الدولار والعراق.. آخر العلاج "التهريب"

آخر الحلول العراقية لمواجهة أزمة الدولار، كانت حصر التعاملات الداخلية بالدينار دون استعمال الدولار، باستثناء الأموال التي تقدم للمسافرين عند رغبتهم، وكذلك أكد البنك المركزي العراقي مضيه في الاستغناء عن التحويلات الخارجية.

يقف في وجه هذه المحاولة، تاريخ طويل من القرارات الحكومية السابقة التي لم تفلح في تخفيض سعر الصرف الرسمي المعتمد إلى 1320 دينار للدولار الواحد، بعد أن كان 1470 دينار.

محافظ البنك المركزي علي العلاق يقول إن سياسته المالية نجحت في خفض التضخم، والحفاظ على المستوى العام للأسعار من خلال أهم المؤشرات بالنسبة للتضخم الذي شهد انخفاضاً، مستدلا على ذلك بالحفاظ على المستوى العام للأسعار، بحسب تصريحه لوكالة الأنباء العراقية.

يكشف العلاق أن نسبة دخول المستوردين إلى المنصة الإلكترونية للحصول على الدولار شهدت ارتفاعا من 20 إلى 95 %.

عبد الله عمر، يحاول سحب أمواله بنفس العملة التي أودعها، لكنه فشل.

تمتنع المصارف حالياً عن السماح بسحب الأموال بالدولار تحت ذريعة عدم وجود السيولة، بينما تقول مصادر لـ بلينكس تلك المصارف وجود توجيهات من البنك المركزي بتقليل الحصص اليومية للسحب بالدولار وصولا إلى العام المقبل، حيث سيمنح من يطلب مبلغا من حسابه بالدولار ما يعادله بالدينار وفق السعر الرسمي 1320 دينار للدولار الواحد، وفق المصادر.

في المقابل، يُعرب قصي عبدالله عن فرحه لسفره إلى لبنان وتركيا دون مقابل، أو مقابل سعر بخس لا يذكر.

يوضح عبدالله أن الكثير من شركات السفر والسياحة في بغداد تدعو الناس للسفر مقابل شرط هو أن يقوموا بتحويل الأموال لصالحها عند المطار من دينار إلى دولار.

يحكي عبدالله عن تجربته لـ بلينكس إن أول سفرة له مع تلك الشركات كانت إلى لبنان، ولم يدفع أي مبلغ لقاء السفر مع إحدى تلك الشركات، حيث تكفلت الشركة بدفع أسعار التذكرة والإقامة الفندقية والجولات السياحية، مقابل أن تمنحه أموالا عراقية يستبدلها بالدولار في المطار بالسعر الرسمي، ثم يسلمها إلى مندوب الشركة عند وصوله إلى بيروت.

يسمح البنك المركزي للمسافر العراقي بالحصول على مبلغ 3 آلاف دولار بالسعر الرسمي داخل المطار، مقابل إشهاره تذكرة السفر والفيزا المطلوبة عند صالة الركوب إلى الطائرة.

لكن الكثير من شركات السياحة بدأت تستغل هذا الأمر للحصول على الفرق المادي، حيث يصل فرق الربح بين سعر الصرف الرسمي وسعره في السوق الموازي إلى قرابة 600 دولار، وأحياناً تستغله لتهريب الدولار إلى خارج العراق وبسعر رسمي.

ليست أبواب المطارات هي المكتظة بالباحثين عن فرق سعر الصرف وحسب، فعلى أبواب شركات الصيرفة والتحويلات المالية في بغداد يتجمهر العشرات يومياً لتحويل الأموال لأقاربهم خارج العراق وإعادة تحويلها لهم والحصول على ربح صافي دون عناء.

يقول محمد علي (اسم مستعار)، إنه يقف في طابور طويل بين فترة وأخرى لأيام بانتظار دوره في تحويل مبالغ مالية إلى أخته في تركيا.

ويقوم بإيداع الأموال بالدينار العراقي وحسب السعر الرسمي للصرف، بينما يصل المبلغ بالدولار إلى أخته، التي تقوم بإعادة ارسال المبلغ بالدولار له مع أي مسافر قادم إلى العراق من المعارف والأقارب، ليقوم من ثم بصرفه في السوق الموازي ويحصل على فرق ربح يتجاوز الـ1000 دولار دون عناء.

خطوة البنك المركزي بحصر التعامل الداخلي بالدينار يراها اقتصاديون بأنها خطوة جيدة وتسهم في ترصين النظام بعد عدم نجاح الحلول الأخرى.

لكنهم في المقابل يطالبون بالبحث عن أصل المشكلة، وهي هروب الدولار المسافر وغيره من العراق إلى الدول المعاقبة من قبل الولايات المتحدة عبر المسافرين، أو شراء البضائع، أو التحويلات، أو غيرها من الطرق التي تلقي بظلالها على السياسية المالية للعراق.

الخبير الاقتصادي والمصرفي صفوان قصي قال إن البنك بحاجة لإبعاد الشركات الوهمية والفواتير الوهمية للشراء وإيقاف التحويلات الوهمية قبل الاتجاه إلى العلاج بالكي وحصر التعامل بالدينار داخلياً.

قصي لم ينف أن الخطوة جيدة وتضغط أكثر على اللاعبين في السوق الموازي في استغلال الدولار النقدي المقدم للتعاملات الداخلية من أجل تهريبه بطريقة أو أخرى، لكنها ممكن أن يكون لها تبعات ليست بالقليلة ولاسيما على أسعار المواد الاستهلاكية والغذائية.

في العام 2020، ونتيجة الظروف المالية الصعبة الناجمة عن انخفاض سعر النفط والظروف الصحية الناجمة عن جائحة كورونا، اتخذت حكومة الكاظمي السابقة قراراً برفع سعر الصرف للدولار أمام الدينار من 1120 إلى 1470 ديناراً للدولار الواحد، وتمت المصادقة عليه من مجلس النواب عبر الموازنة العامة لعام 2021.

هذا القرار نال على سخط شعبي كبير وتضررت جراءه الكثير من الطبقات الفقيرة والمتوسطة، لكن الحكومة بررت بأنها مجبرة على ذلك.

وبعد ثلاثة أشهر من تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، صوّت مجلس الوزراء في فبراير من هذا العام، على تعديل سعر الصرف ليكون 1300 دينار للدولار الواحد.

لكن ورغم هذا القرار ومضي قرابة سنة من عمر الحكومة عليه، إلا أن سعر صرف الدولار في السوق لم يتراجع وشهد تذبذبات عدة وصل فيها سعر الصرف أحياناً إلى أكثر من 1600 دينار أمام الدولار.