أين قادتنا؟.. أسئلة في مستشفيات إسرائيل "بلا إجابة"

حتى اللحظة أطلقت حماس وغيرها من الفصائل في غزّة أكثر من 4000 صاروخ محلي الصنع استهدفت معظم إسرائيل، من ديمون وبئر السبع جنوباً حتى تل أبيب شمالاً.

لذلك، وزير الأمن الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير سارع لإعلان حالة الطوارئ في عموم البلاد منذ يوم السبت.

استمرار إطلاق الصواريخ من غزة وصعوبة القدرة على التنبؤ بتوقيت تلك الصواريخ أو وجهتها النهائية الدقيقة، ترفعان من مخاطر الخروج للشوارع أو التنقل حول إسرائيل في هذا الوقت. خاصة في ظل عدم قدرة القبة الحديدة على إيقاف جميع الصواريخ الصادرة من غزّة، والتي تسبب بعضها في تدمير منازل وشقق سكنية وأسقط قتلى إسرائيليين.

في الواقع، أحد المستشفيات التي استقبلت العديد من جرحى عملية حماس، مستشفى برزيلاي، تعرضت للأضرار نتيجة الصواريخ القادمة من غزّة.

لذلك، القادة الإسرائيليون يبدو أنه ينتابهم الخوف على أمنهم الشخصي من التوجه للميدان حتى اللحظة.

كيف تمكنت حماس من اختراق الشريط الحدودي المزود بأحدث أنظمة المراقبة والدفاع؟ وكيف استطاعت الوصول لقلب المدن الإسرائيلية بدراجات نارية وعربات دفع رباعي والتجول بحرية؟ كيف نجحت في الاستيلاء على القواعد العسكرية المحيطة بغزة زيكيم وكيسوفيم وإيرز ورعيم؟

أين كان الجيش الإسرائيلي في هذه الأثناء؟ لماذا تأخر وصول الجيش للمنطقة لخمس ساعات كاملة؟ كيف استطاعت حماس وغيرها من الفصائل الفلسطينية سحب أكثر من 130 أسير والاستيلاء على مركبات مدرعة للجيش والعودة بها لغزة بسلامة؟

هذا ملخص الأسئلة التي تدور في الصحافة العبرية وأذهان الجمهور الإسرائيلي منذ يوم السبت، حيث يتكهن بعض الخبراء الإسرائيليين بأن حجم الإخفاق الاستخباري والعملياتي في تلك الواقعة قد يطيح بمستقبل نتنياهو السياسي وحلفائه بعد انتهاء جولة الحرب في غزّة.

الحكومة الإسرائيلية الأكثر يمينية في تاريخ البلاد، وصلت للحكم بوعود باسترداد الأمن والأمان. لكن الإخفاق "الكارثي" كما وصفته الصحافة الإسرائيلية يقوّض صورة الحكومة الحالية بشكل كامل في أعين الجمهور.

لذلك، يظن بعض الإسرائيليين بأن قادة حكومتهم يخشون الظهور الإعلامي أو الميداني لكيلا يواجهوا تلك الأسئلة الصعبة والتوبيخ واللوم بترك الجنوب وحيداً.

الصحفي في هآرتس عامير تبون كان أحد الإسرائيليين الذين اختبأوا في بيوتهم يوم السبت، بينما دخلت قوات حماس للكيبوتس. عامير وزوجته وأطفاله هرعوا للهروب لأحد غرف المنزل والاختباء بينما استمرت أصوات إطلاق النار في الاقتراب إلى أن أصبحت بجانب حائط البيت.

الصحفي يقول إنه بقي على هذا الحال لأكثر من 10 ساعات، حتى الساعة الرابعة عصراً. المفاجأة لعامير هو أن الجيش لم يكن من أخرجه وعائلته من مخبأهم بعد كل هذا الوقت، بل كان والده الجنرال المتقاعد البالغ من العمر 62 عاماً، والذي اصطحب معه مجموعة من الضباط المتقاعدين والاحتياط في طريقه للكيبوتس للوصول لابنه والاشتباك مع المجموعة المسلحة.

هذا الأمر دفع عامير لمهاجمة الحكومة الإسرائيلية، قائلاً بأن نتنياهو أنفق مليارات الدولارات على سياج غزّة الفاصل والجدار المانع تحت الأرض لسد أنفاق حماس، وبعد كل هذا وصل المقاتلون لمحيط منزله على ظهر عرباتهم الخاصة بكل سهولة، بينما خذلتهم دولة إسرائيل.

هذا أحد الأسئلة الصعبة التي يوجهها الإسرائيليون الآن لقادتهم: ما جدوى إنفاق المليارات على ذلك الجدار الفاصل إذا كان انهياره بهذه البساطة؟ وهو سؤال لا تجد له القيادة الإسرائيلية أي إجابة حتى اللحظة.

حماس قالت إن المزيد من قواتها ما زالت تواصل دخول إسرائيل والاشتباك مع الجيش الإسرائيلي في اليوم الثالث للحرب، لكن الجيش الإسرائيلي أدعى بأنه استعاد الهدوء لمناطق الجنوب وتمركزت قواته على نقاط الاختراق في السياج الفاصل.

الصحفي الإسرائيلي المخضرم شلومي إلدار قال إنه تحدث مع مصادر رفيعة المستوى في المنظومة الأمنية وأنه "حتى الآن لا توجد حدود مغلقة بين إسرائيل وغزة. هذا هو الوضع." أي أن دخول وخروج حماس من القطاع المحاصر أمر جائز، وأن إسرائيل حتى اللحظة لا تسيطر بشكل حقيقي على الحدود وغير قادرة على تحديد مكان دخول وخروج قوات حماس.

بعض الإسرائيليين يخشون أن يكون عناصر من حماس مختبئة منذ توقيت العملية صباح السبت في المدن الإسرائيلية المختلفة، وأنهم قد يخرجوا لمهاجمة الإسرائيليين لاحقاً. لذلك، قوات الأمن الإسرائيلي مرتبكة وقامت يوم الأحد بقتل إسرائيلي بنيران صديقة على الطريق 34 بعد الاشتباه في كونه فلسطينياً مسلحاً.

لذلك، هذا الخوف العام وعدم وضوح المشهد الأمني الميداني قد يدفعان بالمسؤولين الإسرائيليين للابتعاد عن نقاط التماس.