جدار برلين لا يزال قائما.. ما خطورة ذلك على المهاجرين العرب؟

منطقياً، الألمان الذين عايشوا فترة تقسيم بلدهم لشرق وغرب وجربوا معاناة العيش في الجزء الشرقي ينبغي أن يكونوا الأكثر تفاؤلاً بانهيار الجدار الذي منعهم من الوصول للجزء الغربي الغني وأن يتغنوا بالوحدة بين الجانبين.

لكن من كانوا شباباً في ثلاثينات وأربعينات عمرهم وقت انهيار الجدار هم الأكثر ميلاً اليوم لتبني نظرة سوداوية تجاه الوحدة في ألمانيا. فنحو 69% ممن تزيد أعمارهم عن 60 عاماً يرون باستمرار اتساع الفروق بين الجانبين، بحسب الدراسة.

علاوة على ذلك، يعتبر ناخبو تحالف اليسار الوسطي الحاكم حالياً برئاسة المستشار الألماني أولوف شولتز هم الأكثر تشاؤماً حول الانقسامات بنسبة 71%.

هذه النتائج تعتبر مقلقة بالمقارنة بآخر دراسة مماثلة في عام 2019، والتي أظهرت في حينه أن 51% من الألمان يعتقدون أن وحدة بلادهم مستمرة ومتزايدة، مقارنة بـ45% ممن يرون بوجود المزيد من الانقسام.

"هل ترى أين كانت الحدود؟ إذا نظرت لمعدلات البطالة، سترى الجدار ما زال قائماً. إذا نظرت لمعدل الدخل أو الثروة فسترى الجدار" هكذا قالت عضوة البرلمان الألماني أنكي دومشايت بيرج المنحدرة من ألمانيا الشرقية.

ألمانيا هي أكبر الاقتصادات الأوروبية منذ العام 1980، وأحد أبرز الدول الصناعية المتقدمة حول العالم ما أكسبها لقب دولة الماكينات. لكن إذا نظرت للجزء الشرقي منها فستراه أنه أكثر شبهاً بالمناطق الريفية.

سكان الجزء الشرقي رواتبهم أقل من نظرائهم في غرب ألمانيا، فمعدل رواتب الألمان الشرقيين يبلغ 34 ألفا و754 دولار سنوياً، بينما معدل الرواتب القومي لعموم الألمان هو 48 ألفا و653 دولار سنوياً.

الألمان الشرقيون أقل حظاً في الوصول لأعلى المراتب الوظيفية في الدولة في مختلف القطاعات السياسية والاقتصادية والثقافية بالمقارنة بمواطني الجزء الغربي. وأكبر ثلاثين شركة ألمانية جميعهم متواجدون في الجزء الغربي أيضاً، ما يعني انخفاض الفرص الوظيفية للألمان الشرقيين.

بطالة أكثر.. نمو أقل

النمو الاقتصادي في الشرق أبطأ من الغرب، وكذلك الإنتاجية في الجزء الشرقي أقل من نظيرتها الغربية. نسبة البطالة في ألمانيا الشرقية هي 7.1% في مقابل نسبة بطالة 5.3% في الجزء الغربي في شهر يوليو الماضي.

علاوة على ذلك، نحو 1 من كل 5 ألمان يسكنون في الجزء الشرقي على الرغم من أنه يشكل ما يقارب ثلث مساحة ألمانيا، ومعدل نمو سكان الجزء الشرقي سلبي وفي انخفاض مستمر.

الظروف القاسية في الجزء الشرقي تؤجج ظاهرة "نزيف الأدمغة" أي هجرة العقول النيرة وأصحاب الموارد المالية والطاقات الشابة نحو غرب ألمانيا، ما يعني إدخال الجزء الشرقي في حلقة مفرغة من الأزمات.

شعور سكان الجزء الشرقي في ألمانيا بالتهميش وعدم المساواة والتخلف عن غربي ألمانيا له عواقب سياسية وخيمة، أبرزها هو ارتفاع شعبية حزب "البديل من أجل ألمانيا" العنصري الكاره للمهاجرين والمسلمين في ألمانيا الشرقية.

الحزب يستغل مشاعر السخط في الشرق للقول إن الدولة تعامل الألمانيين الشرقيين "كمواطنين من الدرجة الثانية"، كما يحاول الحزب اليميني المتطرف تخويف الناخبين الألمان بفزاعة المهاجرين بالقول إنهم سيدمرون ثقافة واقتصاد البلاد.

الحزب معاد للإسلام بشكل صريح، ويتبنى شعار "الإسلام ليس جزءاً من ألمانيا"، ويدعو لحظر الرموز الإسلامية كالحجاب والنقاب والأذان ومآذن المساجد، كما ويقول إن المسلمين غير مرحب بهم.

كما ينادي الحزب بمنع تدفقات الهجرة واللاجئين ويدعو لقبول أعداد ضئيلة جداً من المهاجرين أصحاب المهارات العالية فقط، ويرى أن حل مشكلة تباطؤ النمو السكاني يكمن في حث الألمان على إنجاب أطفال أكثر بدلاً من الاستعانة بالمهاجرين.

في الانتخابات الألمانية البرلمانية الأخيرة في 2021، فاز حزب البديل من أجل ألمانيا بنحو 12,6% من المقاعد البرلمانية، لكن استطلاعات الرأي تظهر ارتفاع شعبيته على نحو يخيف الحكومة الألمانية، حيث من المتوقع أن يحصل على 22% من الأصوات في انتخابات 2025 ما قد يجعله ثاني أكبر حزب سياسي في البرلمان متفوقاً على الحزب الديمقراطي الاجتماعي الألماني الحاكم بفارق 4%.