بايدن ونتنياهو.. ما تفرقه السياسة تجمعه الحرب

الخلاف بين نتنياهو وبايدن يعود إلى العام ٢٠١٥، حينها تولى الأخير منصب نائب الرئيس في إدارة باراك أوباما التي كانت على وشك ترسيخ اتفاقها النووي مع إيران، وحاول نتنياهو عرقلة ذلك الاتفاق بلا فائدة.

وجد رئيس الوزراء الإسرائيلي غايته في اتجاهات شخص آخر، ظهر في المشهد السياسي في العام ٢٠١٦، وهو الرئيس السابق دونالد ترمب الذي تلاقت أفكاره مع نتنياهو، بل وعزز دعمه للحكومة اليمينية الإسرائيلية بسياسات شديدة التأييد لإسرائيل.

لكن نتنياهو تجنب الانحياز إلى أحد الجانبين أثناء الحملة الرئاسية الأميركية.

على السطح، يصف بايدن نفسه بأنه "صهيوني" وتحدث هو ونتنياهو عن صداقة طويلة بينهما، لكن بايدن أمضى شهورا دون التحدث مع نتنياهو هذا العام، ولم يكن الزعيم الإسرائيلي سعيدا بذلك، لأنه لم يعقد اجتماعا مباشرا مع بايدن حتى 20 من سبتمبر الماضي، ولم يكن ذلك الاجتماع في البيت الأبيض ولكن في أحد فنادق نيويورك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.

خلال ذلك اللقاء عبر بايدن عن مخاوفه المتعلقة بالحاجة إلى الاستقرار في الضفة الغربية وكذلك بعنف المستوطنين الذي أدى إلى زيادة التوتر مع الفلسطينيين، وفقا لما أكده مسؤول كبير في الإدارة الأميركية.

وقال آرون ديفيد ميلر، خبير شؤون الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، إنه على الرغم من المشكلات بين بايدن ونتنياهو، فإن شعب إسرائيل وأمن إسرائيل متأصلان بعمق في "الحمض النووي لبايدن".

وأضاف: "بايدن لا يحب بيبي (نتنياهو)، لكنه يحب دولة إسرائيل وشعب إسرائيل وسيفعل كل ما في وسعه لحماية شعب إسرائيل".

بعد هجوم حماس، وهو الأكثر قوة منذ الحرب التي شنتها مصر وسوريا في أكتوبر قبل 50 عاما، وضع بايدن الخلافات جانبا في مكالمات هاتفية متعددة مع نتنياهو، قائلا إن فريقه سيعطي إسرائيل "كل ما تحتاجه لمحاربة حماس"، بحسب مسؤول كبير في الإدارة الأميركية.

وأكد بايدن لنتنياهو الدعم الأميركي "القوي" وسارع لتعزيز الترسانة العسكرية الإسرائيلية وأرسل مجموعة حاملة طائرات هجومية بالقرب من إسرائيل في عرض كبير للدعم.

ولم يقل بايدن في تصريحاته العلنية بعد أن على إسرائيل إظهار ضبط النفس في ردها العسكري ولم يعبر عن قلق الولايات المتحدة تجاه الشعب الفلسطيني، الأمر الذي عادة ما يكون جزءا من ردود فعل البيت الأبيض خلال الأزمات السابقة.

وقال البيت الأبيض عن اتصال هاتفي ثان أجراه بايدن مع نتنياهو الأحد الماضي: "أكد الرئيس على أنه لا يوجد أي مبرر للإرهاب، ويجب على جميع الدول الوقوف متحدة في مواجهة مثل هذه الفظائع الوحشية".

أفاد مسؤولون في الإدارة الأميركية أيضا إن بايدن وجه أفراد فريقه للتواصل مع نظرائهم في الخليج والدول المجاورة لمحاولة منع الانزلاق إلى حرب أوسع نطاقا، مع التركيز بشكل خاص على منع ميليشيا حزب الله اللبنانية المدعومة من إيران من فتح جبهة ثانية على الحدود الشمالية لإسرائيل.

بينما يبدو أن بايدن أطلق يد نتنياهو في الوقت الحالي، فإن الخلافات فيما يتعلق بالسياسات لا تزال قائمة وربما يغير الرئيس الأميركي موقفه إذا ارتفع عدد القتلى في غزة بشكل أكبر واستمر القتال، وذلك وفقا لآراء خبراء في السياسة الخارجية.

وقال جوناثان بانيكوف، وهو مسؤول كبير سابق في المخابرات الوطنية الأميركية لشؤون الشرق الأوسط ويعمل حاليا في مركز أبحاث المجلس الأطلسي: "في نهاية المطاف، إذا استمر الصراع لأسابيع أو شهور، فإن عددا من حلفاء الولايات المتحدة سينفد صبرهم ويطالبون علنا بإنهائه. عند هذه النقطة، قد ترى قناة خلفية أميركية (للتواصل) مع إسرائيل لمحاولة إقناعها بوضع حد للقتال".

يواجه بايدن كذلك تحديا محتملا يتمثل في تأمين إطلاق سراح عدد غير معروف من الأميركيين المفقودين الذين ربما وقعوا أسرى في أيدي مقاتلي حماس، كما يواجه بايدن في الداخل ضغوطا أخرى، حيث يتهمه جمهوريون متعصبون في الكونغرس بتشجيع إيران من خلال اتفاق في الآونة الأخير لتبادل سجناء، وهو ما ينفيه مساعدو الرئيس بشدة.

وقال السيناتور الجمهوري توم كوتون، في برنامج على قناة فوكس نيوز: "إذا كان بإمكان الرئيس بايدن الوقوف مع أوكرانيا مهما طال الأمر، فإنني آمل أن يتمكن من الوقوف مع إسرائيل مهما طال الأمر".

وقبل الهجمات كان بعض الديمقراطيين يطلبون من بايدن التدقيق فيما إذا كانت إسرائيل تستحق حزمة المساعدات العسكرية التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات التي تتلقاها كل عام، ويدعونه إلى بذل المزيد من الجهد من أجل الفلسطينيين.

وتُعد جماعة الضغط القوية المؤيدة لإسرائيل، بقيادة لجنة الشؤون العامة الأميركية الإسرائيلية (ايباك)، قوة رئيسية في السياسة الأميركية، وغالبا ما تدعم نتنياهو، ومن المتوقع أن تلعب دورا في انتخابات عام 2024.