"خط أزرق" بين لبنان وإسرائيل.. هل يُفجر حربا جديدة؟

تُعرّف الأمم المتحدة الخط الأزرق على أنه "خط الإنسحاب" الذي تمّ تحديده عام 2000 بغرض تأكيد إنسحاب الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية بما يتفق مع قرار مجلس الأمن رقم 425 الصادر عام 1978.

يبلغ طول الخط الأزرق 120 كيلومتراً ويتضمن 282 نقطة في حين أنه يضمّ 282 برميلاً مثبتاً ضمنه.

تُقرّ المنظمة الأممية بأنّ الخط الأزرق لا يُمثل الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل التي تم تحديدها عام 1923 بالتنسيق بين الجانبين الفرنسي والبريطاني وتثبيتها في اتفاقية الهدنة عام 1949.

خلال الآونة الأخيرة، جرى الحديث عن مساعٍ لترسيم الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل، وفي أغسطس الماضي، أكد الجيش اللبناني أن "بلاده لا يعنيها ما يُحكى عن ترسيم بري"، مشيراً إلى أن "هذه الكلمة ليست موجودة في قاموس الجيش والحكومة، والحديث يتمحور حول تثبيت الحدود وإظهارٍ لها وليس ترسيمها".

أرسى الخط الأزرق نوعاً من الاستقرار عند الحدود بين لبنان وإسرائيل نظراً لتقليصه بعض الخروقات عند نقاط حدودية مختلفة. وإبان حرب تموز بين البلدين عام 2006، صدر القرار 1701 الذي سعى لضمان عدم حصول توترات على طول الخط الأزرق، وقد تحقق هذا الأمر نسبياً وسط وجود خروقات عديدة.

وإبان تلك الحرب، انتشر الجيش اللبناني إلى جانب قوات حفظ السلام "اليونيفيل" في منطقة جنوب الليطاني وصولاً إلى الخط الأزرق للمرّة الأولى. وفي أواخر العام 2006، بدأت خطوة تحديد علامات الخط الأزرق، إلا أنّ الجانب الإسرائيلي لم يعترف به إلا في العام 2008.

وخلال العام 2018 عمدت تل أبيب إلى بناء جدارٍ فاصل على طول هذا الخط، وهو أمر اعتبره لبنان بمثابة تعدّ على حدوده.

كذلك، قامت إسرائيل ببناء سياج تقنيّ مجهزٍ بأجهزة إلكترونية بمحاذاة الطريق الذي تسلكه الدوريات الإسرائيلية على طول الخط الأزرق. وعلى الأرض، يتطابق هذا السياج مع الخط المذكور في بعض الأماكن لكنه يخرقه في نقاطٍ أخرى.

عبر الخطّ الأزرق، يحصرُ لبنان المناطق المُتنازع عليها مع إسرائيل في 13 نقطة تمتد من مزارع شبعا إلى بلدة رأس الناقورة وهي على النحو التالي: رأس الناقورة، علما الشعب– B13، علما الشعب– BP6/BP7، علما الشعب– B21-B22، البستان مقابل بلدة يارين، مروحين، رميش، يارون– مارون الراس، بليدا، ميس الجبل، عديسة، عديسة كفركلا، والوزاني.

يقولُ الرئيس السّابق للوفد التقني العسكري المفاوض حول الحدود البحرية الجنوبية بين لبنان وإسرائيل، العميد اللبناني بسام ياسين لـ"بلينكس" إنَّ الخط الأزرق لا يُؤثر على منحى الصّراع بين إسرائيل و "حماس"، مشيراً إلى أنّ التوتر الذي بدأ بين لبنان وإسرائيل قبل أيام عقب عملية "طوفان الأقصى"، انطلق من منطقة مزارع شبعا التي تعتبرُ خارج إطار حدود الأزرق.

وأوضح ياسين أنَّ مزارع شبعا هي أرض مُحتلة لا تعترف إسرائيل بلبنانيتها، مشيراً إلى أنَّ القرار 1701 الذي صدر عن الأمم المتحدة عام 2006 لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل إبّان "حرب تموز" أعطى الحق للبنان بتنفيذ أيّ تحرك باتجاه مزارع شبعا كونها أرض محتلة من جهة، وكونها خارج عن إطار الخط الأزرق الذي رُسم عام 2000 من جهة أخرى.

ما قاله ياسين يتقاطع مع إعلان منسق الحكومة اللبنانية مع قوات "اليونيفيل" العميد الركن منير شحادة في أغسطس الماضي، حينما قال إنّ بلاده "لا تعترف بالخط الأزرق الموجود داخل مزارع شبعا المحتلة إسرائيلياً".

يشير ياسين إلى أنَّ مزارع شبعا ليست ضمن النقاط الـ 13 المتنازع عليها بين لبنان وإسرائيل، موضحاً أنّ العمليات التي تجرى ضمن تلك المزارع لا تُمثل خرقاً للقرار 1701 الذي يتحدّد تطبيقه العملي على طول الخط الأزرق.

بالنسبة لياسين، فإنّ القصف الإسرائيليّ الذي طالَ أراضٍ لبنانية تقعُ ضمن إطار حدود الخط الأزرق يُعتبر خرقاً للقرار 1701، ويضيف: "خلال ذاك القصف، قتل الإسرائيليون عناصر لحزب الله، ولهذا السّبب ردّ الأخير بعمليات عسكريّة ضد أهدافٍ إسرائيلية بعيدة عن مزارع شبعا التي لم تعد وحدها في خانة التوتر".

إنطلاقاً من ذلك، يتبين أنّ التوتر بين لبنان وإسرائيل حالياً بات يُعد خرقاً للقرار 1701، ولهذا السبب يتمحور دور "قوات اليونيفيل" في الحفاظ على الاستقرار والهدوء هناك منعاً لتدهور الأوضاع.