته الأميركية كارين جان-بيار بالقول "إذا كان بوتين يعتقد أنّه يستطيع الصمود أكثر منّا فهو مخطئ"، مضيفة أنّ هناك تحالفا غربيا كبيرا يدعم أوكرانيا ضدّ الغزو الروسي.
وأشارت إلى أنّ الولايات المتحدة ستعلن قريبا مساعدة جديدة للقوات المسلحة الأوكرانية من ضمن ميزانية بقيمة 113 مليار دولار سبق أن أقرّها الكونغرس.
إلا أنّ الاتفاق بشأن الانفاق الحكومي قد يعلّق إجراءات إقرار حزمة مساعدات جديدة لكييف بقيمة ٦ مليارات. والولايات المتحدة هي أبرز الداعمين لأوكرانيا في مواجهة الغزو الروسي، وبفارق كبير عن الدول الغربية الأخرى.
وقدّر مستشار الأمن القومي الأميركي، جايك ساليفان، مؤخرا المساعدات العسكرية التي قدمتها واشنطن لكييف بزهاء 47 مليار دولار، حسب الوكالة الفرنسية.
يحذّر خبراء من أن القوات الأوكرانية ستواجه قريبا نقصا في الذخيرة والمعدات الرئيسية إذا نجح الجمهوريون المناصرون لترمب في وقف المساعدات العسكرية الأميركية لكييف.
وقال المستشار في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية مارك كانسيان "سيكون الأمر مدمرا بالنسبة إلى الأوكرانيين" إذا توقفت المساعدات الأميركية. وأضاف "سيضعف الجيش الأوكراني ثم قد ينهار في نهاية المطاف"، وفق فرانس برس.
زوّدت الولايات المتحدة كييف ترسانة ضخمة من الأسلحة لمساعدتها في القتال واستعادة الأراضي التي سيطرت عليها روسيا، وهي تتضمن خصوصا ذخائر أسلحة خفيفة وقذائف مدفعية وقاذفات صواريخ متطورة ودبابات ومعدات إزالة ألغام.
وأوضح كانسيان "تحتاج الجيوش في الحروب إلى تدفق مستمر للأسلحة والإمدادات والذخيرة لتحل مكان ما دُمّر واستُنفد".
وحسب فرانس برس، إذا قُطعت المساعدات الأميركية تماما، وهو أمر يصر البيت الأبيض على أنه لن يحدث، فإن التأثير لن يكون فوريا، إذ إن المساعدات المعلنة في السابق ما زالت ستسلّم لأوكرانيا.
وتابع كانسيان "قد تمر أسابيع قبل أن نرى تأثير ذلك على ساحة المعركة"، وقد لا يكون بإمكان موسكو الاستفادة من الوضع لأن "الروس مرهقون للغاية في هذه المرحلة".
بدأ ستيف سكاليز، زعيم الأغلبية في مجلس النواب، في إجراء مكالمات مع زملائه الجمهوريين، وفق وول ستريت جورنال، التي أشارت أن الجمهوري من ولاية لويزيانا يُعدّ اختيارا واضحا للمنصب باعتباره الزعيم رقم 2 الذي يتمتع بالعلاقات اللازمة في الحزب. ويتلقى حاليا العلاج من سرطان الدم، لكنه أشار الثلاثاء إلى أنه يشعر بصحة جيدة.
المشرعون المحتملون الآخرون الذين يمكنهم المشاركة في السباق، سوط الأغلبية في مجلس النواب بالولايات المتحدة، توم إمر، وجيم جوردن، وكيفن هيرن الذي يقود كتلة تضم أغلبية من الأعضاء الجمهوريين، وتشيب روي، المحافظ الذي صوت لإنقاذ مكارثي، حسب وول ستريت جورنال.
وسيتعين على الرئيس التالي أن يتغلب على الضغوط التي تمارسها إدارة بايدن وقيادة مجلس الشيوخ لإرسال المزيد من المساعدات إلى أوكرانيا، رغم تراجع الدعم من الجمهوريين في مجلس النواب، وفق الصحيفة الأميركية.
وكان مكارثي اقترح أن تمويل أوكرانيا من الممكن أن يقترن بتشديد الإجراءات الأمنية على الحدود لحشد المزيد من دعم الحزب الجمهوري في مجلس النواب، والآن سيتعين على الرئيس التالي أن يتعامل مع المتشددين من الحزب الجمهوري ومجلس الشيوخ الذي يسيطر عليه الديمقراطيون.
كتب الصحافي بول كين في واشنطن بوست، أن مكارثي تعلّم درسا مؤلما، هناك ثمن يجب دفعه مقابل المساعدة في إشعال النار في المجلس ثم طلب المساعدة لإطفاء مكتبه.
قضى الجمهوري من كاليفورنيا ٩ أشهر رئيسا لمجلس النواب يحاول تهدئة مجموعة من الجمهوريين اليمينيين المتشددين، والرضوخ لمطالبهم بطرق تضرّ بمجلس النواب كمؤسسة. وفي النهاية، لم يرضوا أبدا وانقلبوا على مكارثي، وبدأوا التصويت الثلاثاء لطرده من منصب رئيس البرلمان.
وبحلول وقت متأخر من الإثنين، بعد أن أعلن عدد كاف من الجمهوريين عن نواياهم، كان من الواضح أن مكارثي لن يتمكن من الفوز فقط من أصوات حزبه، لذا لجأ إلى الديمقراطيين ليطلب المساعدة في إخماد نيران التمرد الداخلي للحزب الجمهوري الذي ساعد في إشعاله، وفق كين.
"لا أحد يثق في مكارثي"، وفق ما قالت النائبة براميلا دجيابال، الديمقراطية من واشنطن بعد جلسة التصويت.
ويروي كين كيف أشفق على مكارثي بعض الديمقراطيين "بعد كلّ جهوده لاسترضاء مجموعة من المتشددين اليمينيين. وقال الديمقراطيون إنه على مكارثي أن يدفع ثمن الكثير من الوعود والتراجع عنها".
© 2025 blinx. جميع الحقوق محفوظة